الجمعة 2017/09/15

آخر تحديث: 08:01 (بيروت)

بناء لبنان لإعادة إعمار سوريا

الجمعة 2017/09/15
increase حجم الخط decrease

”آمل أن تفتح هذه الزيارة صفحة جديدة في العلاقات الروسية اللبنانية“. ليس كلام رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف بعد لقائه نظيره اللبناني سعد الحريري، عابراً. موسكو اليوم لاعب رئيسي في سوريا، الدولة الأهم استراتيجياً بالنسبة إلى لبنان، ومنفذه البري الأوحد الى العالم العربي. 

كما كان متوقعاً، ناقش الحريري دور لبنان في اعادة اعمار سوريا، مستخدماً الحجج ذاتها مع اضافات غريبة، إذ تحدث عن انشاء ”مطارات“. بإمكان لبنان، وفقاً لرئيس الوزراء اللبناني، أن يُشكل محطة لإعادة إعمار سوريا لأن هناك ”مرفأ طرابلس وخطة للسكك الحديد ومطارات يمكن إنشاؤها“. بكلام آخر، يرغب الحريري في إعادة إعمار لبنان لإعادة إعمار سوريا. واللافت أن أياً من المسؤولين الروس لم يدل بتصريح واحد عن هذا الدور المأمول به، ربما لقناعة ما بأن هناك طريقاً أقصر، سيما أن الجانب اللبناني طلب مساعدة روسية أيضاً في مجال انتاج الكهرباء التي يشتريها حالياً من سوريا.

لكن الحريري، ورغم ذلك، حاول ربط اعادة إعمار سوريا بمجال التنقيب عن النفط والغاز في لبنان. ونقلت وكالة تاس الروسية عن رئيس الوزراء اللبناني كلاماً صريحاً جاء فيه أن للشركات الروسية ”حظاً عظيماً للفوز بعقود النفط، ونبذل كل الجهود اللازمة لتوفير الظروف المطلوبة لذلك“. عملياً، تفوز روسيا بعقود نفطية، وتُمهد في المقابل لدور لبناني في اعادة اعمار سوريا، بعد الاستثمار في البنى التحتية اللبنانية.

في الزيارة، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأكثر وضوحاً، سيما اقتصادياً، إذ شدد على أهمية الاتفاقات التي وقعها الحريري مع نظيره الروسي، لتقوية العلاقات، وتحديداً تعزيز ميزان التبادل التجاري. كما تحدث بوتين بصراحة عن مناقشته الوضع الداخلي اللبناني مع الحريري. والى جانب كلام الرئيس الروسي عن الاقتصاد، برز أيضاً تشكيل لجنة عسكرية مشتركة للبحث في تسليح الجيش اللبناني، علاوة على تعزيز التعاون في ”مكافحة الارهاب“.

لكن كيف ستُترجم هذه العلاقة المستجدة مع روسيا في السياسة؟

مسألتان ظاهرتان حتى الآن.

أولاً، موسكو البوابة الأكثر سلاسة للتطبيع مع دمشق، والأقدر على ممارسة ضغوط على طهران وحلفائها. وللحريري علاقة ثقة قديمة بالجانب الروسي، تعود إلى زمن والده. هذا الدور والثقة يُخوّلان الروس لعب دور في جذب خصوم النظام السوري في لبنان الى دمشق. فإذا كانت موسكو قادرة على التوسط في إبرام هدن وتطبيقها بين مقاتلين سوريين معارضين وبين النظام السوري، لمَ لا تؤدي دوراً مماثلاً في السياسة اللبنانية من جهة، وفي العلاقة بين لبنان وسوريا من جهة ثانية؟

كثرة الخلافات الداخلية اللبنانية، وانكشاف الحريري اقليمياً، قد يكونا عاملين مسهّلين لمثل هذا التدخل او الدور. لكن هل هناك من مصلحة وطنية في ذلك؟ بيد أن موسكو ليست لاعباً خفياً ولا مُهذباً في إظهار مدى نفوذه. ألم تُغلق روسيا المجال الجوي اللبناني في تشرين الثاني عام 2015، من أجل تنفيذ مناورات جوية؟  

ثانياً، جاءت زيارة موسكو تتويجاً لاتساع الوجود والنفوذ الروسيين في لبنان والمنطقة. وهذا ملحوظ للأوساط الدبلوماسية في البلاد. بحسب ديبلوماسية أوروبية، فإن  ”السفارة الروسية وسّعت طاقمها في لبنان منذ فترة، وازداد نشاطها بشكل ملحوظ“، وهذا يعود أيضاً الى ”تراجع الدور الأميركي والأوروبي الغربي“. فموسكو دولة ”مستعدة للمخاطرة والمراهنة“، وهي الآن في صدد حصد ثمار فوزها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها