الجمعة 2017/09/01

آخر تحديث: 17:39 (بيروت)

كعبتنا عامرة بأصنامنا !

الجمعة 2017/09/01
increase حجم الخط decrease

 وقف الداعية المصري عمرو خالد في الحرم المكي، يدعو متباكيا لرواد صفحته، الفانز، الرجال والنساء، الأولاد والبنات، يارب "اللي معانا على الصفحة" يارب .. المشهد كوميدي وعبثي حد الغثيان، خاصة أن الداعية ختم دعاءه إلى رب الفانز بأن يرزقه الإخلاص .. في بلادنا نوصي الذاهبين إلى مكة بالدعاء لنا لدرجة أن بعضهم من كثرة الموصين يكتب أسماءهم في ورقة ليتذكرها في الحرم الشريف، الأستاذ عمرو ابتكر طريقة جديدة، لايك على صفحته تنل دعوة مصورة لايف أمام الكعبة!

الإعلامي المصري أحمد موسى، المجرم بحكم القضاء، السبّاب اللعّان المحرّض على القتل أكثر من مرة، وقف بدوره يبكي أمام الكاميرات، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إلا السيسي والدولة المصرية طبعا، في المحذوف من دعاء المذيع الذي يفتخر أمام الشاشات بكونه مخبر أمن دولة!

خطيب عرفة، وقف ليتحدث إلى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، المسلمون جميعا، يوم يأتي الناس لربهم من كل فج عميق، رفع الخطيب يديه إلى السماء ودعا .. لمن؟ للملك سلمان حفظه الله، دون غيره من حكام الأرض، ومن حكام الشعوب العربية والمسلمة بطبيعة الحال، ووفقا لموازين القوى في المملكة السعودية فقد أثنى الشيخ بالدعاء لولي عهد الملك سلمان، وضعت يدي على قلبي خشية أن يدعو للسيسي وبشار، لم يفعل، توقعت أن يدعو على قطر وتميم بأن يخسف الله بهم الأرض في هذا اليوم الكريم المبارك، لم يفعل، كما أنه لم يدع لدول الحصار، باستثناء السعودية طبعا، صاحبة الحج!

الحج، رحلة البحث عن الذات، عنوان الله، تجاوز قدامة الشرك إلى حداثة التوحيد، أعدناه إلى الوثنية، جردناه من فلسفته، من قيمته، من مضمونه، تماما كما فعلنا بكل الشعائر بل والشرائع، اخترقتها السياسة كما تخترق خلايا الثوار وأجهزتهم الخلوية، وتدس بينهم عملاء الأمن والمخبرين، بات الناس يحجون ليطوفون ويلبون ويرجمون ويتبركون ثم يعودون من حيث أتوا، بلا معنى، بلا هدف، والبركة في حكامنا ومشايخنا ..

بحجة توسعة البيت الحرام هدم حكام آل سعود كل ما يؤسس لشخصية المكان، كل ما يحمل عبقه، وتاريخه، وآثار أقدام من مروا به من الأنبياء والصديقين والصالحين، استبدلوه بالفنادق والأبراج الشاهقة التي جعلت من الحرم مكانا سياحيا يدر آلاف الدولارات على أصحابه في مواسم الحج والعمرة التي تحولت بدورها إلى مواسم للسياحة!!

بشبهة الشرك، وعدم جواز التبرك بالصالحين، واستلهامهم، هدموا أضرحة آل النبي عليهم السلام، هدموا أضرحة أزواج النبي، وأصحابه، وتابعيه، لكنهم لم يهدموا الشرك من نفوس شيوخهم، ونخبهم، التي تدعو لهم على المنابر وتلهج بالثناء على محامدهم على تويتر، أنفقوا على توسعة المكان ولم ينفقوا على توسعة العقول والقلوب، وتنويرها، صار المكان سعوديا بعد أن كان ربانيا، وصارت القلوب والعقول بترودولارية بعد أن كانت عربية إسلامية، فماذا تبقى؟!!

المناسبة العظيمة، سواء لمن حضرها لأداء الشعيرة، أو من تابعها على شاشات التلفزيون بشغف يحلم بيوم الذهاب، تحولت إلى محاولة مستميتة لمقاومة القبح، قبح التسييس، والسعودة، والوهبنة، قبح أحمد موسى وعمرو خالد وشيخ آل سعود على منبر عرفة، وتأمين المنهوب على الدعاء للناهب، قبح الأيام التي لم تجعل للناس منفذا ولا متنفسا يفرون فيه إلى الله خارج أسوار آل سعود وحصارهم للدين والدنيا على السواء...

أتذكر قول الشاعر الهندي العظيم محمد إقبال:

كعبتنا عامرة بأصنامنا

والكفر يضحك من إسلامنا،

مفتينا بالفتوى يتاجر،

وواعظنا إلى بيت الصنم ناظر

أيها المسلم:

لاصلة لك بالقرآن

إلا إذا حضرتك الوفاة،

عندها تتلى عليك سورة يس

لتموت بسهولة.

عجبا!

كتاب نزل إليك ليهبك الحياة؛

يتلى عليك لتموت بسهولة !!




increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها