الإثنين 2017/07/24

آخر تحديث: 00:15 (بيروت)

تحرير عرسال لاحتلالنا

الإثنين 2017/07/24
increase حجم الخط decrease

تُغيّب همروجة الفولكلور الوطنية في الإعلام اللبناني المرافقة لتقدم ”حزب الله“ في جرود عرسال، أسئلة مطروحة عن الثمن السياسي لمثل هذا ”الإنجاز“. ماذا بعد عرسال؟ أو تحديداً، إلى أين ستقودنا ثُنائية الجيش - ”حزب الله“ بعد ذوبان الفارق بين الأخير ولبنان الرسمي؟

قد ينفع في سياق الإجابة عن هذا السؤال، استعراض النتائج السياسية للتقدم الميداني للحزب اللهي خلال السنوات القليلة الماضية. 

أولاً، صرنا كدولة على القائمة الدائمة للعقوبات الأميركية، تماماً كإيران، بما يُهدد اقتصادنا وأمننا المصرفي على المديين المتوسط والبعيد. وهذه العقوبات أضحت موضع بحث وتجديد وتشديد باستمرار وبغض النظر عن هوية الادارة الأميركية والحزب الحاكم في الكونغرس، إذ بدأت في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وتشهد نمواً في عهد الرئيس الحالي دونالد ترامب. إنها دوامة مواجهة بين اقتصاد ضعيف وحكومة فاشلة ومُفككة، مع أقوى دولة في العالم. كُلنا نعرف كيف تنتهي مثل هذه المواجهة!

ثانياً، باتت علاقاتنا العربية صفرية، رهينةً لتوتر لا نتحكم بمصادره، بل ندفع أثمانه عبر موجات طرد للبنانيين من دول الخليج، وصعوبات جمّة في الحصول على تأشيرة عمل وتجديد اجازات العمل. 

وأخيراً، ليس وقع خسارة السياح العرب لسنوات طويلة بالقليل على هذا القطاع الحيوي في لبنان. ولهذا التدهور في العلاقات اللبنانية - العربية أثّر على تراجع نمو الاقتصاد اللبناني عموماً، والقطاع العقاري خصوصاً.

بناء على ما سبق، لن يُستثمر أي انتصار في جرود عرسال، بغض النظر عن ايجابياته الأمنية، سوى في تعزيز عجزنا عن التحكم بدورنا ومسار علاقاتنا بالخارج. 

والمفارقة أن عملية عرسال تزامنت مع أزمة جديدة في العلاقات مع دول الخليج العربي، ناجمة عن دور مُفترض لـ”حزب الله“ في تجهيز وتدريب ”خلية العبدلي“ على الأراضي اللبنانية. وكانت السلطات الكويتية ضبطت بعض أفراد هذه الخلية في آب عام 2015، بعدما حوّلوا مزرعة في منطقة العبدلي (على الحدود مع جنوب العراق)، الى مخزن سلاح يضم 19 طنّاً من الذخائر و144 كيلوغراماً من المتفجرات وصواعق كهربائية و56 قذيفة أر بي جي و68 قطعة سلاح متنوعة و204 قنابل يدوية.

تبين أن لبنان كان في قلب هذه الخلية، وفقاً لما نشرته صحف كويتية. سافر المتهمون وهم كويتيون وإيراني واحد، إلى لبنان لتلقي التدريب على استخدام السلاح وتخزينه، وتلقوا مبالغ مالية تجاوزت المئة ألف دولار. كما التقوا مسؤولين في الحزب للحصول على توجيهات. كان المتهمون يزورون لبنان عبر دول أوروبية بغرض التمويه. والكويت دولة وسطية في المنطقة لا تنخرط في نزاعات، بل تلعب غالباً دور الوسيط، كما هي الحال في الأزمة الخليجية. حتى داخلياً، تحفظ الكويت الحريات الدينية والتمثيل السياسي للأقلية الشيعية. وكانت تتمتع بعلاقات ودية مع لبنان وتُموّل سنوياً مشاريع تنموية من اعادة بناء المدينة الرياضية في بيروت بعد الحرب، إلى تأهيل طرق وبناء مدارس كان آخرها في حارة حريك. 

في رسالة إلى وزارة الخارجية اللبنانية، طلبت دولة الكويت من الحكومة اللبنانية، ”اتخاذ الاجراءات الكفيلة بردع هذه الممارسات من قبل حزب الله اللبناني وافادتها (حكومة الكويت) بتلك الاجراءات حفاظاً على علاقات الأخوة القائمة بين البلدين الشقيقين“. والجملة الأخيرة، حفاظاً على علاقات الأخوة، تشي بإجراءات قادمة في حال تخلف الحكومة اللبنانية عن اتخاذ التدابير اللازمة. ويزيد من احتمال اتخاذ هذه الاجراءات، أن نواباً معارضين حوّلوا مسألة الخلية الى قضية رأي عام لإحراج الحكومة الكويتية، سيما بعد فرار معظم المتهمين فيها.

وهذا توتر غير محمود، سيما أن في الكويت عشرات آلاف اللبنانيين بعضهم يقيم فيها منذ استقلالها. علّمتنا تجربة السنوات الماضية بأن المصلحة الوطنية لم تقف يوماً حائلاً دون مثل هذه الارتكابات، لا بل تُوظّف السياسة بأسرها لضمان استمرارها. 

لذا، سيرى المحتفون بـ”الانتصارات“ الأخيرة، أنها ستعود قريباً لتلسعهم في موضع آخر.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها