الجمعة 2017/07/21

آخر تحديث: 06:55 (بيروت)

"إلى حضن الوطن" بالقوة

الجمعة 2017/07/21
increase حجم الخط decrease

ثمة عُنصر غير بريء يطفو بين فيديوهات ضرب السوريين وصنوف التصريحات والاعلانات العنصرية، وصفحة الفايسبوك "السورية" المشبوهة. حدّة هذه اللابراءة تزداد عند تأمل توقيت هذه الأحداث، وتقاطعاتها الإقليمية. 

أولاً، تزامن هذا التوتر مع عملية اعادة مئات اللاجئين السوريين الى عسال الورد، وهي لم تتسم بالشفافية اللازمة، سيما للتأكد من رغبتهم في العودة وتحقق شروطها. هذه العودة كانت بمثابة جس نبض أو نموذج لعملية أوسع قد يشهدها ملف النازحين واللاجئين خلال الشهور المقبلة.

ثانياً، تشهد الساحة السورية تغيرات متسارعة، ميدانياً وسياسياً، سيما الاتفاق الأميركي-الروسي الأخير على تحديد مناطق وقف النار، ووقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب برنامج وكالة الاستخبارات المركزية لتدريب وتمويل وتسليح المعارضة السورية ”المعتدلة“. ورغم أن البرنامج لم ينعكس على الأرض السورية، سوى سلبٍ للملتحقين به، إلا أن الغاءه بمثابة مؤشر للسياسة الأميركية المرتقبة في سوريا.

وأخيراً، هناك سياق لبناني مُشابه الى حد كبير لما شهده الأردن العام الماضي. في لبنان، استهدف انتحاريون عناصر الجيش اللبناني خلال تنفيذ عملية دهم، لتليها اعتقالات واسعة، ووفاة 4 محتجزين تحت التعذيب. هذه الوفيات زعزعت أمن اللاجئين وسط انتشار لفيديوهات الاعتداءات، ودعوات لاعادة السوريين لبلادهم.

قبل عام في الأردن، تكرر السيناريو ذاته تقريباً. في حزيران عام 2016، تعرض موقع عسكري أردني في منطقة الركبان على الحدود الشمالية مع سوريا، الى اعتداء أوقع 6 قتلى و14 جريحاً وتبناه تنظيم داعش. كما اعتداء عرسال، وقع الهجوم في منطقة تضم عشرات آلاف اللاجئين السوريين العالقين على الحدود. في أعقابه، انشغلت وسائل اعلام محلية إما بتأييد تشدد الحكومة في استقبال مزيد من اللاجئين، سيما أولئك العالقين على الحدود، أو في الدعوة لاعادتهم. كما استُخدم الهجوم لتبرير عمليات ترحيل قسرية إلى سوريا، طالت في حلول شهر كانون الأول الماضي وحده ألف لاجئ سوري. هذا الرقم ارتفع الى 4100 في نيسان الماضي، بحسب مقابلات مع مسؤولين في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نشرها الباحث الايطالي فيليبو دونيغي على موقع معهد الشرق الأوسط. دونيغي لفت الى علاقة الغرب بما يحدث في الأردن، ولو بشكل غير مباشر، لأن الأخير بات يُبرر سياساته بتشدد اليمين الغربي خلال السنتين الماضيتين. على سبيل المثال، قاطع ملك الأردن صحافياً غربياً كان يسأل عن أخلاقية رفض اللاجئين العالقين على الحدود، وأجابه بأنه ”لو رغبت في اعتلاء منصة الأخلاق الرفيعة، بإمكاننا نقل اللاجئين الى بلادك من أقرب مطار أردني“. صمت الصحافي، وانتقل في أسئلته لموضوع آخر.  

هذا السلوك الرسمي، والمسكوت عنه غربياً، ترافق مع كتابات اعلامية رأت في استعادة القوات السورية مدناً أساسية العام الماضي، علامة على تحول عودة اللاجئين ”هدفاً واقعياً“. 

إلا أن هذه العجلة في إعادة اللاجئين على الجانبين الأردني واللبناني، تُخفي الثمن المُراد تسديده للنظام السوري، وعلى رأسه التطبيع السياسي مع الدولة المضيفة، بكافة أطيافها السياسية في الحالة اللبنانية. ومن الواضح أيضاً في النموذج اللبناني أن هناك محاولة لتعديل المزاج السائد في أوساط اللاجئين السوريين من خلال دفعهم لتأييد النظام بصفته حامياً لهم. وبالإمكان رصد هذه المحاولات عبر بيان السفارة السورية في لبنان، وأيضاً الصور المُستعادة لحافظ الأسد وشعارات الترحم عليه بصفته ”عرف“ كيف يقمع اللبنانيين. مثل هذا الإخراج، لو نجح، مفيد لاعادة تعويم بشار الأسد دولياً، وقد يكون مُقدمة لعمليات ترحيل مماثلة من دول أوروبية غير بعيدة عمّا يحصل في منطقتنا.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها