الجمعة 2017/06/16

آخر تحديث: 07:40 (بيروت)

الخلفية الدولية لقانون الانتخابات

الجمعة 2017/06/16
increase حجم الخط decrease

لم يكن اقرار قانون انتخابات نسبي في لبنان منفصلاً عن التطورات السياسية الاقليمية والدولية المرتبطة بلبنان. بيد أن ديبلوماسيين أوروبيين يتحدثون منذ شهور عن صعوبة حصول لبنان على مساعدات مالية لو أقدم برلمانه على مغامرة تمديد جديدة دون الاتفاق على قانون جديد وتحديد موعد الانتخابات المقبلة.

كان هؤلاء الديبلوماسيون يؤكدون وبثقة عالية، استحالة حصول ذلك، نظراً الى الحاجة اللبنانية لمساعدات جديدة لمواصلة توفير الخدمات للاجئين السوريين. والدول الأوروبية لن توفر مثل هذه المعونات لدولة يُجدد برلمانها لنفسه دورياً ولا يُحدد موعد الانتخابات أو قانونها، ويقمع الأصوات المعارضة بشتى الوسائل.

لهذا يأتي إقرار القانون الأخير، رغم الشوائب التي تعتريه، خطوة ايجابية تُمهد للدعم الأوروبي. وربما بالإمكان احتساب التصريح الايجابي لوزير الخارجية المجري بيتر جيراتو هذا الأسبوع، وتحديداً دعوته لزيادة دعم لبنان بمئات ملايين الدولارات لمواجهة أزمة اللاجئين، في هذا الإطار.

والدعم الأوروبي لم يكن ليحظى بمثل هذه الأهمية، لولا أن لبنان يواجه عاصفة أميركية هوجاء لا تكترث بالاستقرار المالي والسياسي والأمني. بيد أن الولايات المتحدة، ورغم الضوضاء الكثيرة، تُبلور سياسة مقلقة حيال لبنان تمزج بين العقوبات والدعاية الاعلامية المُضخمة.

في العقوبات، ما زالت التطمينات غير مقنعة. فالعقوبات عنوان رئيسي في سياسات ادارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حيال لبنان. كما يبعث ترافقها مع اعلانات عن اعتقال عناصر من حزب الله في الولايات المتحدة بتهم ارهابية، على القلق، وبخاصة أن القيمين على اعداد هذه العقوبات من نواب الحزب الجمهوري الأميركي، يجهلون المنطقة وحساسياتها، فما بالك ببلد مُعقد في السياسة والأمن والاقتصاد مثل لبنان. 

وللدلالة على هذه العبثية، بدأت أوساط أميركية تُحذر من الحملة المرتقبة ضد المؤسسات اللبنانية. 

يوم الأربعاء الماضي، كتب موقع ”ناشونال انترست“ الأميركي المختص بالسياسات الخارجية أن موازنة ترامب للعام المقبل تضع لبنان في خطر، إذ تُقدمه لقمة سائغة لحزب الله عبر خفض الدعم للجيش اللبناني بنسبة ٨٠ في المئة عن العام الماضي. هناك قلق في الأوساط الأميركية حيال السياسات غير المحسوبة والمبنية على معطيات خاطئة لدى فريق الرئيس الحالي.

على سبيل المثال، نشر موقع العهد الترامبي المدلل ”برايتبارت“ الذي يحتل مؤسسه ستيفن برينان موقعاً قريباً من الرئيس في البيت الأبيض، تقريراً جديداً عن اضطهاد المسيحيين في لبنان، في اطار سلسلة ينشرها منذ مطلع العام الجاري. عنوان المقال الجديد: ”تحت تهديد موجة من هجرة المسلمين، ومعدل انجاب منخفض، مسيحيو لبنان يخشون جهاد رمضان”. حمل الخبر عنواناً سابقاً هو ”السكان المسيحيون المتناقصون عددياً في لبنان، يواجهون تهديداً متزايداً خلال شهر رمضان“. وهذا طبعاً محض هراء. على رغم تفكيك الجيش وقوى الأمن دورياً خلايا لتنظيم داعش، لم نسمع بهذا المستوى من التهديدات ضد المسيحيين، سيما أن أغلب العمليات الانتحارية التي حصلت أو أُحبطت، استهدفت مناطق وجود حزب الله.

كالعادة، استطلع هذا الموقع اليميني المعروف بالتضخيم، آراء مسؤولين مسيحيين لبنانيين بينهم الرئيس السابق لميليشيا القوات اللبنانية فؤاد أبو ناضر، ورئيس حركة الأرض طلال الدويهي و”مسؤول حزب مسيحي جديد“ لم تسمه. المصدر المجهول أدلى بكل التصريحات الغريبة عن لبنان، مثل تزايد مخاطر استهداف المسيحيين في شهر رمضان وشراء المسلمين أراض مسيحية وغيرها.

وهذه التقارير جانب من سياسة أميركية مُقلقة على أكثر من صعيد، وتدفع الحكومة الى اعتماد أكبر على الاتحاد الأوروبي لارساء بعض الاستقرار في العلاقة بين لبنان والمجتمع الدولي. ومن يعلم، ربما يجد المعارضون لمكونات السلطة في الدور الأوروبي، قوة دفع لتمرير اصلاحات يرفضها الجميع. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها