الخميس 2017/03/09

آخر تحديث: 13:32 (بيروت)

لوبي المخابرات المصرية العامة

الخميس 2017/03/09
increase حجم الخط decrease
لم يعد مفهوم “اللوبي” داخل واشنطن عصياً على احد. في الماضي، إنفرد “اصدقاء اسرائيل” بهذه المهنة، فسلبوا عقول العالم بالنفوذ الذي حققوه، وفرضوا سطوتهم على كل القادة الاميركيين المتعاقبين. اليوم، تسير معظم حكومات العالم على خطى “اصدقاء اسرائيل”، فتنفق أموالاً على لوبيات مختلفة من اجل تحسين صورتها امام الرأي العام الاميركي ونيل الحظوة لدى حكام واشنطن.
أحدث الوافدين الى عالم “اللوبي” في واشنطن هو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظامه. لحداثته، لا يبدو ان السيد السيسي يعلم كيف يستأجر خدمات اللوبي. على مدى عقود، درجت اللوبيات المختلفة، خصوصا التابعة لحكومات العالم، على انشاء جمعيات وهمية، يديرها اشخاص غير معروفين ومقربين من هذا النظام او تلك الحكومة. يقوم هؤلاء الاشخاص بتوقيع عقود اللوبي وتسديد النفقات. في أوقات أخرى، يمكن ان تقوم سفارة الحكومة المذكورة، او مؤسسة تابعة لها مثل صندوق سيادي او شركة نفطية حكومية، بتوقيع العقد ومتابعة تطبيقه.
السيسي لا يبدو انه يعرف بروتوكول “اللوبي” في الولايات المتحدة، فهو عندما اراد ان يلج عالم “العلاقات العامة”، كلّف جهاز “المخابرات المصرية العامة” باختيار شركات اللوبي المطلوبة وتوقيع العقد معها. هكذا، مهر مدير المخابرات المصرية اللواء خالد فهمي توقيعه (او بالوكالة عنه) على عقدين مع شركتي لوبي هما ويبر شاندويك وكاسيدي، مقابل بدل اتعاب بلغ 1,8 مليون دولار سنويا.
والمبلغ المذكور، الذي دفعه نظام المخابرات المصري، يضع القاهرة في موقع متقدم في صدارة لائحة الحكومات العالمية حسب إنفاقها على اللوبي سنويا. وللمقارنة، تصدرت الامارات العربية المتحدة لائحة الدول في العام 2013، بانفاق تعدى 14 مليون دولار، وحلت المانيا في المرتبة الثانية بـ 12 مليونا، فيما انفقت اليابان، حليفة أميركا الاستراتيجية وشريكتها التجارية، 1.6 مليون دولار فقط في العام نفسه، حسب تقارير مؤسسة “سن لايت” الاميركية للشفافية ومراقبة الحكومة.
اما عن الذي سيجنيه السيسي من لوبي مخابراته، فسيشمل “فتح أبواب” للديبلوماسيين المصريين لعقد لقاءات واقامة صداقات مع مشرعين في الكونغرس ومسؤولين في الادارة. وعندما يزور السيسي او مساعدوه واشنطن، يعمل اللوبي المذكور على تنظيم لقاءات لهم مع كبار المسؤولين الاميركيين. 
اما في حال قررت الادارة او الكونغرس تشريع مرسوم او اصدار قانون قد يطال مصر او يأتي في غير مصلحتها، مثل يوم حاول الكونغرس ربط المساعدة الاميركية السنوية لمصر بالطلب الى السيسي التراجع عن إنقلابه العسكري على سلفه محمد مرسي، يعمل “لوبي المخابرات المصرية العامة” على تحييد كلمة مصر من القوانين المؤذية، او تعديل القوانين في مصلحة مصر، او محاولة دفع المسؤولين الاميركيين الى التخلي عن مفردات معينة، مثل كلمة “إنقلاب”، واستبدالها بالحديث عن “الانتخابات” المصرية او “الاستقرار في مصر”، او “دور مصر في مكافحة الارهاب”.
كما من المتوقع ان يلعب لوبي المخابرات المصرية دوراً أساسياً في محاولة اقناع الوكالات الحكومية الاميركية بضرورة ادراج تنظيم “الاخوان المسلمين” على لائحة التنظيمات الارهابية التابعة لوزارة الخارجية الاميركية.
في الوقت نفسه، سيحاول لوبي المخابرات المصرية العامة في واشنطن “تحسين صورة مصر” في الولايات المتحدة، وذلك عن طريق “زرع” مقالات رأي ايجابية بحق السيسي في كبرى الصحف الاميركية، وإقناع هذه الصحف بضرورة عدم نشر الآراء المعارضة للرئيس المصري ونظامه. وبالطريقة نفسها، سيدفع اللوبي المخابراتي المصري اميركيين او مصريين من اصدقاء السيسي للمشاركة في البرامج الحوارية على شبكات التلفزيونية الاميركية، مقابل حظر مشاركة معارضين للسيسي ونظام مخابراته.
اما في مصر، فسيستمر الجوع، وسيبقى اكثر من 28 في المئة من المصريين تحت خط الفقر، حسب بيانات المؤسسات العالمية. وخط الفقر في مصر هو ان يجني الفرد أقل من 27 دولار شهريا، أي أقل من دولار واحد في اليوم، ولو وزّعت “المخابرات المصرية العامة” مبلغ 1.8 مليون دولار، الذي تنفقه على تجميل صورة السيسي في أميركا، على المصريين، لأخرجت أكثر من خمسة الاف مصري من تحت خط الفقر بمضاعفة مداخيلهم السنوية.
إنفاق السيسي على “اللوبي” الذي اشتراه لنفسه، في وقت يغرق 30 مليون مصري تحت خط الفقر، هي من الافكار التي سيمنعها “لوبي المخابرات المصرية العامة” من الوصول الى الرأي العام الاميركي والعالمي.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها