الجمعة 2017/03/03

آخر تحديث: 06:59 (بيروت)

بحرية "حزب الله"

الجمعة 2017/03/03
بحرية "حزب الله"
increase حجم الخط decrease

"إسرائيل تخشى هجوماً من بحرية حزب الله" هو عنوان تكرر بأشكال مختلفة على مواقع إخبارية الكترونية في لبنان (بينها المنار) وايران والدولة العبرية. خُلاصة الموضوع أن مراسلاً لصحيفة "يديعوت أحرونوت" كتب تقريراً عن الاستعدادات البحرية الاسرائيلية لهجوم تُنفذه قوة بحرية خاصة من حزب الله، أو ضفادع بحرية كما يحلو للبعض تسميتها، على نهاريا. هذا الانزال، بحسب التقرير الاسرائيلي، سيترافق مع هجوم بالصواريخ المضادة للسفن من السواحل اللبنانية، أي أن العملية ستكون مزدوجة وتتطلب دفاعاً أكثر تنسيقاً واستعداداً.

يُخفي مثل هذا الاحتمال الاسرائيلي افتراضين أساسيين. أولاً، اسرائيل حسمت أمر امتلاك "حزب الله" صواريخ "ياخونت" الروسية المضادة للسفن، والتي استحوذ عليها الجيش السوري في اطار صفقة أسلحة، وجرّبها في مناورة عسكرية أخيراً. بإمكان هذه الصواريخ ضرب أهدافها عن بعد 300 كيلومتر، أي أنها قادرة على تعطيل الموانئ الشمالية الاسرائيلية ولو جزئياً. كان "حزب الله" جرّب عام 2006 بنجاح صاروخاً صيني الصنع من طراز "سي 802"، واستهدف سفينة حربية اسرائيلية من طراز "ساعر" من شاطئ جنوب بيروت.

الافتراض الإسرائيلي الثاني هو امتلاك "حزب الله" غواصات صغيرة من طراز "غدير"، إيرانية الصنع لكنها صُممت أساساً في كوريا الشمالية. هذه الغواصة طولها 29 متراً ووزنها 130 طناً وبإمكانها حمل 10-18 مقاتلاً على متنها، وإطلاق صواريخ توربيدو ضد السفن. يُعتقد بأن كوريا الشمالية استخدمت هذا الطراز من الغواصات لضرب سفينة كورية جنوبية وقتل 46 بحاراً على متنها عام 2010.





وما يُرجح الافتراض الاسرائيلي بإمتلاك حزب الله هذه الغواصة، إعلان قائد المنطقة البحرية الرابعة في بحر قزوين الأدميرال خورداد حكيمي في أيلول (سبتمبر) عام 2013 أن ايران تُصنّع غواصات غدير بأعداد كبيرة. كما رجحت تقارير أخرى احتمال وصولها الى الحزب. ولأن هذه الغواصات تسير في قعر البحر، ما يُصعب على البحرية الاسرائيلية رصدها. لكن كيف سيُخفيها حزب الله في الشواطئ اللبنانية المملوءة بالصيادين والممتلكات الخاصة؟ وكم من التدمير سيُلحق 18 مقاتلاً خرجوا للتو منهكين من غواصة في أعماق البحر، بالقوات الاسرائيلية؟

رغم أن الكلام السابق عن تنامي القدرات القتالية لحزب الله يبقى في خانة الترجيح والتخمين، والحرب النفسية، إلا أن بعضه على الأقل صحيح، بحسب تجاربنا السابقة مع مثل هذه التقارير، وبخاصة تلك المنشورة في مواقع وصحف اسرائيلية على ارتباط بدوائر عسكرية وأمنية.

لنفترض أن لحزب الله غواصات صغيرة الحجم نسبياً ترسو على شواطئ لبنانية، وقوة بحرية خاصة قادرة على تنفيذ عمليات اختراق نوعية. وإذا أضفنا الى هذه البحرية النوعية، طائرات الحزب من دون طيار، وهي موجودة واستُخدمت في سوريا، ودباباته وآلياته التي استُعرضت في القصير السورية، وآلاف الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، فإننا أمام جيش متكامل.

بل أكثر من ذلك، نحن أمام جيش ينمو نوعاً قبل الكم، براً وبحراً وجواً. وهذا الجيش لم يخض حرباً مع اسرائيل منذ عام 2006، بل في لبنان عام 2008 وسوريا منذ 2012. وأيضاً، ورغم كل التخمينات، فإن "حزب الله" ليس في وارد فتح جبهة ثانية مع اسرائيل (بعد سوريا)، على الأقل في المدى المنظور، بحسب تقويم لقائد الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية هرزل هلافي في جلسة مغلقة أمام لجنة الدفاع والشؤون الخارجية في الكنيست (سربتها صحيفة هآرتس).

لا حرب مقبلة مع اسرائيل، ولكن لدينا جيشاً يكبر بيننا، وعلى حدودنا. وفي مقابل هذه الصورة الناجحة لقوة قتالية تُراكم السلاح والخبرات، دولة عاجزة عن اتخاذ قرار بتجهيز جيشها وتعزيزه.

والواقع أن التركيبة السياسية اللبنانية تتأقلم مع وجود هذا الجيش الموازي. إضافة الى وجوده في البيان الوزاري منذ الأبد، بات الاعتراف بهذا الجيش، ملازماً لموقع الرئاسة الأولى. ومن يدري، فقد تُبرر الحكومة اللبنانية لحزب الله ظهور قوته البحرية الجديدة، بحجة حماية المرافق النفطية!
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها