السبت 2017/03/18

آخر تحديث: 15:03 (بيروت)

روسيا وإيران: القصور العربي

السبت 2017/03/18
increase حجم الخط decrease

في المؤتمر ، الذي عقده في موسكو "نادي فالداي" الروسي مع معهد الإستشراق أواخر شباط/فبراير المنصرم تحت عنوان " الشرق الأوسط : متى يحل الغد؟"، أجمع الخبراء الأجانب ، الذين حضروا المؤتمر ، على القول ، بأنهم لا يصدقون بأن التحالف الثلاثي ــــــــ روسيا ، تركيا وإيران ـــــ في سوريا سوف يعيش طويلاً ، حسب صحيفة "vedomosti" المستقلة. وتنقل الصحيفة عن البروفسور ستيفن هايدمان ، أحد الخبراء المشاركين في المؤتمر،  وكبير الباحثين في معهد سياسات الشرق الأوسط الأميركي ، قوله ، "إنني أنتظر يومياً الأخبار ، بأن يدب الخلاف في هذا الثلاثي ، روسيا ـــ تركيا ــــ إيران ، فالمسألة ليست سوى مسألة وقت فقط" .

لكن المعلقين والخبراء الروس الموالين للكرملين لا يتفقون مع راي الخبراء الأجانب هذا ، خاصة في ما يتعلق بالتحالف بين روسيا وإيران ضمن هذا الثلاثي، بل هم يتحدثون عن "الطابع الإستراتيجي"  للتحالف بين الدولتين، وإن كانوا يعترفون بالطابع الهش ، الذي ما زال يتمتع به هذا التحالف حتى الآن.  فقد كتب موقع " EADaily" الروسي في 28 الشهر المنصرم ، في ما يشبه الرد على الرأي المذكور، وتحت عنوان "التحالف الإستراتيجي بين روسيا وإيران : الخلفيات والتناقضات" ، يقول ، بأن الخطاب المؤيد لروسيا في إيران قد إرتفع بشدة في الفترة الأخيرة . ويقول الموقع ، بأن سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني رأى أن ثمة إمكانية لفتح المجال الجوي الإيراني أمام الطائرات الحربية الروسية، إن كانت ستستخدمه لتنفيذ مهمات قتالية في سوريا. بل إن رئيس مجلس لشورى الإيراني علي لاريجاني أعلن عن توجه بلاده نحو "تحالف إستراتيجي" مع روسيا في ما يتعلق بسوريا، حسب الموقع .

لكن الموقع يشير إلى أن التعاون بين البلدين لا يسير، حتى الآن ، كما كان يشتهي له الطرفان. فقد كانت روسيا تتوقع تقديمها على سواها في خيارات إيران الإقتصادية ، بعد رفع العقوبات عنها في العام 2015 . إلا أن ما حصل هو العكس تماماً ، خاصة في مجال الطيران المدني، حيث حصلت الشركات الغربية على عقود بقيمة 30 مليار دولار  في هذا المجال .

كما أن لإيران ، من جانبها، إعتراضاتها على روسيا في سوريا ، حسب الموقع ، خاصة في ما يتعلق بالتقارب الروسي التركي ، وهي ليست معجبة بتنامي نفوذ العسكريين الروس وسط الجيش السوري، والتحول الجزئي للقيادة العسكرية السياسية السورية عن إيران نحو روسيا . فالوحدات العسكرية النظامية ، التي دربها المستشارون الروس ، تتزايد أهميتها ، في حين يتراجع دور الميليشيات الموالية لإيران .

ولا تخفي إيران قلقها من العلاقات الروسية ـــ الأميركية بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة ، الذي أعلن غير مرة تعاطفه مع روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين، واعتبر إيران مساوية للدولة الإسلامية في ما يتعلق بالإرهاب . فالقيادة الإيرانية تخشى أن تجد نفسها وحيدة في مواجهة الولايات المتحدة في حال تطبيع العلاقات بين روسيا واميركا .

لكن ، وعلى الرغم من كل ذلك ، إلا أن إيران وروسيا يحتاجان إلى بعضهما ، كما في السابق، حسب الموقع . فالجمهورية الإسلامية سوف تحاول اجتذاب روسيا إلى حل نزاعات أخرى، غير سوريا ، في الشرق الأوسط ، ولا سيما في اليمن . إضافة إلى ذلك ، لا تزال إيران مهتمة بالسلاح الروسي ، الذي من دونه يصعب تحديث الجيش الإيراني، ولا يحول دون إبرام عقد بينهما حول الطائرات المقاتلة الثقيلة الروسية ، التي تهتم بها إيران ، سوى القيود ، التي يضعها مجلس الأمن الدولي حول تصدير الأسلحة التقليدية إلى إيران .

أما روسيا فهي بحاجة ، وفق الموقع ، إلى شريك قوي وموثوق في منطقة الشرق الأوسط ، لديه نفوذ على الشيعة في كل العالم وعلى القيادة السياسية في كلٍ من سوريا والعراق ، وعلى أنصار الله اليمنيين وحزب الله وسواهم . ويقول الموقع ، أن الجنرال قاسم سليماني ، في زيارته إلى موسكو في 14 شباط/فبراير الماضي ، أجرى مشاورات مع زملائه الروس ، على مدى أيام ، حول المسائل المتعلقة بتوريدات الأسلحة ، وحول القضايا السياسية ، وخاصة في ما يتعلق بالعلاقات الروسية السعودية، التي تهم إيران على خلفية الحرب في اليمن .

ويقول الموقع، ان سليماني ، وعلى الرغم من عقوبات مجلس الأمن الدولي ، التي تحظر سفره خارج إيران ، إلا أنه "غالباً ما يزور العاصمة الروسية ، إذ زارها في العامين 2015 و2016" ، وكانت زياراته دائماً زيارات مفصلية . فالجنرال ، أذ يخضع مباشرة للمرشد الأعلى للبلاد علي خامنئي ، هو الذي يحدد في الوقت الراهن السياسة الإيرانية في الشرق الأوسط، برأي الموقع .

من جانب آخر ، الكاتب الشوفيني الروسي المتشدد ورئيس تحرير صحيفة  "zavtra" ، الناطقة باسم المتشددين الروس ، ألكسندر براخانوف ، وفي مقالة له في 14 آذار/مارس الجاري بعنوان " نظرة من إيران: ما هو المستقبل المتوقع لتحالف روسيا وإيران"، نشرها إثر زيارته إيران على موقع "IRAN.RU" يقول ، بأنه قد زار إيران ليقف على النظرة الإيرانية إلى الموقعة التي تدور رحاها على أرض سوريا . ويقول بأنه حاول خلال زيارته أن يفهم كيف تشكل الحلف الروسي ــ الإيراني ، الذي كان "في الأمس مستحيلاً ، بينما يدور الحديث اليوم عن حلف عسكري ــ سياسي محتمل " .

يقول براخانوف ، بأنه زار في مدينة قم آية الله جوادي آملي ، الذي نقل في حينه إلى ميخائيل غورباتشوف رسالة الإمام الخميني الشهيرة ، التي تنبأ فيها "بانهيار الإتحاد السوفياتي الملحد" ودعا غورباتشوف إلى "إستعادة الوعي الديني إلى روسيا والإيمان بالسماوات إلى الروس". ويرى آية الله هذا ، أن التقارب الروسي الإيراني ، والتحالف بينهما ، لم يصبح ممكناً إلا مع مجيئ بوتين ، "الذي يملك وعياً دينياً، ويفسر استلامه السلطة وكل مسار العملية التاريخية بتدخل القوى الآلهية " .

وينقل الرجل عن الإيرانيين ، أن مجموعة صغيرة من رجال المخابرات والمحللين الروس قد زارت طهران في بداية الصراع السوري . وقد أجرت هذه المجموعة سلسلة لقاءات مع المسؤولين الإيرانيين، الذين كشفوا لها كل الأوراق العسكرية والإقتصادية والجيوسياسية ، وأقنعوا أعضاءها ، بأن سوريا تتيح لروسيا فرصة نادرة لتكبيد الولايات المتحدة خسائر، والثأر للأذى، الذي ألحقته أميركا بروسيا في أوكرانيا .

ويرى براخانوف ، أن الولايات المتحدة تنظر إلى التحالف بين روسيا وإيران في الشرق الأوسط ، بأنه تحد كبير وتدمير لزعامتها ، وان تخريب هذا الحلف هو مهمة إستراتيجية لأميركا ، التي خصصت لوكالة المخابرات المركزية CIA ميزلنية ضخمة من أجل ذلك .







increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها