الثلاثاء 2017/02/21

آخر تحديث: 19:16 (بيروت)

كيف يمكن إطاحة ترامب؟

الثلاثاء 2017/02/21
increase حجم الخط decrease

يجدر بالمهتمين بالرئاسة الأميركية والمتابعين للفصول الهزلية التي يجود بها الرئيس دونالد ترامب أن يحفظوا هذا الرمز "التعديل 24 ـ المادة الرابعة" فقد يصبح ذلك النص الأهم في الدستور الأميركي في المستقبل القريب، إذا أصر ترامب على سلوكه العدواني غير المألوف، والذي صنف من خلاله مؤخرًا الصحافة الأميركية بأنها عدو للشعب الأميركي. فقد بدأ الهمس الذي كان يدور عن مصير رئاسة ترامب في الخروج الى العلن، وبدأ الحديث في أوساط اكاديمية وإعلامية عن كيفية انقاذ الرئاسة من الرئيس.

بعدما حقق ترامب فوزه المباغت في الخريف الماضي، واظهر في المرحلة الإنتقالية أنه غير مستعد أو غير قادر على تغيير سلوكه العدواني الفج أو التقليل من مشاحناته وحروبه الكلامية على "تويتر"، أو العمل بعقلية وطريقة المؤسسة العريقة، كان معارضوه خصوصًا في أوساط الحزب الديمقراطي يأملون في ان الانتخابات التشريعية النصفية التي ستجري في العام 2018 ستكون بداية لوضع حد له يقود الى محاكمته دستوريًا، اذا نجح الديمقراطيون في استعادة الأغلبية في مجلسي الكونغرس، او على الأقل التحقيق البرلماني في سلوك إدارته وكبار معاونيه.
الا أن سلوك ترامب في البيت الأبيض بعد تنصيبه، جعل التململ منه يمتد بسرعة الى الأوساط المعتدلة في الحزب الجمهوري، وبدأت أصوات سياسية واكاديمية في البحث عن مخارج ممكنة لا يمكن ان تنتظر لسنتين. لم يكن البحث مضنيًا. من البديهي في مؤسسة نظامية يناهز عمرها قرنين ونصف من الزمن أن تنتج فتاوى دستورية لكل الحالات المحتملة، ومن هذه الحالات عزل الرئيس بدون محاكمة دستورية، إذا رأت الإدارة التي يقودها انه غير قادر على القيام بمهامه.

ففي التعديل الخامس والعشرين في الدستور الأميركي، وهو التعديل قبل الأخير فيه، تنص المادة الرابعة والأخيرة على الآتي حرفيًا: " عندما يبلّغ نائب الرئيس وغالبية الموظفين الرئيسيين في الوزارات التنفيذية أو أعضاء هيئة أخرى، يحددها الكونغرس بقانون، رئيس مجلس الشيوخ المؤقت ورئيس مجلس النواب تصريحهم الخطي بأن الرئيس عاجز عن القيام بسلطات ومهام منصبه، يتولى نائب الرئيس فوراً سلطات ومهام المنصب كرئيس بالوكالة. وبعد ذلك، عندما يبلغ الرئيس رئيس مجلس الشيوخ المؤقت ورئيس مجلس النواب تصريحه الخطي بعدم وجود حالة عجز لديه، يستأنف القيام بسلطات ومهام منصبه ما لم يبلغ نائب الرئيس وغالبية الموظفين الرئيسيين في الوزارات التنفيذية أو أعضاء هيئة أخرى يحددها الكونغرس بقانون، وفي غضون أربعة أيام، رئيس مجلس الشيوخ المؤقت ورئيس مجلس النواب تصريحهم الخطي بأن الرئيس عاجز عن القيام بسلطات ومهام منصبه. عند ذلك يبت الكونغرس في القضية في اجتماع يعقده في غضون 48 ساعة لذلك الغرض إذا لم يكن في دورة انعقاد. وإذا قرر الكونغرس، في غضون 21 يوماً من تسلمه التصريح الخطي الثاني، أو في غضون 21 يوماً من الموعد الذي يتوجب فيه انعقاد المجلس، إذا لم يكن في دورة انعقاد، وبأكثرية ثلثي أصوات مجلسي الشيوخ والنواب أن الرئيس عاجز عن القيام بسلطات ومهام منصبه، يستمر نائب الرئيس في تولي هذه السلطات والواجبات كرئيس بالوكالة، أما إذا كان الأمر خلاف ذلك فيستأنف الرئيس القيام بسلطات وواجبات منصبه".

كلمة "عاجز" المعتمدة في النص العربي الرسمي للدستور هي مرادف للكلمة الإنكليزية (unable) والتي لا تقصر الحالة على عجز بالمعنى الجسدي او العقلي وانما تعني انه غير قادر أو غير مؤهل أو غير كفوء، ما يعني ان مسألة التقدير في ذلك تقف على نائب الرئيس واغلبية الموظفين الرئيسيين في الوزارات التنفيذية، وهؤلاء الموظفون كما يحددهم القانون هم وزراء الخارجية، الداخلية، العدل، الخزانة، الزراعة، التجارة، العمل، الدفاع، الصحة والشؤون الاجتماعية، الإسكان والتنمية الحضرية، النقل، الطاقة، التربية، شؤون المحاربين القدامى، والأمن الداخلي.

جرى تسريع العمل على وضع هذا التعديل بعد اغتيال الرئيس جون كينيدي عام 1963، وبعد اقل من سنتين من المداولات أصدره الكونغرس بمباركة الرئيس ليندون جونسون وأحيل في تموز / يوليو 1965 الى الولايات للمصادقة عليه ليصبح ساريًا في شباط / فبراير 1967. وحسم التعديل الغموض الذي كان يكتنف الفقرة السادسة من القسم الأول في المادة الثانية للدستور، والتي كانت غير واضحة في تحديد "العجز" وتعطي الكونغرس منفردًا حق اصدار قانون لتثبيت الحالة. والسبب في غموض النص الأصلي يعود الى ان الأحزاب السياسية لم تكن قائمة في حقبة الإستقلال وكان نائب الرئيس في العادة هو المرشح الرئاسي الذي يحل في المرتبة الثانية مما يعني حكمًا انه على الأقل منافس تلقائي للرئيس.
يتمحور الحديث المتصاعد الآن حول امكان اللجوء، اذا صحت المخاوف على الصحة الذهنية لترامب، أو اذا عمد الى اتخاذ قرارات ارتجالية تهدد مصالح اميركا او السلام العالمي بصفته قائدًا اعلى للقوات المسلحة، التي لا يمكن لقيادتها ان ترفض أوامر الرئيس بشن حرب، أو اذا لجأ كما لمّح في خلال حملته الانتخابية الى إعادة سياسة الإغتيال الموجهة ضد رؤساء أجانب، أو حالات كثيرة يمكنه فيها ان ينتهك القانون في حالة انفعال.
وتوقف بعض المعلقين امام الدور الذي لعبه نائب الرئيس مايك بنس في اقصاء الجنرال فلين، ورأى فيه خطوة أولى لنائب الرئيس لتكريس مسافة مسلكية بينه وبين ترامب، خصوصًا وان فلين كان من اقرب مستشاري ترامب ومن أوائل الذين دعموا حملته الانتخابية وأثروا على مجمل طروحاته المتعلقة بالسياسة الخارجية، كما ان خلفية بنس في الكونغرس، حيث مثّل ولاية انديانا في مجلس النواب لست دورات متتالية وتولى دورًا قياديًا في الحزب قبل ان يصبح حاكمًا لولايته، تجعله إبن المؤسسة وقادرًا على تسيير الأمور بسلاسة حتى انتخابات الـ 2020.

لم يقتصر الحديث عن احتمال تفعيل التعديل الخامس والعشرين على المراجعة التحليلية وحسب، بل ذهب المؤرخ المتخصص بالرئاسة الأميركية واستاذ العلوم السياسية في جامعة أتلانتيك في فلوريدا رونالد فينمان، الى التكهن بأن رئاسة ترامب ستكون ثاني أقصر رئاسة أميركية، ما يعني أنها ستكون اقل من 199 يومًا، وهي المدة التي أمضاها الرئيس جيمس غارفيلد الذي اغتيل بالرصاص في واشنطن العاصمة عام 1881، بينما كانت أقصر رئاسة على الإطلاق لوليم هنري هاريسون الذي توفي بالتهاب رئوي حاد بعد 31 يومًا على تنصيبه عام 1841.  

  



increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها