الجمعة 2017/11/03

آخر تحديث: 07:48 (بيروت)

بن لادن عريساً في ايران

الجمعة 2017/11/03
increase حجم الخط decrease

 

ضمن كومة الوثائق المصادرة من المقر الأخير للزعيم الراحل لتنظيم ”القاعدة“ أسامة بن لادن في بلدة أبوتاباد الباكستانية، فيديو زواج إبنه حمزة في ايران. كان هذا الدليل المرئي بارزاً لسببين: أولاً، ليست هناك صورة حديثة لحمزة، إذ ظهر بالمرة الأخيرة صبياً يتلو الشعر في عرس شقيقه الأكبر. وحمزة اليوم الوريث الأبرز لوالده بعد فشل الزعيم الحالي للتنظيم أيمن الظواهري في جذب مجنّدين وأتباع ومريدين جدد، لا بل  كان شخصية منفّرة. وحمزة أيضاً وريث مُرتقب لتنظيم ”داعش“، وقد يتفوق  على أبو بكر البغدادي بالثقافة الدينية والسياسية على حد سواء.

وثانياً، تأتي هذه التسريبات في وقت مواتٍ سياسياً، إذ تُصعّد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب سياستها ضد إيران، إما من خلال محاولاتها عرقلة الاتفاق النووي المبرم في عهد خلفه باراك أوباما، أو عبر التهيئة لمواجهة سياسية-عسكرية في المرحلة المقبلة.

بيد أن التسييس في التسريبات واضح المعالم، إذ لماذا تُسلم وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي اي) مدونة تمولها مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات، معهد الدراسات الليكودي في واشنطن، وثيقة أو تقريراً عن العلاقات بين ايران وتنظيم ”القاعدة“؟ 

المدونة على الانترنت لم ولن تطرح أسئلة عن مغزى تسريب الوثيقة، بل قفزت الى استنتاجاتها عن العلاقة الوثيقة بين طهران و”حزب الله“ من جهة، والتنظيم من جهة ثانية. لكن الواقع أكثر تعقيداً من هذا التبسيط المُسيّس. ”القاعدة“ تنظيم سياسي تطورت تحالفاته كثيراً خلال العقود الماضية، وشملت علاقاته شخصيات ودولاً يُكفرها ايديولوجياً. وكذلك إيران انتهجت سياسة مماثلة. طهران كانت قريبة جداً من بعض المجاهدين الأفعان السُنّة، ودعمتهم تماماً كما فعلت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ودول الخليج العربي، ضد الاتحاد السوفييتي. وعلى المنوال عينه، قاتل الحشد الشعبي وخبراء ايرانيون والقوات العراقية بغطاء جوي أميركي ضد تنظيم داعش في العراق. 

خلف الشعارات الرنانة والطنانة للحركات والقوى الإسلامية، تُبرم القيادات فيها صفقات سياسية صادمة ايديوليجياً. إيران دعمت أرمينيا المسيحية ضد آذربيجان الشيعية في حربهما المتقطعة. دعمت برهان الدين رباني وأحمد شاه مسعود السُنّيين رغم خوضهما حرباً ضروساً ضد حزب الوحدة الشيعي في أفغانستان، انتهت بمجزرة مروعة بحق أقلية الهزارة الشيعية في كابول. 

وكذا الأمر في فلسطين أيضاً. حركة ”حماس“ دمّرت حل الدولتين في تسعينات القرن الماضي، لكنها اليوم أعادت النظر فيه من منطلق سياسي. تحت شعار الموت لأميركا، سمّم حلفاء ايران في لبنان علاقاته مع الدول الغربية بموجة من عمليات الخطف التي لم تؤد إلى أي نتيجة ملموسة. اليوم مشكلة ايران أن واشنطن لا تريد الالتزام باتفاق معها.   

والأمثلة كثيرة على هذا النفاق السياسي في عمل الاسلاميين. والحقيقة أننا لو استثنينا تركيا، لتبين معنا أن إيران الدولة الشرق أوسطية الوحيدة التي اشترت سلاحاً من اسرائيل في صفقة تبادل للمخطوفين (إيران كونترا). 

ليس جديداً الحديث عن علاقة ايران بالقاعدة، من السودان الى معسكرات التدريب اللبنانية المفترضة، ونهاية بالنجم الصاعد للتنظيم حمزة بن لادن الذي أقام سنوات على أرضها وتلقى تدريباً ايديولوجياً وعسكرياً-أمنياً على أيدي قياديين بينهم ”سيف العدل“. وهذه معلومات كتبها مسؤول سابق في مكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي) في مجلة عسكرية أميركية خيرً.

الجديد أننا اليوم أمام موجة اعلامية تُعزز موقع حمزة بن لادن لتعويمه، وتربطه بإيران وحلفائها، كي يتحملوا المسؤولية، ولو غير المباشرة، عن اي هجوم ارهابي.  

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها