الإثنين 2017/10/30

آخر تحديث: 06:53 (بيروت)

كردستان بعد الهزيمة البرزانية

الإثنين 2017/10/30
increase حجم الخط decrease

ماذا يعني قرار رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني، عدم السعي لتمديد ولايته بعد انتهائها يوم الأربعاء المقبل؟

النظام الذي أرساه الأكراد داخلياً، ما زال قادراً على احتواء الخلافات السياسية لو قُدر له الاستمرار، رغم مواقع النفوذ التقليدية والجمود المرافق لها. وقرار برزاني توزيع سلطاته إلى حين اجراء الانتخابات الكردية مطلع الصيف المقبل، يُعيد بعض الثقة في النظام السياسي الكردي بصفته ضامناً للخلافات السياسية، وحائلاً دون تكرار صدامات تسعينات القرن الماضي. كما يأتي بعد دعوات شعبية وسياسية لاستقالة برزاني عقب فشل استفتاء الاستقلال والخسارات العسكرية المتتالية أمام القوات العراقية والحشد الشعبي. 

لكن تبقى هناك مؤشرات مقلقة. يواجه الحزب الوطني الكردستاني بقيادة مسعود برزاني، تحدياً شبيهاً بما حصل ويحصل مع الاتحاد الوطني الكردستاني (بزعامة جلال طالباني حتى وفاته) منذ عام 2009. حينها، تأسست حركة التغيير (غوران) المعارضة في السليمانية، معقل طالباني، لتنهش من حصة الاتحاد الوطني الكردستاني. كان مؤسس الحركة الجديدة نيشروان مصطفى قيادياً ومناضلاً معروفاً في الاتحاد الوطني، وسحب منه بعض قواعده الشعبية المتململة من واقع الحال. أصلاً، لم تتسع أربيل المحافظة والتقليدية لمثل هذا التنوع السياسي، وما زالت على حالها، على عكس السليمانية حيث الحراك الثقافي والسياسي المعارض للحزب المهيمن، أكثر دينامية.

وحركة التغيير، رغم حداثة ولادتها، شاركت في دورتين انتخابيتين، حصدت في الأولى (2009) منها 25 مقعداً من أصل 111 (منها 11 مقعداً للأقليات) وفي الثانية (2013) 24 نائباً. في الانتخابات الثانية عام 2013، قرر حزب برزاني النزول منفرداً وقضم من حصة ”الاتحاد الوطني“ الذي صار الحزب الثالث في الاقليم بعد ”الوطني الكردستاني“ و”غوران“، تباعاً. 

كانت حركة التغيير (غوران) تحتج على الفساد المستشري في الإقليم، وهيمنة عائلة طالباني، وتحديداً زوجته هيرو، على مناصب ومقدرات عبر بوابة حزب تأسس لمنافسة الهيمنة العائلية.

بعد عام 2003، ورغم المظهر المؤسساتي، حافظت عائلتا برزاني وطالباني على قدر مهم من السيطرة على المناصب الأساسية، من فرق البيشمركة والشرطة إلى مواقع الاقتصاد والمال والسياسة. حتى فرقة مكافحة الإرهاب يقودها لاهور طالباني، ابن شقيق جلال، فيما يُهيمن نجل برزاني على قوات الأمن والعسكر الموالية لوالده.

والإقليم أمام أزمتين عائليتين رئيسيتين. أولاً، تخوض هيرو طالباني معركة تسليم ابنها بافل قيادة الاتحاد الوطني، على أمل استعادة حصة والده ونفوذه في البرلمان. في مقابلها، انشق برهم صالح القيادي المعروف عن الاتحاد، وشكل كتلة جديدة سيخوض تحت لوائها الانتخابات المقبلة، على أمل قضم ما تبقى من حصة طالباني، والأهم وراثة حركة غوران المعارضة بعد وفاة مؤسسها نيشروان مصطفى.

في أربيل، هناك معركة خفية بين مسرور برزاني، نجل مسعود، وبين ابن شقيقه وصهره نيشروان برزاني، رئيس الوزراء الحالي لإقليم كردستان. نيشروان بات المرشح الأبرز لخلافة عمّه، نظراً لخبرته في السياسة، وأيضاً علاقاته المتشعبة وانفتاحه، دولياً ومحلياً، حتى مع حركة التغيير. هذه الليونة السياسية مطلوبة للحفاظ على الوحدة الكردية. 

لكن إلى أي مدى ستُستخدم القوة والنفوذ في تقويض العمل المؤسساتي؟ رئيس البرلمان الكردستاني يوسف محمد صادق، وهو ينتمي الى حركة التغيير، ممنوع من دخول مدينة أربيل حيث مقر المجلس التشريعي. على رأس قائمة الخلافات، الاعتراض على التمديد "غير الدستوري" للرئيس الكردي الحالي بعد مضي فترة ولايتيه المنصوص عليهما في الدستور. وبالأمس، بعد تلاوة نائب رئيس البرلمان رسالة برزاني، ضرب أنصار الأخير صحافيين ونائباً معارضاً انتقد الزعيم الكردي. 

السيناريو الأكثر رعباً لكثير من الناشطين الأكراد، يتمثل بانقسام الاقليم الى ادارتين ومنطقتين، وعودة الصراعات بينهما، كون ذلك بوابة عبور للورثة الجدد، وأيضاً لقمع الأصوات المعارضة. 

عندها، ستكون حكومة بغداد مجدداً أول المستفيدين.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها