الجمعة 2017/10/27

آخر تحديث: 00:06 (بيروت)

عقوبات وانتخابات قبل الحرب؟

الجمعة 2017/10/27
increase حجم الخط decrease

خرج الدخان الأبيض أمس من الكونغرس الأميركي وأقر مجلس النواب الأميركي رزمة جديدة من العقوبات على ”حزب الله“. اطمأنت الطبقة السياسية والمالية اللبنانية إلى أن أياً من حلفاء ”حزب الله“، سيما من المسؤولين الحكوميين، لم يُذكر في التعديل على قانون مكافحة التمويل الدولي لحزب الله (2005). لكن المشكلة ليست هنا. فالعقوبات زوّدت السلطة التنفيذية الممثلة بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، بصلاحية للتصعيد عبر إدراج أسماء جديدة.

والتعديل الجديد يُسمي مؤسسات للحزب مثل بيت المال وجهاد البناء ولجنة دعم المقاومة الاسلامية ومكتب العلاقات الخارجية للحزب وتنظيم الأمن الخارجي وتلفزيون المنار واذاعة النور والمجموعة اللبنانية للاعلام. وهذه على الأرجح خارج نطاق العمل المصرفي، سيما كمؤسسات. لكن، ترك التعديل امكانية لإدخال أسماء جديدة، إذ أعطى ترامب صلاحية إضافة اسم ”أجنبي“ متورط في نشاطات تمويل أو تجنيد لمصلحة ”حزب الله“. في الشرح القانوني للقرار التشريعي، على ترامب ابلاغ لجنة الشؤون الخارجية في المجلس في حال ادراجه أسماء جديدة. 

وقد تكتسي هذه الصلاحية وإمكانات استخدامها، أهمية إضافية لو أخذنا في الاعتبار موجة التصعيد في تصريحات المسؤولين الإسرائيليين ضد ”حزب الله“ خلال الأسابيع الأخيرة. باتت التسريبات من الجانب الإسرائيلي، تؤكد أن الحرب مسألة وقت فقط. وهذا تشخيص مشترك مع تقرير لرؤساء أركان سابقين لجيوش غربية رأوا فيه أن الحرب مسألة وقت، وستحظى فيها اسرائيل بدعم لا يقتصر على الولايات المتحدة بل يشمل أيضاً أوروبا وسرّاً دولاً عربية سُنّية. وبحسب التقرير الذي نشره معهد واشطن لدراسات الشرق الأدنى، فإن الانتقادات الدولية لاسرائيل في حربها على الحزب عام 2006 ولّى زمنها، ولن تحصل الآن في ظل الإجماع على تصفيته.

وهنا أيضاً بيت القصيد في الحديث الاسرائيلي عن الحرب. يفتح الإجماع في المجتمع الدولي عليها، والضخ الإعلامي باتجاهها، مجالات للتدمير والقتل لم تكن مُتاحة للجيش الاسرائيلي منذ تسعينات القرن الماضي. وهذا تحديداً ما سرّبته أوساط عسكرية وأمنية اسرائيلية إلى أحد كُتاب موقع فورين بوليسي الأميركي، ونُشر قبل أيام في مقال بعنوان ”أسباب غير مُفرحة تضعنا على حافة حرب أخرى في لبنان“. المقال يشرح بأن ”جيش الدفاع الاسرائيلي يُحضر لحرب مُكلفة وطويلة الأمد. ولن تتجنب اسرائيل هذه الحرب مهما كانت قبيحة“، وبخاصة أن القادة العسكريين فيها باتوا يرون الحرب ”حتمية“، ولكن توقيتها أيضاً مناسب. فإضافة الى الإجماع الدولي والاقليمي على أي حرب مقبلة، تكبد حزب الله خسائر فادحة في سوريا يتكتم عن حجمها وأثرها في بنيانه، وفقاً للمصدر عينه.

والحرب هذه ستكون مدمرة بقدر أكبر بكثير مما شهده لبنان عام 2006، إذ أن اسرائيل لم تعد تُفرّق بين الدولة اللبنانية و”حزب الله“، وتُطالب حلفاءها بذلك أيضاً. تحديداً، تُطالبهم بأن يسامحوها بالبلد بأكمله، من البنية التحتية والاقتصاد والمدنيين إلى مؤسسات الدولة.

ماذا يعني تصريح وزير الخارجية الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان قبل أسبوعين، بأن الجيش اللبناني خسر استقلاليته، وبات يتلقى أوامره من ”حزب الله“؟ وهذا كلام قديم بعض الشيء. الجديد تحوله لخطاب رسمي، واتساعه باتجاه القول إن من الصعب على اسرائيل التفرقة بين لبنان ككيان و”حزب الله“. إذاّ، أي حرب مقبلة ستكون شاملة. 

وهذه الحرب، بحسب المصدر عينه، لن تُشبه 2006، بل هي أقرب إلى غزو 1982، عام ولادة ”حزب الله“. ولو صحّ ذلك، قد تُعطي بعدوانها الشامل زخماً جديداً للحزب من بوابة تدمير حيواتنا بأكملها هنا.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها