الإثنين 2017/10/23

آخر تحديث: 08:57 (بيروت)

لواء اسكندرون ثان

الإثنين 2017/10/23
لواء اسكندرون ثان
increase حجم الخط decrease

إذ تتسع منطقة درع الفرات شيئاً فشيئاً باتجاه ادلب، تُطرح أسئلة كثيرة عن الدور المقبل للتركمان في ظل تركز وجودهم وتزايد قدراتهم العسكرية والتنظيمية. 

منذ نهاية العام الماضي، نزح آلاف التركمان العراقيين هرباً من ”الحشد الشعبي“ العراقي باتجاه منطقة درع الفرات شمال سوريا حيث أقاموا في مخيمات للنازحين على أمل الانتقال لتركيا. وبالفعل، انتقل قسم من هؤلاء اللاجئين إلى تركيا، لكن بقي آخرون للإستفادة من مساعدات السكن والمعونات المتوافرة لهم. 

والواقع أن هؤلاء التركمان العراقيين انضموا الى آلاف التركمان السوريين ممن يقطنون أصلاً في الشريط الحدودي بين بلدتي الراعي وجرابلس. وهذه منطقة يصفها بعض السكان العرب في منطقة ”درع الفرات“، بأنها ”تركية“، إذ من الصعب عليهم ملاحظة الفوارق بينها وبين الداخل التركي، سيما في اللغة والثقافة. بيد أن صحافيين سوريين عرباً دخلوا خلال الشهور الماضية إلى مخيمات اللاجئين التركمان العراقيين للكتابة عنها، فاضطروا الى استخدام مترجمين محليين للتواصل مع مقيمين فيها.

ولا تبدو عودة هؤلاء التركمان الى شمال العراق وشيكة. أولاً لأن الدمار اللاحق بمناطقهم ليس بالهين وتحتاج اعادة اعمارها لسنوات. وثانياً، لأن اشتراك بعض المقاتلين التركمان السنة المنضوين في تنظيم داعش، في عمليات التنكيل بالشيعة من أبناء جلدتهم، ترك أثراً في العيش المشترك، من الصعب محوه، سيما في تلعفر. آلاف قُتلوا وخُطفوا بينهم أطفال وسُبيت نساء بعد إعدام أزواجهن أو آبائهن.

رغم توافر القدرة العسكرية والدعم الخارجي، لم يقطن اللاجئون التركمان في بلدات عربية أو كردية، بل اقتصر وجودهم على مناطق تركمانية أصلاً. إلا أن هناك بين التركمان من يتطلع الى اتساع الرقعة الجغرافية لدرع الفرات لتضم بلدات استوطنها مقاتلو ”الحزب الاسلامي التركستاني“ وعائلاتهم، بما أنهم ”امتداد لهم ويربطهم رابط الدين والدم“، بحسب قول أحدهم.

لكن الشكوى المتكررة على ألسنة السكان العرب في المنطقة، هي امتيازات التركمان في المعونات والتراتبية العسكرية. وفقاً لمصادر عربية في المنطقة، لدى التركمان أفضلية في موضوع الإعانات الغذائية وحتى الطبية، وبات هناك من يعتبرهم ”علويي درع الفرات“. وهذا التفضيل ينسحب على الفصائل المسلحة حيث القيادات تركمانية والجنود عرب. فإلى جانب رابط الدم، يُجيد القادة التركمان اللغة التركية وبإمكانهم التواصل بفاعلية مع الجانب التركي بغرض التنسيق وتأمين الحاجات اللوجستية.

والدور التركي في المنطقة انعكس على مكانة التركمان، وهم أبناء أقلية تعرضت للتهميش لعقود طويلة في ظل حكم حزب البعث، وشاركوا في الثورة والقتال ضده منذ البداية. ونتيجة لهذه المكانة الجديدة، بات سكان عرب وأغلبهم من أبناء العشائر يشعرون بتعالي التركمان عليهم في الاحتكاكات بين الطرفين. وهذا الشعور أو السلوك كفيل بزرع بذور خلافات اثنية، إذ هناك من يعتبره سبباً في اندلاع اشتباكات بين ”الجبهة الشامية“ و”السلطان مراد“ (قياداتها تركمانية)، رغم أن الصراع على موارد المعبر الحدودي أكثر اقناعاً.

بكل الأحوال، التوترات الاثنية موجودة، وقد تتطور في حال عدم احتوائها. ولهذا السبب ربما أقدمت تركيا على تشكيل ”مجلس العشائر السورية الثوريّة الحرّة“ من 29 عشيرة وقبيلة في منطقة درع الفرات، وذلك غداة اجتماعات داخليّة استغرقت شهوراً، وفقاً لتقرير صحافي. 

بيد أن كثيرين في منطقة درع الفرات، ومن بينهم عرب يشكون التعالي التركماني، باتوا يتحدثون بصراحة عن رغبة في تحول منطقة ”درع الفرات“ الى لواء اسكندرون ثان يحظى بخدمات وتنمية، وذلك كحل ليس مثالياً، لكنه أفضل من العودة إلى الحكم الأسدي أو فوضى الفصائل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها