الإثنين 2017/01/16

آخر تحديث: 08:24 (بيروت)

معارضة ترامب في الشارع

الإثنين 2017/01/16
increase حجم الخط decrease

مطلع الشهر الماضي، بحث جو بايدن نائب الرئيس الأميركي جاهداً في تاريخ الولايات المتحدة، للعثور على لحظة سياسية مُشابهة للانقسام الحالي بعد انتخاب دونالد ترامب. حض في حفل تسليمه جائزة للعمل العام، الأميركيين على عدم اليأس، رابطاً بين الأحداث الحالية وانتخابات عام 1968 التي ”كانت سنة سيئة جداً لكن أميركا لم تنكسر“، بحسب ما جاء على لسانه. 

هذا الجهد الجهيد لبايدن تناوله أحد كتاب مجلة نيويوركر الأميركية قبل أيام.    فنائب الرئيس الأميركي قارن فترة الانقسام الحالي داخل الولايات المتحدة، بسنة شهدت اغتيال مارتن لوثر كينغ، وتلاها انتخاب الرئيس السابق ريتشارد نيكسون الذي خاطب استياء المحافظين من التظاهرات المناوئة لحرب فيتنام. 

ورغم أن محاولة بايدن كانت تهدف الى تذكير الأميركيين بأن في تاريخهم لحظات انقسام دموية لم تؤد إلى تفتيت البلاد، إلا أن المقارنة لم تتسم بالدقة. قدم نيكسون نفسه مرشح استقرار في زمن الفوضى، وأنهى التدخل الأميركي في فيتنام عام 1973. لكن نيكسون لم يملك مثل ترامب الغالبية في شطري الكونغرس، وبالتالي كان عليه الاستقالة قبل تحرك الأخير لعزله بعد فضيحة ووتر غيت. 

إلى جانب السيطرة الجمهورية على شطري الكونغرس، ستشهد رئاسة ترامب غالبية جمهورية في المحكمة العليا أيضاً، ستمتد إلى جيل كامل على الأرجح. 

تُضاف إلى هذه السلطة السياسية الواسعة النطاق، والمتزامنة مع انقسام محلي، جُرأة على تجاوز الأعراف. لم يُشكك الرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون في المؤسسات والديموقراطية الأميركية بقدر ما يفعل ترامب الذي ادعى بعد أسبوعين على انتخابه بأن ملايين الناس صوتوا بشكل غير شرعي لمصلحة منافسته هيلاري كلينتون. بكل بساطة، شطب الرئيس المنتخب ملايين الأصوات من منافسته. وبعد التسريبات الأخيرة المسيئة له، قارن ترامب بين المؤسسات الأمنية والاستخباراتية الأميركية، تحديداً وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) ومكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي)، وبين ألمانيا النازية. هاتان المؤسستان قد تتحولا لاحقاً إلى أداة لتحقيق مآرب سياسية وضمان ولاية ثانية يطمح لها. كما لم يجرؤ الرؤساء الأميركيون في العقود الماضية على الإدلاء بتصريحات كالتلميح إلى أن المكسيكيين ”مغتصبون“، واقتراح سياسات تستهدف المسلمين وتضعهم جميعاً في خانة واحدة.

معظم ردود ترامب ضد خصومه حملت إما هجوماً شخصياً، أو تشكيكاً بالمؤسسة والمنصب، أو الاثنين معاً. وخطابه يُمثل تدنياً في مستوى السياسة الأميركية، اعتبره البعض نهاية حقبة المثالية الأميركية، وبداية أخرى يصعب العثور على مثيل لها في العقود الماضية. 

بإمكان أي رئيس أميركي مقبل الإدلاء تصريحات مسيئة بحق المرأة والأقليات من دون مواجهة أي عواقب لذلك في صناديق الاقتراع. حتى بعض السياسيين الجمهوريين الذين انتقدوا اساءة ترامب للنساء، تراجعوا حال فوزه.

في المحصلة، يُرجح ألا تكون هناك رقابة مؤسساتية على ترامب، من المحكمة العليا الى الكونغرس والمؤسسة الحزبية. لم يبق إلا الإعلام الذي سيُواجه عقبات جمة، والشارع. يوم السبت المقبل، أي التالي لموعد تنصيب الرئيس الجديد، ستنزل عشرات آلاف النساء الى الشارع أمام مبنى الكونغرس في رسالة قلق واحتجاج. في الشهور المقبلة، يُتوقع المزيد من هذه التظاهرات، سيما في ظل صعود نجم مجموعة ”حياة السود مهمة“ في أنحاء الولايات المتحدة.

من الصعب التنبؤ بما ستؤول اليه الأمور في الولايات المتحدة، لكن من المؤكد أننا أمام 4 سنوات لم نر لها مثيلاً في تاريخ هذا البلد.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها