الأحد 2015/12/06

آخر تحديث: 09:21 (بيروت)

جنبلاط والحريري:آخر المعاصي

الأحد 2015/12/06
increase حجم الخط decrease

المعصية السياسية التي ارتكبها النائب وليد جنبلاط ومعه الرئيس سعد الحريري، وخلفهما الرئيس نبيه بري، لا تحتمل المغفرة، ولا تسمح بالتوبة، ولا توفر لاي منهم فرص اعلان الندم. لعلها ستكون ذروة المعاصي وخاتمتها المأساوية.

اختيار النائب سليمان فرنجية ليس ملهاة، مع انه يتسم ببعض من هذه الصفة، ولن يكون مخرجاً من أي مأزق، دستوري او سياسي. الاصح انه سيكون مدخلا لطور جديد من الازمة اللبنانية المعطوفة منذ العام 1976 ، على اختبارات القوة والسلطة السورية. الاختيار هو بالحد الادنى استدعاء جديد لسوريا النظام والمعارضة على حد سواء للدخول الى لبنان بشكل مختلف عن أي وقت مضى. 

هذه المرة الاستدعاء يرتكز الى عناصر الازمة السورية اكثر مما يندفع للبحث عن حلول للازمة اللبنانية. مع الحفيد، التاريخ سيعيد نفسه، وسيكون لبنان امام معضلة مشابهة لتلك التي انتجها الجد الرئيس الراحل سليمان فرنجية، عندما دعا الرئيس حافظ الاسد الى ردع الخصوم اللبنانيين والفلسطينيين. وتحول الردع الى إقامة مديدة، والى أزمة بديلة.

ما يفعله جنبلاط، ومعه الحريري وبري، هو إعلان الانخراط الابرز والاخطر بالحرب السورية. ومن الان فصاعدا سيصبح إلتحاق حزب الله المشين في تلك الحرب مجرد تفصيل صغير، جميلٍ يرد خلف الحدود اللبنانية، بالمقارنة مع خطوط التماس التي ستنفتح في الشوارع اللبنانية، وينضم اليها سوريون موالون ومعارضون، بطريقة اسوأ بكثير من ذلك الظهور المسلح لمقاتلي جبهة النصرة في عرسال، الذي ارتعب منه اللبنانيون جميعا، وأدركوا ان كل أحلام الانفصال او الابتعاد عن الحرب السورية ضاعت سدى. 

اختيار فرنجية هو بهذا المعنى تجديد للشعار القديم، المدمر للكيان اللبناني ولاستقراره المنشود دائماً: وحدة المسار والمصير ستكون فعلاً لا قولاً، وبشكل دموي، ينحي جانباً الصراع السوري الافتراضي مع العدو الاسرائيلي، ليعلن اندماج لبنان الكامل بالحرب الاهلية السورية، لا سيما عندما يعلن الرئيس المختار انحيازه العملي الكامل مع النظام وانضمامه الى معركته، وعندما يتنبه المعارضون السوريون، وعلى رأسهم داعش والنصرة تحديدا الى هوية الرئيس اللبناني الجديد وهواه وسياسته، والى الجبهة الجديدة التي فتحت للحرب معهم..او عندما يلاحظوا ان النظام في دمشق حقق في المحافظة اللبنانية مكسباً سياسياً وأمنياً مهماً، يعادل إسترداد ريف حلب الجنوبي او ربما يفوقه. 

عندها لن تكون جبهة بيروت نفسها مختلفة عن جبهات حلب او حمص او حماه، وستدخل العاصمة اللبنانية بنداً على جدول أعمال اي مفاوضات سورية - سورية، ولن يكون من المستبعد في وقت لاحق ان يجلس لبنانيون، موالون ومعارضون، على طرفي تلك الطاولة السورية للبحث في شروط وقف اطلاق النار واعادة توزيع السلطة بين ابناء الشعب الواحد المقيم في دولتين!

ليس لمعصية اختيار فرنجية من حصيلة اخرى. الاحتفالات التي ستنظم في دمشق بانتخابه ستكون بلا ادنى شك أكبر وأهم من تلك التي ستجري في بيروت او حتى في زغرتا. اما التعهد الذي يقال ان جنبلاط والحريري حصلا عليه بالا تكون زيارة الرئيس فرنجية الاولى الى العاصمة السورية، فانها يمكن ان تكون الزيارة الثانية او الثالثة، او يرجح ان تستبدل باستقبال ضيف سوري ممنوع من السفر الى الخارج، في قصر بعبدا. وقد وجهت الدعوة بشكل غير رسمي بالفعل قبل ايام.

المعصية كبيرة جدا، والمخاطرة أكبر. ولا تقف في وجهها اليوم سوى قوتين مسيحيتين كبريين تحفزهما دوافع شخصية بحتة، ولا يعطلها سوى احتمال إنكشاف تلك الخدعة الرائجة عن ان اختيار فرنجية تم بناء على كلمة سر اميركية فرنسية فاتيكانية سعودية..وهو ما لم يثبت حتى الان باي دليل ملموس، عدا عن ان تلك الدول ما زالت تتجاهل لبنان وتزدري سياسييه الذين أدمنوا على ارتكاب المعاصي.    

       

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها