الأربعاء 2015/05/20

آخر تحديث: 17:43 (بيروت)

تدمر:أم سياف تخلف الملكة زنوبيا

الأربعاء 2015/05/20
increase حجم الخط decrease

فلتقرع الاجراس الان: دخل داعش الى مدينة تدمر التاريخية. وهو لا يبدو انه ينتقم من الملكة زنوبيا بعدما اقدم الاميركيون على اعتقال السيدة أم سياف، زوجة المسؤول النفطي في تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" الذي قتل في الغارة الاميركية الاخيرة على دير الزور، والتي كانت مكلفة بشؤون التعذيب والقتل لاسيرات التنظيم وبينهن رهينة أميركية قتلت اخيراً.

من المستبعد ان يكون الاميركيون قد خطفوا السيدة أم سياف لانه ثبت لديهم أنها هي الزعيمة الفعلية للتنظيم، وليس أبو بكر البغدادي او أبو التيم او أبو سياف او سواهم من قادة داعش الذين تتردد اسماؤهم كل يوم..او لانها هي التي وضعت خطة فتح تدمر بأمل الجلوس على عرش الملكة زنوبيا.هوية التنظيم وفكره وبنيته لا تسمح بمثل هذا الترف. وتجربة اميركا وسياستها وسلوكها لا تقيم وزناً لمثل هذا الجدل.

المؤكد الان ان التنظيم سيمحو كل أثر في المدينة العريقة التي صمدت منذ القرن الاول قبل الميلاد وحتى اليوم، على الرغم من أن المعالم المتبقية من المملكة التاريخية ستكون عصية على الهدم او حتى التفكيك، كما ان موجودات متحف المدينة (التي يقال انها نقلت الى العاصمة دمشق) لا تزيد أهمية على سجلات سجنها الشهير الذي استضاف الكثيرين من المعارضين السوريين في عهدي الأسد الاب والابن تحديداً.

معركة التنظيم، الذي يرجح ان يشطب أسم زنوبيا من سجلات النفوس ويحظر على النساء التكني به، لن تكون هذه المرة مع التاريخ وحده، كما ان فتوحاته لن تكون في الجغرافيا فقط: ثمة تحول سياسي دراماتيكي في الأزمتين العراقية والسورية، يتمثل في كون دولة الخلافة الاسلامية تتوسع وتترسخ اكثر من اي وقت مضى، برغم الضربات التي تتعرض لها من كل حدب وصوب، او حتى بفعل هذه الضربات. ها هي تطل من جديد على بغداد من الرمادي، وتقترب من دمشق عن طريق تدمر-حمص.

هذا التوسع هو إنذار وإخطار في آن معاً: الحملة العسكرية العالمية التي تشن على داعش أخفقت في دحره او حتى تطويقه. السياسات والادوات التي استخدمت ضده حتى الان لم تعد مجدية. الخيار الاميركي لم يكن حاسماً لانه إستند الى منطق سياسي متردد ومشوش، والاعتماد على نظام الرئيس بشار الاسد كان يتسم بالحماقة بقدر ما كان إستفزازياً،وقد ساهم فقط في كشف المزيد من وهن النظام وفي دحض حجته الدائمة بانه النقيض لذلك التنظيم والقادر على تصفيته.

حصل العكس تماماً: منذ ان بدأت تلك الحملة إزداد داعش قوة ومنعة. ففي واشنطن، ما زال الرئيس باراك أوباما يردد ان الحل لن يكون عسكرياً- مع ان داعش ليس تنظيماً سياسياً- ولن يتم ارسال القوات الاميركية الى سوريا، مع ان احداً لم يطلب غزواً اميركياً جديداً، بل خطوات بسيطة جداً ومساعدات غير مكلفة ابداً. وفي دمشق، ما زال النظام يعتبر ان السوريين الذين سينجون من غاراته الجوية والصاروخية، سيتوسلون منه البقاء في الحكم والى الابد.

خيبتان تصنعان اليوم مجد داعش، وتساهمان في اقامة دولته السيدة المستقلة، التي لن ترسم حدودها النهائية الا بعد استكمال الفتوحات في منطقة الفراغ السياسي والعسكري. القرار الاميركي بتوفير الدعم المباشر الى الميليشيات العراقية المقاتلة على الجبهة مع داعش، في الانبار، جاء متأخراً جداً، وكذا الامر بالنسبة الى البحث الاميركي الروسي المتجدد في مرحلة ما بعد بشار في سوريا.

لا يبدو ان داعش يقاتل دولاً وجيوشاً وافكاراً، بل هو يحارب ميليشيات مثله، وضعتها الصدف في مواجهته. وهو سينتصر لان الملكة زنوبيا غير قادرة على الذود عن مملكتها التي اشتهرت بتحولها الى سجن تخرج منه كل من يمكن ان يدافع عن سوريا.   

       

     

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها