الأربعاء 2015/02/25

آخر تحديث: 19:10 (بيروت)

.. ووصل المنحبكجي إلى أوروبا

الأربعاء 2015/02/25
.. ووصل المنحبكجي إلى أوروبا
اللوحة للفنان السوري محمد الوهيبي
increase حجم الخط decrease

ليس نعيماً ما يصبو إليه النفر. ليس الجنة. النفر فقط يريد الإستقرار خارج الجحيم لهنيهات. لكن هيهات، فالجحيم يلاحقه. فها هم المنحبكجية يتنكرون بهيئة نفرات ويهربون من حضن الوطن الغالي على حد تعبيرهم، ها هم يصولون ويجولون في أوروبا. بل ويأخذون بزمام المبادرة، ويغرقون في بحيرة ناعمة مريحة اسمها التمويل. يحظون باسم قرفهم المبتكر من داعش بكافة الإمتيازات، وبكل وقاحة يتخلون عن وطنهم الأسد. يتركونه في المعركة التي دعموها وهتفوا لها لوحده، لكنهم في قلوبهم مطمئنون أن الحكومة استوردت منحبكجية من إيران عوضاً عنهم، وذلك خوفاً من انقراض المنحبكجي الوطني. فالمنحبكجي الوطني هو السماد الذي تتغذى منه الديكتاتوريات، وإستحياطاً ارتأت الحكومة الوطنية الحفاظ على الثروة القومية من سماد وطني شريك مضارب على الدوام في كل المشاريع.

ويا للفرحة الكبرى، فلقد أضحى عدد المنحبكجية الوطنية في مشاريع الثورة أكثر من عددهم في مشاريع النظام. وهذا إذا ما دل على شيء فإنما يدل على أن معارضتنا وطنية جداً، بل وأكثر وطنية من النظام ذاته. فالنظام صار غارقاً في عسل الغريب الغالي المنتظر الحبيب. و"صلوا عَ الحبيب"، فقد وصلت جحافل المصلين، جحافل الندابين، جحافل اللطامين، جحافل المتظلمين، جحافل المذنبين المساكين الباحثين عن التطهير. ولمَ لا؟ فهنا تلطم نفسك وتقتل سورياً. تندب ماضيكَ ومستقبلكّ ومآلك وتقتل سورياً. تناجي ربك وتقتل سورياً. وكأن ربك فصمك، بشخصيتين خلقك، تبكي وتقتل، تبكي وتقتل. وكأن على الدنيا أن تصدق بكاءك وتنكر جرائمك. وكأن على الدنيا أن تغض الطرف عنك. فهل ستهرب من ربك؟ كيف السبيل؟ قل لي يا أبا الحق وساعة الحق؟!

ووصل المنحبكجي إلى أوروبا أسوة بالنفر الهارب منه ومن رائحة جيفته الخانقة. وصل المنحبكجي، على هيئة شيوعي أحمر حديدي "سيلفي ومكتبته خلفي". وصل على شكل علماني مترفع فولاذيويا جبل ما يهزك ريح،على موديل سني حديث متعصب سيبيد ويبيد، على قالب مسيحي متأسف من تصرفات الشعب، على ملامح كردي غاضب تاريخياً،على صفات درزي صامت ابن حلال، على سمات اسماعيلي شاعر.

وصل المنحبكجي إلى المنفى وصل. وصل بمهمة وصل، بينما من الموت هرباً النفر وصل. من القهر استراحة النفر وصل. من الذل الإجباري النفر نجا ووصل. من القتل المؤكد المبرمج النفر هرب ووصل. النفر نجا، بكل أشكاله للبلم ركب، وللغابات اخترق. أما المنحبكجي فهو القاتل الهارب بطائرة وفيزا مدللة. الهارب من عيون القتلة، الهارب من آثام لسانه وأمواله ويديه، الهارب من دناءة نفسه وخسة مطالبه، الهارب من المرآة، عبد الأسد الهارب من سوريا الأسد.

وها هو قد وصل. بانت طلائعه، طلائع البعث على  كبر، بمحفوظات القائد يترنمون سراً، ويجعرون باسم الثورة علناً. يجهشون في ولائهم للثورة، وهم لا يعرفون أن الثورة لا تحتاج إلى موالين، وأن المسألة ليست مسألة معارضة وموالاة، فالإثنان في الهوا سوا، مرتزقة ومجرمون. فات المنحبكجي وسيفوته على الدوام أن الثورة موجودة، جمر تحت رماد أوهامه وكذبه اليومي على نفسه، الثورة واقع حار ترقص على إيقاعه ذئاب البشرية في وطن النفر الأصلي. النفر وصل إلى أوروبا وهو ما زال صامداً في الوطن. النفر.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب