الثلاثاء 2015/09/01

آخر تحديث: 20:58 (بيروت)

"الكاميكاز" فتون رعد... والناشطون مَدَد "القيادة"

الثلاثاء 2015/09/01
"الكاميكاز" فتون رعد... والناشطون مَدَد "القيادة"
قوى الأمن أجبرت الإعلاميين على إخلاء وزارة البيئة (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
ما أثبته إصرار مراسلة "أل بي سي" فتون رعد اليوم في وزارة البيئة، أن السلطة تخاف الإعلام. سلطة، ببساطة، تخاف الفضيحة، في مقابل مراسلة شجاعة، رفضت الخروج من الوزارة، بغرض حماية المعتصمين، ومنع التعتيم على ما سيجري معهم إذا ما ظلوا في مواجهة قوى الأمن بلا أضواء الإعلام. هذا الخيار "الكاميكازيّ"، يفتح ثقباً للضوء في عتمة المشهد السياسي، يتمثل في أنه لا يزال هناك رادع في البلاد، أو على الأقل، ما يمنع السلطة من الذهاب بعيداً في خيارات العنف.

الالتزام بحماية المحتجين اليوم من الاعتقال، هو استمرار لجهود سابقة، أحرجت السلطة ووضعتها في مواجهة المنتقدين، وبينهم مسؤولون غربيون إستنكروا "الافراط في استخدام القوة" ضد المتظاهرين. إثر ذلك، امتنعت السلطة عن استهداف المتظاهرين يوم السبت الماضي، بموجب أوامر صارمة صدرت إلى رجال قوى الأمن الداخلي الذين واكبوا التحرك من بعيد، بعد تجريدهم من ذخائر بنادقهم، تحسّباً لأي حادث. ذلك الاجراء، ما كان ليُتخذ، لولا ضغط مارسته وسائل الاعلام لتجنيب البلاد حوادث مشابهة.

اليوم استُكمل المشهد. كررت رعد السؤال نفسه على الضباط والعناصر، تحت ضغط الخوف. "لماذا تطردون الاعلام؟" بالتأكيد، لا إجابات واضحة، سوى التمسك بعبارة "تطبيق القانون". غير أن تطبيقه، في ردهة معتمة، باتت مظلمة بعد حين، ومقطوعة من "اوكسجين"، دفعها لالتزام البقاء دون الاستجابة لمطلب الخروج. فردّت، الى حد بعيد، العنف عن المتظاهرين، مدفوعة بسلطة اقوى، هي الصورة، التي انقطعت، قبل عملية الاخلاء.

وفي المقابل فإن فتون رعد جزء من منظومة إعلامية قررت الوقوف الى جانب المتظاهرين، حتى تخطتهم بالمطالب. المحطة التي تنتمي اليها، أي LBC، الى جانب تلفزيون "الجديد"، لم تغطيا الحدث، بل صنعتاه. حرّكتا التحرك، وفق آلية عفوية، بداية، ثم إدارة فعلية للأزمة/الحراك، وكأنما بدافع من محرك خفي، قد يكون مادياً أو همّاً شعبياً أو إعلان الولاء للجمهور. لا يهم ذلك كله... المهم أنهما باتتا الحدث نفسه، تختصرناه، وتحركان مجرياته، وترسمان أبعاده، وتخططان لإنقضاض الشعب على السلطة، بوحي من "قهر" اجتماعي، يُسرّ به، أو تُخفى أمنياته، على قياس شجاعة المعترضين على البوح.

وعليه، فتحت القناتان هواءهما من ساحة الشهداء بلا مبرر واضح، كأن يكون هناك تظاهرة في الساحة أو اعتصام (وهذا من وجهة نظر متابع لا يعرف خفايا ما يدور في المحطات). مهلة الـ72 ساعة، كانت عند المعتصمين الاوائل، فرصة للاستراحة. بينما، اعتبرتها "الجديد" و"ال بي سي" (التي أطلقت عدّاداً زمنياً في زاوية شاشتها) استكمالاً لحراك، يغلي على وقع المهلة. فوجئ الجميع باقتحام وزارة البيئة، الا طواقم المحطتين. هل كانوا على علم بتطوّر مشابه؟ هل صنعاه؟ هما، على كل الاحوال، سؤالان لا يعرف الإجابة عليهما سوى القائمين على المحطتين. في وقت التحقت "إم تي في" بالركب، على قاعدة تغطية الحدث، كمن يحمل عصا القضية من الوسط: لا مع الاعتصام بالمطلق، ولا رفضه بالمطلق، لكنه تأييد مشروط!

وانطلاقاً من صناعة الحدث التي اتبعتها المحطتان، ظهرت التغطية اليوم، على وجه مخالف للتصورات المسبقة عن حراك اجتماعي. التبني للحدث، يفرض أن استهدافه سيكون مساساً بمن يخلقه. عليه، تعاطت المحطتان على أساس أنه استهداف شخصي لها. وساعدتها السلطة بذلك، عبر حجب العدسات. فتحولت العين من استهداف الناشطين، الى استهداف الاعلام نفسه. تصدرت رعد مشهد "المستهدفين"، على ضوء تعرض القوى الأمنية لها. "لقد أمسكني بيدي العميد الأيوبي"، قالت للجمهور. اشتكت للمشاهدين التعرض لها. لم تكن تستعرض، بل كانت توحي بأن قيادة الحدث، باتت في موقع الاستهداف.

وعلى صورتها، تحول المراسلون الزملاء من موقع الشاهد على استهداف الناشطين، الى الشاكي من استهداف الاعلام، وذلك في صفحاتهم في "تويتر".. وكأن الناشطين، ليسوا أكثر من جنود "زحّافة" خلف لقيادة الحدث المتمثلة في محطتين تلفزيونيتين هذه المرة.

 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها