الثلاثاء 2015/07/28

آخر تحديث: 19:04 (بيروت)

الحرب "المسطحة".. جبهة أميركية جديدة لقتال "داعش"

الثلاثاء 2015/07/28
الحرب "المسطحة".. جبهة أميركية جديدة لقتال "داعش"
increase حجم الخط decrease
تخوض الخارجية الاميركية حرباً ايديولوجية ضد تنظيم "داعش". فبعد تطور استراتيجية التنظيم الدعائية في مواقع التواصل الاجتماعي، كان لا بد للوزارة المعنية بتسويق سياسة واشنطن وحربها القائمة باسم التحالف الدولي ضد التنظيم في العراق وسوريا، ان تعمل جاهدة على مواجهة تمدد حسابات "مجهولة" تناصر "داعش" وتروج لنشاطه الارهابي.

هذا الترويج لا ينتهي عند حدود تناقل مقاطع فيديو لعمليات الذبح والتصفية الجسدية، التي درجت أخيراً، وعبر تغريدات تحث على القتال والعنف، بل يتعدى ذلك ليدخل في سياسة استقطاب مجاهدين غربيين، وابناء جاليات مسلمة لا يعرفون من بلدانهم الاصلية الا ما ينقله "غوغل" عنها.

تبدو هذه الحرب "مسطحة"، ويتولى فريق متخصص تابع للوزارة ادارتها. يظهر ذلك في صفحة "فريق التواصل الالكتروني الاميركي" التابعة لوزارة الخارجية الأميركية وهو حلقة الوصل والتواصل بين أميركا والجماهير العربية عبر الفضاء الالكتروني، كما يعرف عنه نفسه. وعلى الرغم من الانتاج المكثف للفريق، في اعداد أشرطة قصيرة (لا تعدى الدقيقتين)، لم تحقق، حتى الآن، اي هدف سوى المزيد من الانتقادات، التي يلاحظ ان الفريق يرد عليها واحدة واحدة، في ظاهرة مستجدة في ادارة الصفحات الفايسبوكية.

ويعمل موظف مكلف بالدفاع عن سياسة واشنطن في ادارة ملفاتها الشرق - أوسطية، لا سيما المتعلقة في سوريا والعراق واليمن. ولا يغيب عن هذه الردود "المفتعلة" الخطاب السائد والمؤدلج والرومانسي، في تكريس صور نمطية عن العرب وقبائلهم، فيستدل الموظف الى قيم الشرف والمروءة والعادات البالية في بعض ردوده، وكأنه يخاطب العقل العربي ما قبل الثورات، بل ما قبل الحداثة! أو لنقل أن خطابه موغل في السطحية الثقافية وعبادة الجذور.

وعليه، فإن الاستراتيجية المتبعة من الفريق في مواجهته الافتراضية تقع في مشكلات عديدة، ليس اقلها الخطاب الموجه الى العرب، والذي يبدو مفككاً واستهلاكياً، ولا يؤدي وظيفته المفترضة. وثانياً، التموضع الآلي للفريق، الذي يجنح في كثير من الاوقات إلى الدفاع باستماتة عن سياسة واشنطن. فيبدو أن خطابه لا يقدم سوى ترسيخ لهذه السياسة، وبدلاً من ان يكون صلة وصل في بعض الاحيان (على ما يسمي الفريق نفسه انه صلة وصل بين العرب وواشنطن)، تزيد هذه المساحة "الدعائية" من الشرخ.

ويركز الفريق منذ بداية الضربات الجوية للتحالف الدولي (منذ اقل من عام)، على نشر فيديوهات تدحض سياسة التنظيم القتالية، وتظهر افراده في حفر يستنطقون او يبكون بعد القاء القبض عليهم. وتبدو معظم هذه الفيديوهات ممنتجة بطريقة انفعالية، ولا يوجد فيها اي تسلسل مقنع، وبعضها يرصد خطب البغدادي بطريقة ساذجة وبربط غير محكم، وكأن هذه الاشرطة "واهية". ويستخدم الفريق في ترويجه "هاشتاغ" يتكرر في أكثر من فيديو وبوست وتغريدة، وهو "#فانية_وتتمدد"، وهو شعار معاكس لشعار تنظيم "الدولة الاسلامية"، بأنها "باقية وتتمدد".

هذه الحرب التي شاءت ان تكون اكثر ضراوة من الميدان، شكلت في عالم الافتراض، تساؤلات جدية، حول تأثير الخطاب الذي تبثه دعاية "داعش"، ومستوى مواجهته. فالخارجية الاميركية التي عملت على تطوير فريقها الذي نشأ مع بداية العام 2006، وازدادت مهامه مع بروز طاقات "داعش" الدعائية في الإعلام الاجتماعي، لم تؤسس لاستراتيجية مواجهة ومدروسة، كما يفعل داعش. فحرب "الكرّ والفرّ"، القائمة على مبدأ اغلاق حساب من هنا او ازالة فيديو من هناك، لن تجدي نفعاً. ذلك ان الدور الذي تخدم به مواقع السوشيل ميديا، التطرف، بات واسعاً. فيعمد التنظيم الى الاستفادة من هذا الفضاء، ومن قدرة التحرك فيه بسهولة، من اجل بث رسائله ومضمون اعماله واستقطاب مناصرين له. وهو ما لم يقدر "فريق التواصل" حتى اللحظة على مقاومته بفعالية، كما اي جهاز استخباري او اعلامي آخر، ولم تعتمد اي خطة حكومية جدية بعيدة المدى لمواجهة هذا المحتوى، الذي وفق دراسات زاد من نسب العنف وافكار التطرف.

وكان مجلس النواب الاميركي اقر مشروع قانون يطلب به من الاستخبارات الاميركية اعداد تقرير عن استخدام الإرهابيين لوسائل الاعلام الاجتماعية. ولا يزال الاقتراح قيد النظر في مجلس الشيوخ ويتطلب موافقة شركات وسائط الإعلام الاجتماعية للإبلاغ عن النشاط الإرهابي إلى الحكومة، ولكن حتى الآن لا تزال معايير التقييم في تشريع ما هو ارهابي وغير ارهابي وتصنيفه غير واضحة.

يشار الى ان فريق التواصل الإلكتروني ينشط مع مواقع الإنترنت باللغات العربية والفارسية والأوردو بما في ذلك المدونات والمواقع الإخبارية والمنتديات. ويؤكد ان مهمته شرح السياسة الأميركية الخارجية والتصدي لما تسميه وزارة الخارجية الأميركية "التضليل الإعلامي" بغية تحسين صورة الولايات المتحدة الأميركية خارجياً عبر التفاعل مع مستخدمي الإنترنت والدفاع عن سياساتها من خلال محاولة تبديد الشكوك التي تثار حولها والإشادة بالقيم الأميركية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها