الإثنين 2014/09/01

آخر تحديث: 19:09 (بيروت)

"فايسبوك": هذه النقرات وروابطها لي

الإثنين 2014/09/01
"فايسبوك": هذه النقرات وروابطها لي
increase حجم الخط decrease

في بيان نشرته إدارة "فايسبوك" في مدونتها، عبّرت عن رغبتها في تخفيض نسبة النقر داخل موقعها. طبعاً، وراء هذا الإهتمام بعدد الـ"كليك"، ثمة موضوع آخر، وهو مكافحة الروابط الإلكترونية، التي تنقل المشترك من "كتاب الوجه" إلى خارجه، للإطلاع على خبر، أو قراءة مقال، أو مشاهدة فيديو. على أن القرار الفايسبوكي الجديد يقضي بمراقبة هذا الإنتقال، وتعيينه وقتياً، ومن ثم، أخذ الإجراءات المناسبة بحق الروابط المنتشرة حول الجدران وفيها، وذلك، لتقنين النقرات، أو بالأحرى حصرها داخل الفضاء الأزرق.

عندما ينقر المستخدم على رابطٍ ما، كان قد برز على حائطه العام، وحول وجهته من صفحته الشخصية إلى موقع إخباري مثلاً، يسجل "فايسبوك" الدقائق، التي يمضيها هناك. في حال، عاد سريعاً إلى نقطة انطلاقه، أي بروفايله، فهذا يعني أن الرابط يستدعي الإزالة. أما، إذا قضى أكثر من خمسة دقائق، فعندها، يُترك على حضوره، ولا يتعرض للمحو، لأنه قد يثير انتباه مستخدمين آخرين، ونقرهم. إلى الوقت، يُضاف معيار ثاني، أي الـ"لايك" والتعليق، فإذا أعجب المشترك بمحتوى الرابط، أو علق عليه، يُصان حضور الرابط في الـ"نيوز فيد"، وعند وقوع العكس، يجري إبعاده.

بهذه الطريقة، ينظم "فايسبوك" نقرات مشتركيه، ويحدد مقصدها، كي لا تُبدد هنا وهناك، وبلا أي مردود لهذا الإسراف أو التبذير. فـ"دولة الوجه" تعطف على سكانها، وتحاول بقدر المستطاع أن توفر لهم ما يريدونه، من خلال التدخل في عدد نقراتهم ومضمون الروابط التي تحضر في عيشهم الأزرق.

هذه هي الغاية المعلنة، أو الرسمية، من تقنين النقرات. أما الهدف الآخر، الذي يُستنتج منه، فهو حصر النقرات في فضاء "فايسبوك"، وتحديد وجهاتها، إضافة إلى مراقبة أي رابط مشكوك في قيمته التواصلية، ومحاولة مكافحته، كي لا ينقل المشترك إلى الخارج. بعبارات أخرى، يرغب الموقع الأزرق في احتكار النقر داخل مجاله، الذي، بفعل قراره الجديد، يحافظ عليه، ويحرس طرقه، وكل ذلك من أجل ضمان تفاعل المستخدمين، أي لضمان فايسبوكيتهم عند انتقالهم إلى مواقع أخرى.

فما دام هؤلاء يخرجون من مجاله، وعبره، إلى هذا الموقع أو ذاك، عليهم ممارسة "هويتهم" الأولى أينما ذهبوا، "تلييكاً" و"تعليقاً"، وإلا سيكون ذلك دليلاً على عدم ارتباطهم به.

في النتيجة، إقتصاد النقرات، الذي يعتمده "كتاب الوجه"، يهدف إلى حصر "كليك" المشتركين داخله، والحفاظ على "فايسبوكيتهم"، بالإضافة إلى إقتلاع الروابط التي تستهلك النقر، وتبعد صاحبه عن التواصل، بحسب المعايير الزرقاء. كما لو أن "فايسبوك" يقول على لسان محمود درويش "لي ما كان لي"، ولا يمكن لـ"ما كان" سوى أن يكون له، حتى لو خرج منه، وذهب إلى مواقع مغايرة له.

يتعامل الموقع الأزرق مع مستخدميه كقاعدة ثابتة، منها يخرجون، وإليها يعودون من خلال روابط محددة أو مراقبة على الدوام. وبذلك، يربط بين أمرين. من جهة، النقر كفعل أساس في الحياة الإلكترونية، ومعه عضوه، أي الإصبع، أو "الإبهام الصغير" على قول ميشيل سير. ومن جهة أخرى، التواصل كمقصد، وهو ما يصح الإشارة إليه فايسبوكياً بـ"إمتلاك وجه".

تالياً، ومع ممارسته إقتصاد النقرات، يبدو "فايسبوك" كأنه يبغي التحكم بالإصبع من أجل تدويم الوجه، الذي ما أن يحمله المشترك حتى لا يستطيع التخلي عنه، إذ عليه أن ينظر من خلاله إلى المواقع الأخرى، التي بدورها تستحيل أقنعة عابرة أمام ذلك الوجه، أو قسمة من قسماته. مثلما أن النقر على روابطها، وصوبها، يصبح استمراراً للتفاعل في "فايسبوك"، فمنه يخرج المستخدمون، وإليه، يرجعون. وما بين الخروج والرجوع لا وجود لسواه تحت الإصبع، أو في ملامح الوجه.

increase حجم الخط decrease