الأحد 2015/12/20

آخر تحديث: 17:30 (بيروت)

بلال فضل لـ"المدن": سأعود حين يتوقف عقاب الكتّاب المصريين!

الأحد 2015/12/20
بلال فضل لـ"المدن": سأعود حين يتوقف عقاب الكتّاب المصريين!
مسألة شعبية أي برنامج مسألة نسبية جداً.
increase حجم الخط decrease
يكفي ذكر اسم بلال فضل في أي تجمع في مصر أو خارجها، حتى تنقسم الآراء، ليس انقساما بين فريقين بل بين مجموعات، لكل واحدة رأيها: المعجبة بغزارة إنتاجه المكتوب، والساخطة على أفلامه، المحبة لخفة ظله والمستثقلة كتابته، وهكذا.. في كل الأحوال لا تحضر سيرته بالخير أو المعارضة منفردين، بل خليط من هذا وذاك، ومن منا ليس كذلك؟

بداية معرفتي ببلال فضل كانت بمشاهدة أفلام كتبها والسخرية منها، مع عدة إفيهات إلتصقت في الذاكرة من هنا وهناك، تزامناً مع قراءة صفحة "قلمين" في صفحات جريدة "الدستور" مع عمرو سليم. كانت الصفحة معطى جديداً عليّ تماماً، مثل تجربة "الدستور" كلها، بهذه الجرأة السياسية، واللغة التي تمزج الفصحى والعامية، والكاريكاتير التي ماثلت الكتابة في المساحة المفردة لها وثقل قيمتها صحافياً وإبداعياً. وبين ذلك كله، كان بلال الأخف ظلاً، والأقسى في رصفة إفيهاته. تمر الأعوام ولا تزال بعض نصوص الصفحة الموجِعة في الذاكرة، مثل رسالته إلى مفيد فوزي "من شاب مراهق إلى صحافي في سن الضياع" التي أذكر مكانها في الصفحة ورسمها وتكرار قراءتها كراهةً في هذا المفيد فوزي.

وسط "تفريخ" الإفيهات، اندهشت، وقتها من عينه اللاقطة ومتابعته الجيدة للجديد في عالم الكتب. ثم ثبّت فضل في صفحة قلمين، باباً لأفضل الكتب التي قرأها. الشغف الذي تحول إلى زاوية ثابتة له، "إنهم يكتبونني"، ثم برنامج تلفزيوني في شاشة "دريم" قبل الثورة مباشرة، بعنوان "عصير الكتب"، والتي توقف بعدها إحتجاجاً على الإجراء التعسفي الذي قامت به قناة "دريم" مع الإعلامية دينا عبد الرحمن إثر مشادة بينها وبين اللواء عبد المنعم كاطو مستشار الشؤون المعنوية للجيش وقتها. واليوم يعود "عصير الكتب" عبر شاشة "تلفزيون العربي".

من الصعب في حوار مع بلال فضل أن يقتصر الحديث عن برنامجه، على المجهود المبذول فيه، وتذهب المسارات إلى السياسة، ومشكلاته مع النظام الذي يحكم مصر الآن.

* ما الفرق بين برنامج "عصير الكتب" على شاشة "دريم"، والنسخة الجديدة في "تلفزيون العربي"؟

** لا فرق في شكل تقسيم البرنامج، أو ما يطلق عليه "الفورمات". لم زلت أبدأ البرنامج بمقدمة تتحدث عن موضوع له علاقة بكتاب ما، ثم أتبعها بتقرير وأحاور ضيفاً حول كتبه أو كتب آخرين، وما زلت أختم بفقرة كتاب الأسبوع. فقرة "روشتة" أيضاً، ما زالت مستمرة، وفيها يتحدث كاتب عن كتب مهمة أو مفضلة يرشحها للمشاهد. فقرة "سور الأزبكية" التي كنت أجري فيها حواراً مع الشاعر والناقد المصري شعبان يوسف، تغيّر شكلها، كنت أقدمها من خلال حوار معه. الآن هو يتحدث فيها منفرداً وفي مدة أقصر، كل مرة عن كاتب أو قضية ويتم استعراض الكتب القديمة والنادرة، وأعتبرها فقرة مهمة لإحياء الذاكرة والتنبيه إلى كتب مهمة لم يُعَد طبعها أو لا يعرفها كثيرون. وهناك فقرة جديدة اسمها "من ذاكرة الثقافة"، نتيح فيها ترجمة أجزاء من حوارات مع كتاب عالميين، ربما عرفهم القارئ العربي، لكنه لم يرهم يتحدثون بالصوت والصورة قبل ذلك.

* وما الجديد إنتاجياً وموضوعياً في النسخة الأخيرة من البرنامج؟

** ثبات فقرات البرنامج كان مقصوداً، للتواصل مع مشاهده القديم على "دريم"، ولأني أحب هذا الشكل الأشبه بشكل المجلة لأنه يتيح التنوع. لكن التغيير المهم بالنسبة إلي هنا هو أنه في الطبعة المصرية ولظروف الإنتاج المحدودة، لم نكن نلقي الضوء إلا على الكتّاب المصريين. أحياناً كنت أرشح كتباً لكتاب عرب، لكن هنا لدي فرصة مهمة لأن ألقي الضوء على تجارب الكتّاب العرب في أنحاء العالم، وأن أقدم تقارير عن أوضاع الكتب والثقافة في مناطق عربية متعددة، وأهمها فلسطين المحتلة، التي نقدم منها تقارير منتظمة، كما نلتقي ببعض الكتّاب العرب المقيمين خارج بلادهم، وبإذن الله في السنة المقبلة نستعد لتطوير الأمر باللقاء مع كتّاب أجانب، وسنبدأ بالذين اهتموا بالمنطقة العربية بشكل أو بآخر... بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل بإذن الله، سنقوم بتغيير الإضاءة وتعديل الديكور، رغبة في تطوير الشكل أكثر.

* يقال كثيراً إن متابعات البرنامج عالية لأن مقدمه هو بلال فضل، وليس لاهتمام المشاهدين بمضمونه، ودائماً ينتظر متابعوه حديثك في السياسة؟

** مسألة شعبية أي برنامج مسألة نسبية جداً. مشاهدات "عصير الكتب"، قياساً بالبرامج الثقافية تعتبر عالية جدا، لكن قياساً بأي برنامج سياسي - مش هاقولك فيه فضائح ولكن فيه مهاجمة للأوضاع - تعتبر منخفضة جداً. وهذا أمر أنا واعٍ له وحريص على ألا يبتعد البرنامج عن هدفه الرئيس وهو إثارة الاهتمام بكتب ومؤلفين ودفع المشاهد إلى البحث عن الأسماء التي قد تستهويه من خلال البرنامج. حتى عندما نتحدث عن السياسة لا نفعل ذلك تعليقاً على الأحداث، بل نتحدث عن قضايا عامة، ولذلك الحمد لله لن تجد من يستطيع أن يقتطع من البرنامج أجزاء على عينة "مقدمة نارية".

* بعيداً من السياسة وقريباً منها، في بدايات الألفية قامت تظاهرات في جامعة الأزهر احتجاحاً على نشر رواية الأديب السوري، حيدر حيدر، في الهيئة العامة للكتاب.. وأنت تتابع ما يحدث مع الزميل أحمد ناجي من حَمَلة لواء "أخلاق المجتمع"، كيف ترى المسافة بين الأزمتين؟

** بالنسبة إلي شخصياً، المسألة كانت مربكة جداً، لأنني وقت أزمة حيدر حيدر العام 1999 أو 2000 لم أعد أذكر بالتحديد، كنت مدير تحرير صحيفة "القاهرة" التي تصدرها وزارة الثقافة، ودخلت في معركة مع صحيفة "الشعب" والدكتور محمد عباس، وانتهت بأن أجد نفسي في المحكمة متهماً بالسب والقذف. وكسب محمد عباس الحكم ضدي بالغرامة عشرة آلاف جنيه، وكان وقتها أقصى حكم بالغرامة، مع أنه كان في ذلك الوقت يكفّر طوب الأرض، وبالتالي كنت أتخيل أن مسألة الضجة حول سطور في رواية مسألة صارت من الماضي، يعني احنا بنتكلم في 16 سنة مثلاً. وأذكر يومها أني كتبت أيضاً أستشهد بما في كتب التراث من سطور وفقرات، لو طبقت عليها المعايير نفسها، لتمّ حرقها، ولذلك حين استمعت إلى محامي دفاع أحمد ناجي، الأستاذ ناصر أمين، وهو يتحدث عن كتب التراث وما فيها من سطور وفقرات أقسى مما نشره ناجي ونشرته "أخبار الأدب"، شعرت بحزن شديد جراء فكرة أن الزمن يعيد نفسه بهذا الشكل المضحك، خصوصاً أنني كنت قبل أزمة حيدر حيدر قد شهدت أزمة مشابهة بسبب رواية الصقار، وكتبت فيها مهاجماً الأستاذ فهمي هويدي لاقتطاعه سطوراً من الرواية. 

* أنت تعيش في نيويورك منذ فترة، ما يجعل الكثير من متابعيك يتساءلون: متى يحين وقت العودة إلى مصر؟

** حتى الآن، المسألة مرتبطة بفكرة الشغل. بعد منع مقالاتي في "الشروق"، ومنع مسلسلي من العرض، بقيت حوالي تسعة شهور أنتظر أي فرصة شغل، وللأسف لم أحصل على أي فرصة. في البداية، حين كنت أقول ذلك، كان الرد بأنني أبالغ، وللأسف ثمة مثقفون محترمون قالوا وكتبوا إني أفتعل أزمة وإن مسلسلي "ليس ممنوعاً"، ودارت الأيام ومُنعت مقالاتهم من الكتابة، ولم يعتذروا حتى عن ظلمهم لي!
المهم إني بقيت فترة بلا عمل، ولا أحد من المنتجين كان ينوي أن يحرك الأعمال التي اتفقنا عليها، وبالمناسبة بعضها كان داخل التصوير. هذا الواقع لم يحزنّي. في النهاية، قررت أن أسافر وأقبل عرض عمل البرنامج مع "التلفزيون العربي"، وأكتب في مواقع الكترونية عديدة، كانت أولها "جريدة المدن الإلكترونية".. وفي الوقت نفسه، بدأت أدرس المسرح، وأطارد أحلامي القديمة بكتابة فيلم بالإنكليزية، وهو أمر بالغ الصعوبة.. وبالتالي لو حصل تغيّر ما في الأوضاع العامة، واختفت حكاية عقاب الكتّاب وإعداد "اللوائح السوداء" لهم وحظر أعمالهم.. أكيد سأكون سعيداً بأن أرجع الى مصر مجدداً، وأستأنف شغلي بشكل طبيعي، وربنا قادر على كل شيء.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها