الأربعاء 2015/11/25

آخر تحديث: 17:27 (بيروت)

مدينة بلا حرّاس

الأربعاء 2015/11/25
مدينة بلا حرّاس
في دمشق القديمة (غيتي)
increase حجم الخط decrease
أكره اسمي حقاً، عندما أضعه على رأس مقالة، أو في أسفل مقولة. ما فائدة الإسم حقاً؟ لماذا علينا التأكد من أننا نحن الذين قلنا هذا؟!!
وما الذي قلناه، وما الذي سنقول، وما الذي نقول؟!! 

انظر إلى هذا الحمار الناطق، بح صوته، لكن الفضائيات ما زالت مقبلة عليه، لماذا؟! تسأل نفسك، ثم تخجل من نفسك على السؤال.

انظر إلى هذا البطل، إن له تجربة، تجربة تخرسك وتخرس غيرك، تجربة تتيح له أن يقول ما لا يمكن فهمه، وما يمكن فهمه في بعض الأحيان. أحياناً، عندما يكون الفاهم مسلحاً بكمامة على الأنف. ويا ويلاه شو بده يتحمل هالأنف ليتحمل، شي بده يتحمل إهانة، ويقولوا عنه بلا ناموس، وشي بده يتحمل البوكس اللي جايي من قدام، الأنف عكس الرقبة، عكس الضهر، الأنف واجهة الوجه، واجهة المواجهة، وكسره حلال، يعني الدم اللي من الأنف مو رايح بوش، مع أنو العلاقة بين العدو والصديق صايرة خوش بوش، ونحنا منتبهين. بس بقى، مو في حوالينا مثقفين؟ هدول بيقولوا لنا لك هَي هِي السياسة، لازم نلعب، وإلعب. بويا إلعب، عيني إلعب. ولعبت الناس، وكترت الحراس، وكترت الحواجز، وصارت شوفة الناس حلم الناس، هذا عداك عن قرف الناس من شوفة الناس.

مدينة بلا حراس، مدينة تبع سرافيس وقناني غاز، مدينة بياعين مازوت، مدينة بياعين مي، مدينة بياعين قماش.
مدينة بلا حراس، مدينة عساكرها زباين، وأبوابها متاحف، ودروبها قصص أطفال.
مدينة بلا حراس.
مدينة بلا أطفال، بلا نقاط ضعف، بلا قلوب صغيرة تقلب الأحوال، بلا أنين يوجع قلب السماء.
مدينة بلا حراس، هي التي تحرس السماء، ترسل تراتيلها إلى الفضاء، وتكتفي بالهزيمة في حضرة الأعداء.
مدينة بلا أعداء، بلا فاتح يهزمها، بلا استعمار، بلا عدو مبين، بلا سعير يليه عواء، مدينة بلا أعداء.
مدينة القوادين وبائعي السندويش الليلي ودكاكين الرؤوس واللسانات والفتَّات، مدينة اللمبات.
مدينة النوم السعيد في الظلمات، مدينة الراقصات والمغنيات المغمورات، مدينة المطربين المطمورين. 
مدينة الملحنين على الطاولات، مدينة الشعراء أثناء السهرات، مدينة الأواني الفارغة، مدينة الطناجر اللامعة، مدينة البراميل، مدينة الذين لا مدينة لهم، مدينة المستجيرين بالنار من الرمضاء، مدينة بلا حراس.

وهيا بنا، هيا بنا إلى الإستنجاد، هيا إلى إيصال الكلمات، وينعقد اللسان. يتبلكم بعشرات اللغات. مَن الذي أحلّ لكم النطق باسم الناس، وأنتم بلا إحساس؟ من ذا الذي أعطاكم حق الدفاع عن الناس، وأنتم أول من قتل الناس؟ أول من صنع الجدار بين الحياة وبين الناس.. لكن هيهات، الناس تعيش، وأنتم تستمتعون بالموت. الناس تملأ الدنيا، وأنتم تتفرجون. والناس تعرف ما تريد، وأنتم تعرفون ما لا تريدون.

مدينة بلا حراس، بلا غلظاء يسمون أنفسهم بظرفائها، بلا لصوص من أجل التدوين، بلا مجانين معلنين.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب