الجمعة 2015/06/05

آخر تحديث: 18:21 (بيروت)

نساء تركيات يُدرن ظُهورهنّ لأردوغان

الجمعة 2015/06/05
نساء تركيات يُدرن ظُهورهنّ لأردوغان
بعض المؤسّسات الإعلامية ما زال يرفض الإذعان لسياسات الرجل الأقوى في تركيا
increase حجم الخط decrease

لم يبقَ في تركيا أحد تقريباً لم يتهجم عليه أردوغان. بات رئيس الجمهورية التركية في طور اختلاق الأعداء بعدما سيطر وحزبه على كامل مفاصل الدولة وقوى المجتمع التركي. فعندما نازل المؤسسة العسكرية سابقاً، غلبها. كما شتّت القوى العلمانية وبعض القوى الإسلامية الأخرى عندما اشتبك معها. أمّا الشباب الذين انتفضوا عليه في مظاهرات "تقسيم" العام 2013، ردّهم خائبين إلى منازلهم.

بعض المؤسّسات الإعلامية ما زال يرفض الإذعان للسياسات "الأردوغانية"، كما بضعة فئات شعبية تُعارض السياسات الإسلامية التي يطبقها الرجل الأقوى في تركيا. وتشكّل "مجموعة دوغان الإعلامية" التي تملك عدداً كبيراً من المؤسّسات الإعلامية ذات التوجّهات العلمانية آخر ما تبقى من إرث "أتاتورك" في الإعلام، فكان لا بد من "تأديبها". إضافة إلى التهجّم اللفظي والانتقادات التي يوجّهها للمؤسّسات الإعلامية المعارِضة في خطاباته، تقدّم أردوغان بدعوى شخصية ضد رئيس تحرير جريدة "جمهورييت"، تشان دوران، على خلفية نشر صور لعملية توقيف شاحنة أسلحة متوجّهة إلى سوريا. وتوعّد الرئيس التركي أن "المؤسّسة ومسؤوليها سيدفعون ثمناً باهظاً" لخرقهم ما سمّاه سلامة الأمن القومي التركي، في حين طالب المدعي العام الناظر في القضية بالسجن المؤبد لدوران.

وعلى الرغم من التقارير الدولية والمقالات الدائمة التي تنتقد السياسات التركية في التعامل مع إعلامها المحلي، إلا أن تركيا وحكامها لا يُبدون أي اكتراث بها، خصوصاً أنهم يضعون كل هذه التقارير والمقالات ضمن "المؤامرة العالمية التي تستهدف إضعاف تركيا".

في حين لا تفيد هذه المقالات سوى بإعطاء أردوغان المزيد من الفرص لانتقاد الإعلام المحلي كما الدولي، حيث كان آخرها انتقاده مقالاً في جريدة "نيورك تايمز" في الزمن الحالي ومقالاً آخر يعود إلى العام 1908، كما لم يوفر محطتي "بي. بي. سي" و "سي. أن. أن." واتهمهما بأنهما يهدفان إلى إضعاف تركيا وتقسيمها.

يتحول كل انتقاد إلى مؤامرة. وكل رأي مخالف إلى تهمة. في حين أن أردوغان ينتهج سياسات شعبوية عبر خلق الأعداء، وتحويلهم من منتقدي سياساته الخاصة إلى أعدائه الشخصيين ومن ثم إلى أعداء الدولة والشعب، فيما الانتخابات البرلمانية التركية باتت وشيكة، وشحن نفوس وهمم الأتراك بلغ الذروة، ولا طريقة أفضل لضمان ولائهم وتأييدهم في صناديق الاقتراع من خلق أعداء لهم.

من ناحية أخرى لا ينسى أردوغان تناول النساء في خطاباته، وذلك عبر قيامه عبر وسائل الإعلام بوصف بعضهنّ بقلة التهذيب والشرف رداً على قيام مجموعة منهنّ بإدارة ظهورهنّ له أثناء مروره أمام مكتب انتخابي شرق البلاد. فما كان منهنّ إلا أن أطلقنّ حملة في مواقع التواصل الاجتماعية تظهرهن دائرات ظهورهنّ في معرض انتقاد سياساته ومواقفه، ودفاعاً عن حقوق النساء وحرية التعبير.

وشارك في الحملة التي حملت وسم #SırtımızıDönüyoruz، والتي تعني "نحن ندير ظهورنا"، الآلاف من الأتراك، واحتل هذا الوسم المركز الأول في تركيا ضمن قائمة الأكثر تداولاً في "تويتر"، والمركز الثالث عالمياً في الثاني من حزيران/يونيو. حتى أن الأحزاب المعارضة استخدمت هذا الموضوع في انتقاداتها للرئيس التركي وللحزب الحاكم، مؤكدة أن على الأتراك إدارة ظهورهم لأردوغان في صناديق الإقتراع في السابع من الشهر الحالي.

انتقاد من هنا وحملة من هناك. تتحول كل الوسائل الإعلامية هذه الأيام إلى أدوات تُسخّر لكسب الأصوات في تركيا، فيما الأحزاب تتقاذف التهم والانتقادات. ولا تتوانى المؤسسات الدولية عن إصدار بياناتها بشكل شبه يومي والناشطون عن التعبير عن آرائهم المعارِضة والمؤيدة والإشتباك في العالم الإفتراضي.

يشارك الجميع في هذا المهرجان الإنتخابي المجنون والدائم، ويصب الجميع الزيت على النار، في حين يسير مشروع تأليب الأتراك وآرائهم على قدم وساق ومن كل الجهات. فيما الأغرب من هذا كله أن كل شركات استطلاعات الرأي والأحزاب التركية الموالية ومنها والمعارِضة تقرّ بأن الحزب الحاكم سيفوز في الانتخابات بسهولة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها