الإثنين 2015/05/04

آخر تحديث: 19:11 (بيروت)

السلاطين العثمانيون يترشحون للإنتخابات

الإثنين 2015/05/04
السلاطين العثمانيون يترشحون للإنتخابات
شيهانغر تاهير فاجأ أبناء العاصمة بثوبه السلطاني وشاربيه العثمانيين، وخلفية الملصق صورة أنقرة
increase حجم الخط decrease

إعتمر قبعته العثمانية، إرتدى معطفه السلطاني وهذّب شاربيه. رمق الكاميرا بنظرة لا تخلو من الجدية والحزم، وأعلن أنه فخور بانتسابه لتاريخ مجيد. هذا ليس مشهداً من مسلسل تركي يروي حكاية أحد سلاطين بني عثمان في القرن السادس عشر، إنما مضمون ملصق ترويجي لأحد المرشحين للإنتخابات البرلمانية التركية التي ستجري صيف العام 2015.

رغم مرور قرن كامل على نهاية السلطنة العثمانية، لم يعنِ ذلك لأتراك اليوم أن الماضي طمسه النسيان، بل بلغ الحنين حدود العمل على إعادة إحياء رموزه. قد يكون إلباس جنود القصر الرئاسي التركي أزياء عثمانية هو أبرز ما وصلت إليه الدعاية الرسمية في عملية إحياء الماضي، إلا أن هذا الاستحضار له وجوده الحقيقي في الثقافة السائدة عند الأتراك.

إذا صادف مرورك في اسطنبول أو إحدى المدن التركية الكبرى أخيراً، قد ترى على أكثر من سيارة ملصقات تقول باللغة التركية: "نحن أحفاد الإمبراطورية العثمانية". ولن تخلو مسيرتك في الأسواق الشعبية من سماعك لألحان وأناشيد عثمانية قديمة، أو رؤية إعلانات لمرشحين للانتخابات البرلمانية يلتحفون معاطف وقبعات عثمانية، في محاولات شعبية لخلق ثقافة الاعتزاز بالماضي وتمجيد رموزه.

خلال شهر نيسان/أبريل الماضي، كان الأتراك على موعد مع إنتشار عدد من الإعلانات الانتخابية للطامحين إلى الترشح على لوائح حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، حيث استخدم بعضها الرموز العثمانية بشكل ملفت. وكان أبرز هؤلاء، المرشح عن دائرة مدينة قونية، عثمان يافوز، الذي قرر اعتمار قبعة سلجوقية كان قد اعتاد ارتداءها جنود الحقبة العثمانية الأولى، فيما كان اختياره ضرباً على وتر الذاكرة الجماعية لأبناء مدينته، التي كانت خلال تلك الحقبة عاصمة للسلاجقة. أما شيهانغر تاهير ففاجأ أبناء العاصمة التركية بثوبه السلطاني وشاربيه العثمانيين، فيما احتلت خلفية ملصقه الدعائي صورة عملاقة لوسط مدينة أنقرة، في محاولة لربط الماضي المجيد بالحاضر الحديث.

ولم تقتصر إعادة إحياء الهوية العثمانية على المرشحين الرجال فقط، بل عمدت نالان أكتاش إلى ارتداء زي مستوحى من ثياب الممثلات في المسلسل التركي "حريم السلطان"، مؤكدة لأبناء مدينتها إسطنبول، في ملصقها الدعائي، أن "تركيا الجديدة يقودها العدالة والتنمية". وعلى الرغم من أن معظم هؤلاء لم يتم انتقاؤهم في اللوائح الرسمية للحزب الحاكم، إلا أن اختيارهم للرموز العثمانية لم يأتِ إلا تماشياً مع سعي الحزب إلى إحياء هذا الماضي وربط منجزاتهم الحاضرة بتاريخ العثمانيين، وهو أيضاً يحاكي إحياء الكثير من المواطنين الأتراك لهذا التراث... او حنينهم إليه.

وفي حين لم تعد نوستالجيا حكّام تركيا، خافية على أحد، يتحول الحنين للحقبة العثمانية إلى إحساس مُعاش لدى دائرة أوسع من الأتراك، وما عاد يقتصر على نخبة من المثقفين أو العجزة كما كانت عليه الحال خلال السنوات القليلة الماضية. فيما اختيار عدد من المرشحين للرموز العثمانية في حملاتهم الدعائية لا يمكنه إلا أن يشي بمدى حضور رموز الماضي في المجتمع التركي اليوم، وأنها باتت مصدراً للشعبية والشرعية.

ويبقى السؤال: إلى أي مدى يساهم الإفراط في إستحضار الماضي وربطه بالحاضر، في إعاقة الرؤية الواضحة للمستقبل والاستعداد له؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها