الخميس 2015/05/28

آخر تحديث: 16:26 (بيروت)

طوني وجو وريما... مستبيحو الأحزان

الخميس 2015/05/28
طوني وجو وريما... مستبيحو الأحزان
طارق سويد وحده فتح ملف العنف الأسري في أدراج القضاء اللبناني
increase حجم الخط decrease
لم تتناول كتب الإعلام كثيراً الصيغة اللبنانية من البرامج الحوارية التي لم تسئ فهم "تسييس الشخصي" وحسب، بل تخصصت في تغليب الدراما والإثارة على التحليل، ووصلت الى مراحل مروّعة من انتهاك كل الحرمات والخصوصيات وتسليع كل شيء حتى الموت، وامعنت  في استراق النظر والسمع الى تفاصيل ضيوفها الحميمة من دون غاية بناّءة.

ففي الأسبوعين التاليين على جريمة قتل سارة الامين، تمّ تشريح تفاصيل حياتها ومقتلها في اربع برامج حوارية: "للنشر" مع ريما كركي على الجديد، و"حكي جالس" مع جو معلوف على قناة "المؤسسة اللبنانية للإرسال" و"1544" مع طوني خليفة على ال"ام.تي.في" و"بلا طول سيرة" مع زافين على المستقبل. ثلاثة منها (خليفة، كركي ومعلوف) لم تناقش جدّياً مسألة العنف الأسري ولم تطرح اي مطلب فعلياً. وباتوا خمسة، مع تطرق طارق سويد في "او تي في" للقضية.

في الواقع، لا يشفع في هذه البرامج سوى حلقة ليل أمس من برنامج "بالعربي المشبرح" مع طارق سويد على شاشة "أو تي في"، التي لم تستقبل عائلة الأمين، بل ذكّرت بملف رلى يعقوب التي قتلها زوجها في تموز/يوليو 2013 والتي ما زال ملفها "عالقاً" لدى الهيئة الإتهامية بينما القاتل حر. لم يستضف سويد والدة الامين او ابنتها ليسألهما عما قد يقولانه للراحلة وعما إذا كانتا تشعران بالذنب، بل استضاف والدة يعقوب ليسألها ما توّد ان تقوله للقضاء اللبناني، كما استضاف مديرة جمعية "كفى" زويا روحانا ليسأل عن اسباب جمود هذا الملف وعن تحديات تطبيق قانون حماية النساء، وليدعو مع المنظمة ووالدة رلى الى مظاهرة السبت من اجل تسريع محاكمات قتلة النساء.

ويبدو أسلوب البرنامج – الصبحية، هذا جليّاً جداً مع كركي مثلاً، فحلقة بهذه الحساسية والأهمية لا تحتمل تلّقي الإتصالات العفويّة على الهواء كما لو كان برنامج "ما يطلبه المستمعون"، مثلما فعلت حين اتصل فجأة صديق علي الزين ليؤكد حب علي لسارة (!!!). بدا وكأننا في جلسة بين أصدقاء، مباشرة على الهواء، حيث نخبر بعضنا ما لم نسمعه بعد عن الحادثة، ونتفاجأ، مثل ريما، حين سمعت ان علي الزين قال لأولاده، قبل ان يقتل والدتهم، انه يحضر لهم مفاجأة في اليوم التالي: "عنجد هيك قال"!

زجّ المحاورون، العائلة، في موقف دفاعي، من دون علمهم والأرجح ومن دون إرادتهم. فجرى التأكيد على ان سارة لم تؤذ علي يوماً، وأنها لم تقاومه يوماً وأنها رفضت ان تخبر عائلتها عن عذابها حرصاً عليه وعلى سمعته (وكأنها لو فعلت فكانت لتستحق الموت!)، وكأن المعنّف اصلاً بحاجة الى مبرر. ظهّرت البرامج محورية الدفاع عن سارة، على فرضية أننا وبعدما تأكدنا انها لم تستحق مصيرها، ندين المجرم!

ولم تأت اسئلة المحاورين، خليفة وكركي ومعلوف الا لتغذية هذا الخطاب الذكوري بإمتياز والذي يخرج القضية من سياقها الإجتماعي-السياسي، رابطاً العنف وتالياً الموت بسبب وسياق واحد. بذنب اقترفته الضحية على الأرجح. وإضافة الى زج العائلة في موقف الدفاع عن ابنتهم الضحية، إقترب المحاوران كركي ومعلوف بشكل خطير من لومها، اذ "طيب ليه كانت تحبّو هلقد؟"، و"هيك قتلها يعني؟"، تسأل كركي مثلاً.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها