الأحد 2015/06/21

آخر تحديث: 14:19 (بيروت)

الإعلام التركي في معركة مع الأكراد

الأحد 2015/06/21
الإعلام التركي في معركة مع الأكراد
صحيفة الصباح تعتبر وحدات حماية الشعب الكردي اسوأ من "داعش"
increase حجم الخط decrease
تعيش القيادة التركية أسوأ أيامها منذ 13 عاماً. فبعد فوز هزيل في الإنتخابات البرلمانية الأخيرة، بدأ شلل الحكم يتسرّب إلى الجسد التركي، فيما حزب "العدالة والتنمية" الذي حكم وحيداً منذ العام 2002، لا يستطيع اليوم أن يشكّل حكومة، أو أن يتفق مع أحد أحزاب المعارضة التي تطرح شروطها القاسية وتغيّرها كل يوم.

مرّ ثلث المهلة المُعطاة لرئيس الحكومة المُكلف، أحمد داوود أوغلو، لتشكيل حكومة تعدّدية، وإلا سيكون ثمن الفشل إعادة الإنتخابات البرلمانية بعد مرور المهلة الدستورية المحدّدة بـ45 يوماً. في حين أن أزمة تشكيل الحكومة تتلخص في دخول حزب "الشعوب الديموقراطي" الكردي إلى البرلمان، والذي أدّى فوزه إلى فقدان "العدالة والتنمية" للأكثرية البرلمانية، كما وضع أحزاب المعارضة لشرط إستبعاد الحزب الكردي عن السلطة للمشاركة في الحكومة.
في حين ينظر أتراك كثر، شزراً، إلى تأييد "الشعوب الديموقراطي" لحزب الله، ما قد يشي، في رأيهم، بدعم سوري (النظام) وإيراني لهذا الحزب، وبالتالي قد يؤسس لمشكلة أمن قومي. 

يزور أوغلو رؤساء الكتل البرلمانية للتفاوض، في حين أن المُستبعد الوحيد من التفاوض الرسمي وغير الرسمي هو رئيس الحزب الكردي، صلاح الدين ديمرطاش حسب قوله. أما "الفيتو" السياسي الحالي، فلن يتأخر قبل أن يتحول إلى إتهام مباشر بأن وجود الحزب الكردي بذاته هو عامل معطّل للتأليف، ومن ثم تحميله مسؤولية فشل المشاورات كمقدمة لإنتخابات جديدة.

هذا في داخل تركيا، أما على حدودها، فلا مجاملة أو مواقف ضبابية عند تعامل تركيا مع الأكراد. وبعد سيطرة "قوات حماية الشعب" الكردية على منطقة تل أبيض السورية وطرد مقاتلي "داعش" منها، أثارت التطورات على الحدود السورية – التركية حفيظة تركيا، فراحت تشنّ الهجوم اللفظي تلو الآخر على الأكراد.

بداية، شن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هجومه على تقدم "حماية الشعب" والأكراد في سوريا، مؤكداً أن التنظيم إرهابي، كما إتهم الغرب بدعم الأكراد لإقامة دولة لهم على حساب العرب والتركمان. التصريح "الأردوغاني"، بات الشغل الشاغل للإعلام التركي، حتى بلغ الأمر أن تخطت تغطية الوضع في تل أبيض، أخبار مشاورات تأليف الحكومة.

تبعت التصريح الرئاسي سلسلة من المقالات والتقارير التي نشرها الإعلام التركي بشكل كثيف والتي يرى أكراد أنها تتهجم عليهم بقوة، وتسعى إلى "شيطنتهم". فكان أبرزها تلك المقالة الإفتتاحية في صحيفة "صباح"، المقربة من الحزب الحاكم، بتاريخ 19 حزيران الحالي، والتي عمدت إلى وصف القوات الكردية بأنها أسوأ من "داعش" وتسعى إلى تقسيم سوريا.

وعلى الرغم من أن الموقع الإلكتروني الإنكليزي التابع للصحيفة يقوم بترجمة ونشر معظم المقالات التي ترد في نسختها الورقية، إلا أنه كان لافتاً إستثناء هذه المقالة من الترجمة، في ما يبدو أنها مكتوبة كرسالة للداخل التركي وليس إلى الخارج.

إضافة إلى ذلك، عمد الإعلام التركي إلى استضافة كل من يمكن أن ينتقد الأكراد وتقدمهم في الميدان السوري، حتى بلغ الأمر أن تم اللجوء إلى ممثلي التركمان العراقيين، فكانت تصاريحهم المكرّرة لوسائل الإعلام التركية تشبه إلى حدّ التطابق مع تلك التي أعلنها أردوغان والدولة التركية.

كما لم يبقَ أحد في تركيا لم يدلِ بدلوه في الموضوع، حتى أن أحد أكثر المفكرين الإسلاميين الأتراك المثيرين للجدل عدنان أوكتار (المعروف بهارون يحيى) أدار محركات حساباته المتعدّدة اللغات في موقع "تويتر" للتغريد إنتقاداً للأكراد السوريين، متهماً إياهم بالتحالف مع الغرب وقتل المسلمين.

تتعد الأساليب والوسائل التي ينتقد فيها الأتراك تقدم الأكراد في سوريا.. ويبدو أن جزءاً من الإنتقاد الموجه لأكراد سوريا هدفه أن يُسمع صداه عند أكراد الداخل.
إذ يتوجس "العدالة والتنمية"، في خطابه الإعلامي، من دولة كردية، تتضافر جهور الأكراد في تركيا وسوريا لإنشائها، وهذه أزمة أمنية إقليمية بالنسبة إلى تركيا، بغض النظر عمّن يتسلم الحكم فيها.

وفيما يستمر الأكراد بإزعاج تركيا في داخلها وخارجها، وإفشال سياسات أردوغان أو عرقلتها، قد لا يسلمون من ردٍ سياسي ما، والذي لا يبدو أنه سيتأخر كثيراً، خصوصاً أنهم يعتبرون أن الإعلام فعل فعلته و"شيطنهم" خلال الأسابيع القليلة الماضية. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها