الأربعاء 2015/05/20

آخر تحديث: 19:56 (بيروت)

النقابات الإعلامية: أدوار وهمية..مشكلتها سياسية

الأربعاء 2015/05/20
النقابات الإعلامية: أدوار وهمية..مشكلتها سياسية
وضع المؤتمر أمام المتحدثين تساؤلات وهواجس الصحافيين وخريجي كليات الإعلام (ريشارد سمور)
increase حجم الخط decrease

"أي دور للنقابات الإعلامية في لبنان؟". الإجابة المباشرة على هذا السؤال هي أنه ليس من دور فاعل أو مؤثر لهذه النقابات. فالنقاش الذي شهدته جلستا المؤتمر الذي عقدته كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية، حول دور النقابات الإعلامية، لم يأت بأي جديد سوى تأكيده، وعبر رؤساء النقابات أنفسهم، بأن هذه الأخيرة ليست إلا انعكاساً للواقع السياسي المشرذم والطائفي المقيت، حيث يغيب دورها بالمطالبة والاحتجاج والمشاركة في صناعة القرار وتطوير العمل الوظيفي.  


"ليس باليد الحيلة".  هكذا اختزل نقيب المحررين الياس عون دور نقابته وكأنها دعوة لليأس والاستسلام أمام ما حاول إظهاره بأنه الواقع الذي لا مفر منه، محاولا إيهام الحضور أنها إجابة واقعية لمجموعة من الأسئلة التي طرحها أستاذ كلية الإعلام علي رمال، والذي أدار النقاش في المحور الأول من المؤتمر، واضعاً أمام المتحدثين المشاركين "تساؤلات وهواجس الصحافيين وخريجي كليات الإعلام"، انطلاقاً من الحديث عن نموذج نقابي أصلي في لبنان، مروراً بالسيطرة السياسية وتفرعاتها في الواقع النقابي، والتدخل والسيطرة الاقتصادية والسياسية، وصولاً إلى البحث في دور النقابة في طرح الحلول الاقتصادية للمؤسسات الاعلامية، والسؤال عن موقع خريجي كليات الإعلام في العمل النقابي الإعلامي.


لكن عون لم يرَ في هذه الأسئلة والطروحات، سوى مناسبة لاستذكار "معاناة النقابة منذ سنوات، خصوصاً مع الحكومات السابقة واللاحقة، وفي ظل وجود الحزبيات التي تدخل على خط العمل النقابي في لبنان، إلى جانب وجود بعض أعضاء مجلس الإدارة، ممن يريدون تسييس العمل النقابي". لكن، لم يكن تعليق عون مستغرباً على قدر ما جاء تالياً في مشاركته، التي وللمفارقة حملت عنوان "نحو حركة نقابية إعلامية جديدة"، إذ اشتكى "مستنكراً"، أمام طلاب الإعلام، دون أن يلحظ أنهم أصحاب العلاقة، من وجود بين 800 و900 خريج سنوياً "منزتهم بالبطالة"، متوجهاً بأسئلة لطلاب الإعلام، ملؤها التأفف والشماتة على شاكلة "شو أخدك عالإعلام؟ عارف شو في بالإعلام؟"، شارحا وجهة نظره بـ "واقع الإعلام"، بأنه المكان الذي "لا ضمان صحّي فيه ولا ضمان شيخوخة"، ومنهياً بتقييمه أن مجال الإعلام والصحافة "شي تعتير يعني".


وضمن حديثه عن "حركته النقابية الجديدة"، التي بدا  أنها لا تتسع لـ "صحافيي الانترنت" و"العدد الكبير من المحررين"، الذي لا يعرف عون "أين يذهب به"، فيما يطالبه وزير الإعلام رمزي جريج أن "يحطهم عندو"، ذلك عدا عن شكواه من "الوساطات والتسييس" فيما "التوزيع الطائفي على راسي"، على حد تعبيره.  وهو ما انتقده الصحافي بيار أبي صعب بشدّة، واصفاً كلام عون بـ "الخطاب البطريركي تجاه الطلاب"، مضيفاً بأن المحاصصة الطائفية "مش على راسي ابداً"، إذ "حين تكون البنية السياسية فاسدة، مافيوية، وإقطاعية، من الطبيعي أن تصبح المؤسسات عاجزة عن الإصلاح، إلا في حال امتلكت رؤية نقدية تجاه هذا الواقع. فالأزمة السياسية والاجتماعية التي نعيشها اليوم خطيرة جداً، ولا يمكن أن نفصل بين واقع الإعلام اللبناني والبيئة السياسية ككل".


وبرأي صعب فإن "اندماج نقابة الصحافيين مع نقابة أصحاب الصحف، يعدّ تشوهاً خلقياً مخيفاً ومقلقاً. بالتالي إذا أردنا الحديث عن إصلاح عمل النقابة في لبنان، يجب عندها فصل هاتين النقابتين عن بعضهما البعض، كي لا تضيع الحقوق والمطالبات، خصوصاً وأن عدداً من الصحافيين أسسوا لصحف أو أصبحوا أصحاب صحف. لذا ينبغي أن نقطع حبل السرّة بين النقابتين قانونياً وإدارياً".

 

وإذ توجّه المحامي في مؤسسة "مهارات"، طوني مخايل، إلى نقيب المحررين بسؤال حول الأمور التي تقدّمها النقابة لأعضائها في لبنان، سواء كانت صحية أو اجتماعية أو تدريبية، استعرض مخايل نماذج من العمل النقابي في فرنسا وألمانيا، في سياق مقارنته لواقع العمل النقابي في أوروبا وفي لبنان، حيث يبرز الفرق واضحاً حينما يعرض مخايل أبرز تقديمات الاتحاد الألماني للصحافيين، منها الحماية القضائية، المطالبة بأجر مناسب ومتساوٍ للصحافيين، والنظر في المشاكل المتعلقة بعقود العمل. وذلك إلى جانب المقارنة أيضاً بين المعايير الدولية لممارسة مهنة الصحافة واكتساب صفة صحافي وحرية التجمع النقابي، مقابل شروط اكتساب صفة صحافي وفقاً لقانون المطبوعات اللبناني والنظام الداخلي لنقابة المحررين في لبنان، حيث لا تكرّس هذه المقارنة سوى صفة "اللاجدوى" على عمل ودور النقابات الإعلامية اللبنانية، نظراً لما تقوم به النقابات الإعلامية في أوروبا وما تقدمه للمنتسبين إليها.


غير أن واقع النقابات الإعلامية في لبنان، والدور المطلوب منها، والذي ركّزت عليه أستاذة الإعلام نهوند القادري في حديثها،  لم يحرّك في نقيب الصحافة، عوني الكعكي، سوى "الامل بالسعي وزملائه في مجلس النقابة الجديد إلى تحسين الأوضاع ضمن خطة عمل وبرنامج مدروس"، على ما أعلن الكعكي في سياق كلمته عن "الواقع الإعلامي والنقابي في لبنان"، ضمن المحور الثاني من المؤتمر. وفيما لم يقدّم الكعكي أي مشروع حلّ أو اقتراح يتم درسه لتحقيق الإصلاح الذي يتطلع إليه، عاد واستدرك قائلاً إن "لدينا الكثير من الآمال والاحلام والقليل من الإمكانيات"، على الرغم من إدراكه التام لـ "أهمية العمل النقابي في القطاعات عامة، وليس فقط في الإعلام، إذ يجب ألا تكون وهمية، إنما مؤسسات فاعلة في إطار المؤسسات والأعراف الدولية".

 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها