السبت 2014/12/20

آخر تحديث: 14:53 (بيروت)

جيل الإعلانات الثالث

السبت 2014/12/20
جيل الإعلانات الثالث
increase حجم الخط decrease

الإعلانات التجارية التي تروّج لمنتج ما، إقناعاً وتحفيزاً على الإستهلاك، باتت من الماضي بالنسبة لشركات عملاقة وممتدة، أو عابرة للقارات. لم يعد التعريف بها سوى تكراراً للماضي. في زمن مواقع التواصل، يصبح تفصيل الإعلان على مقاس اهتمامات المستهلك، حاجة ملحّة. وعلى هذا الأساس، طوّر معدو الإعلان التجاري لشركة "كوكا كولا" الحملة التسويقية الجديدة، بما يضفي شخصانية على كل مستهلك، لعبوة باتت أشهر من أن تُعرّف.

حاجات السوق التي دفعت لإطلاق إعلان مشابه، تحت عنوان "شارك كوكا كولا مع فلان"، تستند أولاً وأخيراً الى انتشار مواقع التواصل. لصق معدو الإعلان، منتجهم، بكل فرد منّا. أشركوه في الحملة. بات جزءاً منها، وعضواً فاعلاً في التسويق. وتبدأ الشخصانية من لصق الإسم على العبوة، وصولاً الى مشاركتها مع آخرين على سبيل التباهي، وتحفيز آخرين من الأصدقاء والمتابعين في مواقع التواصل على حذو حذوه... وصولاً الى الإحتفاظ بالعبوة الفارغة، كجزء من ذاكرة تشاركية.

تحت "هاشتاغ" #shareacoke، بات الإسم بديلاً عن الصورة. عوضاً عن الـ"سيلفي"، أو الصورة التوثيقية لحدث، أو جلسة... تختصر الأسماء المجتمعين. الفرد يتمثل في اسمه الأول. تتلاشى الصورة، لتحل مكانها العبوة الحمراء. هي الجامع بين الأفراد. لغتهم المشتركة.. وحلت مكان تفاصيل إنسانية كثيرة أخرى، على الأقل، الى أجل مُسمّى.

تأثير الإعلان، يمكن رصد نجاحه بحجم الإهتمام به. فإسقاطه على أحداث سياسية أو إجتماعية، واستخدامه في الحياة اليومية كتفصيل مؤثر فيها، يعني أن الإعلان وصل الى أكبر شريحة، ومن ضمنه وصل المنتج. ويمكن الإستدلال الى ذلك من صورة الرئيس الأميركي باراك أوباما، ومنافسه الجمهوري رئيس مجلس النواب الأميركي جون بوهنير، التي وردت في احدى المجلات الأميركية الساخرة.

العبوة نفسها محط الحملة، ليست إبتكاراً عظيماً مغايراً لما قدم في السابق، سوى بربطها بالمستهلك نفسه. ويعد تخصيص المستهلك بالمنتج، آخر صيحات الإبتكار الإعلاني. هو الجيل الثالث، والأحدث، بالنسبة لشركات استهلكت الجيلين السابقين من الإعلان التجاري. الأول تمثل في تعريف المنتج والتحفيز على استهلاكه، والثاني في استثمار نجوم الغناء والتمثيل للإستفادة من جمهورهم بهدف الإستهلاك.. وهي فكرة لم تحقق نجاحها، كونها أظهرت النجم أمام جمهوره بصورة التاجر نفسه، ولم تحقق غرضاً تجارياً، كون أولويات الفرد الإستهلاكية غير مرتبطة بالصورة المثالية في الغناء أو الاعلام أو التمثيل. محبة نانسي عجرم في الغناء مثلاً، لن تدفع جمهورها لاستهلاك عبوة مشروبات غازية تروج هي لها. فالإنتعاش غير مرتبط بالموسيقى!

اليوم، دشنت الشركة العملاقة الجيل الثالث من الترويج الإعلاني. ليست بحاجة، بعد عقود من الإنتشار في 207 دول حول العالم، الى تعريف المستهلك بها. جمهورها لا يزال على حاله، بحكم انتشار المنتج في مواقع التصريف الإنتاجي. تحتاج الى الدخول الى قلب المستهلك، وتشاركه خصوصياته. ويبدو أن هذه الحملة هي الأجدى بين الحملات السابقة. انتشارها على مستوى الفرد - المستهلك البسيط، سبب في نجاحها كونها تحاكي شغف و"جمهور" كل واحد منا. وبدا ذلك منذ إطلاق الأغنية الترويجية للحملة في الصيف الماضي، وصولاً الى اطلاقها في بيروت الخميس الماضي.

 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها