الأحد 2015/10/04

آخر تحديث: 16:22 (بيروت)

سيادة دمشق المنقوصة

الأحد 2015/10/04
سيادة دمشق المنقوصة
increase حجم الخط decrease
تتحوّل سوريا، منذ اسبوع، الى العصر الروسي. لم يقتصر التمدد على الشؤون العسكرية، التي باتت في رأس المهام في سوريا. تواكبه الآن حملة دعائية، تتولاها وسائل إعلام روسية، وأخرى سورية نظامية، باتت تابعة لغرفة العمليات العسكرية الروسية، وخاضعة لسلطتها.

فوكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا)، الناطقة باسم نظام الرئيس السوري بشار الاسد، باتت ناطقة باسم القوات العسكرية الروسية. إختفت أخبار "الاعلام الحربي" التي صعدت إثر معركة القلمون. احتلت الصور التي تظهر نتائج الضربات العسكرية، أنباء الوكالة، كذلك الصور الجوية للقصف. لم تبقَ، يومي الاربعاء والخميس، أي مساحة لعمليات القوات الحكومية، قبل أن تتغير المعادلة، الجمعة والسبت، لتكون التغطية "تشاركية" بين الاعمال العسكرية السورية، والروسية على حد سواء.

تشير تلك الوقائع، الى أن الأنباء الروسية، تسيطر على الاعلام النظامي. وإذا كان وصف الائتلاف السوري للتدخل الروسي بأنه "احتلال لسوريا"، مناسباً لتوصيف الواقع، فإن الأمر ينسحب على الاعلام. الخبر الروسي، يحتل وسائل اعلام النظام، ليس على سبيل التغطية، بل بمعنى التمدد الجغرافي في المساحة الافتراضية. وعليه، تصبح سيادة دمشق منقوصة، ليس في الميدان فحسب، بل كذلك في الخبر الإعلامي (ولو كان في الأصل موجهاً).

الإعلام السوري الرسمي، لا يقفز دوره فوق طبيعته كذراع دعائي للنظام. تخضع الانباء لعملية "فلترة" متواصلة. استناداً الى هذا الدور المعروف، بات الإعلام الرسمي الآن، ذراعاً دعائية لروسيا، يتوجه الى الجمهور المحلي، ويتكامل مع وسائل الاعلام الروسية الناطقة بالعربية، التي ما انفكّت تتحدث عن "إنجازات" عسكرية روسية في سوريا، تمر بينها رسائل عسكرية تفيد بـ"تفوق" روسي على السلاح الأميركي.

تضخ قناة "روسيا اليوم" الناطقة بالعربية، الى جانب "سبونتيك"، مساحة كبيرة من الانباء والتحليلات العسكرية. الهدف منها، مخاطبة الجمهور العربي، في حين تمارس منصاتها الناطقة بالانكليزية والروسية، الدور الدعائي الموجه الى العالم. تتوالى الانباء العسكرية، وتحتل "اهم الاخبار"، فيما تساهم التقارير في الاضاءة على الصراع العسكري الخفي بين موسكو وواشنطن، بدليل تقرير تحدث عن أن "واشنطن تخشى أن تكشف المقاتلات الروسية في سوريا أسرار إف 22 الأميركية".

ثمانية أخبار من أصل تسعة، في زاوية "أهم الأخبار" في "روسيا اليوم"، وهي أخبار حدثية ومفصلة، تواكب التدخل في سوريا وتداعياته السياسية والعسكرية العالمية. أما "سبونتيك"، فخصصت الواجهة الأولى لموقع أخبارها لرصد العمليات السورية وانعكاساتها، بينما أدرجت الاخبار العسكرية من الميدان السوري في خانة "رصد عسكري".

الحرب بلا دعاية، لا تؤدي أغراضها. هذا ما يُستنتج من الضخّ الاعلامي الروسي المتواصل، الذي يواكب العمليات، من وجهة نظر واحدة، وسط استبعاد لأي نبأ يتحدث عن اصابة مدنيين، بعد تلاشي فرصة الاضاءة على قصف اهداف عائدة للمعتدلين. أما الإعلام الرسمي السوري، فيفقد خصوصيته كمتحدث باسم النظام. فقد بات اعلاماً تابعاً، ما يقرّب فرصة مقارنته بوسائل اعلام رسمية خضعت في السابق لسلطات الانتداب.


increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها