الأحد 2015/08/23

آخر تحديث: 12:45 (بيروت)

أنظروا فايسبوك.. إنها نهاية ثورة شعبية

الأحد 2015/08/23
أنظروا فايسبوك.. إنها نهاية ثورة شعبية
غياب صورة نصر الله عن هذه اللوحة كشف عن استثناءات بدأت برسم أسئلة عن هوية الحراك
increase حجم الخط decrease
كان يمكن للحراك الشعبي اللبناني في وسط بيروت، ليل السبت، أن يتحول إلى ثورة شعبية، لو تخطى ليلته الأولى، بلا اختراقات. فهذا الحراك الأكثر فاعلية من نوعه، منذ خمس سنوات، دفنه انتهازيو الطوائف والاحزاب في مهده، ولم تبقَ منه الا الاتهامات المتبادلة بالمسؤولية عن قمع المتظاهرين، والافراط في استخدام العنف، وصور الهجمات الوحشية لفض الاعتصام.

منذ اللحظة الاولى للحراك، رُسمت علامات استفهام في مواقع التواصل الاجتماعي حول هويته، وشبح المقدسات السياسية التي حامت حوله. التساؤل عن غياب صورة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن لوحة تظهر رؤوس الزعماء فوق اكياس النفايات، كشف عن استثناءات في حراك، يُفترض أنه معارض لكل شخصيات الطبقة السياسية اللبنانية. تلته "خطوط حمراء" رسمها أتباع الحكومة وأشياعها، بذريعة "انسحاب الفراغ على آخر المؤسسات الشرعية". واتسعت دائرة التحذيرات، تشكيكاً وتخويفاً، ولعل أكثرها سذاجة، التنبيه من أن تخوض البلاد تجربة الربيع العربي الماثلة في خمس بلدان حولنا، "باتت مأوى للإرهاب"، فضلاً عن التخويف الذي يتثمل في نشر صورة لبيروت ابان الحرب، مذيلة بعبارة "وحشتكم الصورة.. استمروا"!

المتضررون أنفسهم من أكوام النفايات، أكثروا من تلك التحذيرات، التي تكشفت نوايا مطلقيها، بعد رسم خطوط حمراء أخرى، أمام انتقاد شخصيات أخرى. "الرئيس (نبيه) بري الضمانة"، كتب أحدهم في "فايسبوك"، والدعوة لعدم المساس بالرئيس سلام، كتب آخر. و"كلنا معكم بس في وزراء متل الياس ابو صعب ما بيستاهل تهاجموه"...

تلك الحواجز الطائفية والمناطقية والحزبية، وأدت الحراك أمام عصيّ قوى الأمن، وقنابلهم المسيلة للدموع... قبل أن تبدأ الاختراقات السياسية، بدءاً من التأييد العوني، واعتكاف أحد أعضاء كتلته النيابية، وتوجيه التحيات لـ"الجنرال"، ورفض انتقاد العسكر على خلفية القمع... وانتهى الحراك، فعلياً، بدعوة الحزب التقدمي الاشتراكي مناصريه للخروج من الساحة، منعاً لتحويل الحراك سياسياً، والمساس بآخر المؤسسات.

والواقع أن الهاجس من التغيير السياسي، هو السمة الأبرز التي يتقاسمها اللبنانيون، الانتهازيون منهم، والمتمذهبون والمنتفعون من الجسم الطائفي والحزبي. يغضّ هؤلاء الطرف عن أن ازمة النفايات، ليست الا نتيجة لفساد الطبقة الحاكمة. جلّ ما يطلبه هؤلاء من النظام، اخفاء قمامته، وحفظ ماء وجههم، وعدم كشفهم كشاهدي زور على معاناتهم الشخصية. أما الحالمون بالتغيير، وهم قلة، فاصطدموا بمنظومة مذهبية، رسمت الخطوط الحمراء منذ 25 عاماً، ولا تزال تمعن في تلوينها، وتضاعف صعوبة اسقاطها، بحكم التجذر في النفوس، والاغراءات للأزلام.

صعوبة المساس بالمنظومة، هي احدى سمات أنظمة الاستبداد التي تتقنع بالديموقراطية. والأخيرة، نافذة يمكن النفاذ منها، عبر انتخابات أو بدائل وحلول ظرفية. يقف النظام اللبناني، عملياً، على أرجل الطوائف، ويشبثه بالحكم، مدافعون عنه، يحذرون من سقوط الهيكل، كما في بلدان الربيع العربي! أما ضمان الاستمرارية، فيتمثل في تصريحات سياسية تدين العنف، وتعلن تأييدها للحراك، وتزايد على المتظاهرين أنفسهم، بغرض استيعاب الحدث، وتفريغه من مضمونه، وحفر روافد للنهر، بهدف تخفيف قوة اندفاعه، مستيعنة بشاشات تلفزيونية، هي بالاساس، تشكل آلية لبقاء النظام، عبر نقل تصريحات أركانه.

أمس، تعرض الحراك اللبناني الشبابي، الجديّ، لانتكاسة، أثبتت بما لا يحمل الشك، أن اسقاط النظام، هو وهم، رغم علم المنظمين أن لا مجال لتصحيح الخلل، من ازمة الكهرباء الى النفايات الى الفساد المستشري، الا برحيل النظام بأكمله.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها