لعبة الموسم: كيس الزبالة في نافذة السراي

منع رمي النفايات في الشوارع والأماكن العامة، لا ينطبق على السراي الحكومي. هذا المرفق العام، ونتيجة أزمة النفايات المستمرة في لبنان، بات في مرمى أكياس النفايات.. الكترونياً. فقد فتح ناشطون، مجهولون حتى الآن، نافذة السراي،  أمام أكياس القمامة اللبنانية، وأطلقوا مباراة لتسجيل نقاط في النافذة، هي أشبه بأهداف في كرة السلة.

يتدحرج كيس النفايات بين ثلاثة مستوعبات افتراضية لشركة "سوكلين"، مثبتة على نوافذ السراي الكبير، مقر رئاسة الحكومة اللبنانية. ترتفع، بمجرد الضغط على شاشة الموبايل، أو على زر "فأرة" الكومبيوتر. تتحرك، بما يشبه طابة كرة السلة، وتعلو وتهبط في احدى السلال الثلاث. يتحمس اللاعب، لتسجيل أعلى رقم "score" خلال دقيقة واحدة. فيكون، قد نظف منزله، وربما منازل الجيران، الكترونياً، من أكياس القمامة. وتدعو اللعبة اللاعبين الى ادخال كيس الزبالة في شباك السراي "قبل فوات الاوان".

غير أن اللعبة، التي ترضي غرور اللبناني بالايحاء له بأنه رمى حجراً في مستنقع الأزمة الراكدة، لا تغير شيئاً في واقع الأزمة. لا تزال القمامة في الشوارع، ولا تزال الحكومة عاجزة عن اجتراح الحلول. جلّ في ما في اللعبة، ترفيه من وحي الأزمة، لا يخلو من استهداف سياسي لحكومة تتشكل من مختلف الأطياف السياسية، وتتحمل جميعها مسؤولية الاخفاق في ايجاد حل لمشكلة النفايات، وتتشارك معظمها، ان لم نقل جميعها، في تحضير طبخة لصفقة فساد حكومي جديد.

إستغل الناشطون الحدث لاختراع لعبة الكترونية تحاكي الواقع المستجد، تكراراً لأحداث سابقة شغلت العالم، كما في أزمة النفايات اللبنانية. أنجزت الفكرة نفسها، بعد رمي الصحافي العراقي منتظر الزيدي حذائه في وجه الرئيس الأميركي جورج بوش. اللعبتان، على بساطتهما، تدفعان الجمهور للمشاركة في الحدث، إفتراضياً، لتنتهي المشاركة خلال أقل من دقيقة. يشعر اللاعب نفسه بأنه جزء من الحدث، وصانعه أيضاً، وقادر على الثأر، الكترونياً، بعد أن تفاعل معه عبر وسائل الاعلام، فضلاً عن ظنه بأنه مشارك فعلاً في العمل.

وتبقى اللعبة في إطارها الوطني الذي يعبر عن جميع اللبنانيين في معرض استيائهم من عجزهم وعجز الحكومة عن القيام بفعل مؤثر، حتى يتضح من يقف وراء اللعبة الالكترونية. بعدها، سيعم الانقسام، كما في مختلف المنعطفات اللبنانية، دفاعاً عن الحكومة، أو امعاناً في استهدافها.