الخميس 2014/10/23

آخر تحديث: 19:04 (بيروت)

فيديو "النسخة الأصلية": هذه "بلاد" الشبيحة

الخميس 2014/10/23
فيديو "النسخة الأصلية": هذه "بلاد" الشبيحة
الشابان بكر ردّا على الأختين يونان فأرجعا التهريج إلى مكانه
increase حجم الخط decrease

مُبكٍ ومؤثر مقطع أغنية "لبلادي" للأختين يونان في "يوتيوب". كان ذلك قبل أن نكتشف أنهما مواليتان شرستان لبشار الأسد ونظامه، وأن المقطع ما هو سوى فعل تشبيحي محمول على أغاني فيروز والرحابنة. لكن التأويل الصحيح لما ترمي إليه الشابتين، بعيونهما الخضر المثقلة بالماكياج والأسى، من هذه السَلَطة الغنائية الشعرية، لم يأت على ألسن وفي كتابات منتقديهنّ بقدر ما جاء في النسخة الأصلية من "لبلادي"، التي فكت الغموض عن رسالة الفتاتين يونان.

لذلك، يمكن اعتبار الشريط القصير لفرقة "خطوة" الفنية، كردّ على شريط الأختين يونان، هو النسخة الحقيقية التي انبثق عنها عمل المجموعة الشبابية الأسدية، المقيمة في السويد والمنكوبة بأحوال أوطانها من العراق إلى فلسطين.

 


فيلم "النسخة الأصلية" جاء مكثفاً ودقيقاً، فردّ ما استبطنته الفتاتان، بشِعرِهما الخشبي وغنائهما، إلى الخطاب الأساسي-الأصلي الذي ينتج هذا النوع من الهرج الإنشائي. ورغم هزلية الشابين، يوسف بكر ومحمود بكر، في محاكاة لباسَ يونان ومكياجهما وحركاتهما المفتعلة، فقد قالا، بمزيد من الجدية والشفافية، ما رمت الاختان إلى قوله مجمّلاً بأغاني فيروز.

في الفيلم "الأصلي" يتساجل الشابان شِعرياً وغنائياً، بميوعة ساخرة تواجه الجدية المبتذلة، وببساطة تواجه التلفيق. يأخذان الكلام من أفواه الشبيحة، متفوقَين بخفة القول على القوافي البعثية التي صدحت بها الأختان يونان.

يقول الشابان بكر: "بضعة من المندسين خرجوا ليحرقوا ويدمروا بلادنا، ساعدتهم دول الاستعمار وأمدّوهم بالعدة والعتاد، ثم هبوا بعد أن قيل لهم: هبوا وانشروا الرعب والخوف في قلوب الأبرياء". وبينما يلقي أحد الشابين هذه الكلمات بسماجة شعرية، يقاطعه الآخر بين الحين والآخر بكلام ملحّن وصوت رديء، مثل "عظيم يا قائد الوطن" و"بالروح بالدم". ومن ثم يخلص الشابان إلى أن "الدكتور القائد المفدى الرئيس بشار حافظ الأسد" وعد الناس بالاصلاحات لكنهم أصروا على الإرهاب، فهو "كويس بس يلي حوليه عرصات".. ويغنيان "عرصاااات" بتأثر بادٍ. 

الشابان بكر، ظهرا بلباس أسود وشعر مستعار ومكياج رديء، ونسمات هواء تحدث تطايراً خجولاً وساخراً في الباروكة على رأس كل منهما... تماماً كما في شريط الاختين يونان اللتين أراد المخرج أن يظهرهما هائمتين في اللا مكان، يطيّر العليل خصلاتهنّ وهنّ تظهران الحزم العربيّ والدمع الفيروزي، في ما يشبه خطاباً نظامياً مقولباً، كما العادة. لكن، على العكس، يوسف ومحمود لم يجدا حاجة إلى سعيد عقل وجوزيف حرب كي يقولا الحقيقة، بل وجدا أن سوريا وحدها تختزل المحاكاة الساخرة. فالندب على مجموعة دول بوصفها مأساة واحدة، هو خطاب لا ينتجه سوى النظام السوري وحلفائه. ولهذا الخطاب مَرامٍ عدة، كتعميم القول بأن المشكلة عامة وعربية وغير محددة، ما يبرئ الاستبداد من مسؤوليته، إضافة إلى تعويم منهجية رحبانية في تبسيط مؤدلج لواقع معقّد.

في الحقيقة، استحضار هذه السَلَطة السورية العراقية اللبنانية الفلسطينية، في نسخة الثنائي يونان، هو قول أسدي، لخّصه الثنائي بكر في نسخة أسدية حقيقية.

واقع الحال، أن التهريج الحقيقي كان في فيلم الأختين يونان، وليس في "النسخة الأصلية". ما فعله الشابان بكر، في شريطهما الهزلي، هو أنهما أعادا التهريج إلى مكانه، ووضعا الأمور في نصابها. فالخطاب التشبيحي للنظام السوري لا يجب أن يُسمح له بالتنويع الفني تحت الأقنعة.

هذه "النسخة الأصلية" بمفهومها الأوسع، هي أداة معرفية وسياسية ضرورية، قد نواجه بها كافة النسخ المحرّفة، عن الاستبداد، سواء تلك التي تحاول أن تجمّله بصوت رنان ومكياج وعيون ملونة، أو تلك النسخ التي تضفي عليه الشرعية بالكلام والشِّعر والنظريات. الاستبداد هو بشار الأسد، بصيغته الدموية، أي بنسخته الأصلية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها