الثلاثاء 2015/09/01

آخر تحديث: 16:06 (بيروت)

"تحجيب" لاجئة سورية قتلها البحر: طقوس "داعش" في يومياتنا

الثلاثاء 2015/09/01
"تحجيب" لاجئة سورية قتلها البحر: طقوس "داعش" في يومياتنا
increase حجم الخط decrease
لا يمكن وصف ردود الأفعال المؤيدة لفعل "تحجيب" اللاجئة السورية الغارقة في المياه، بـ"الصادمة"، فهي صورة واقعية، تكشف ثقل التأثير الديني في ثقافة اجتماعية، وترفع الطقس الديني على اي مشهد انساني، وتكشف حجم التماهي بمنظومة عقائدية تخالف الطابع الاجتماعي السوري، بعدما استفادت تنظيمات متشددة مثل "داعش" و"النصرة" من الصورة، لتظهر أرضيتها داخل البيئة الثقافية السورية.

والتحجيب، أي إضافة غطاء على الشعر، فرض قسراً على صورة للاجئة سورية غير محجبة وهي تغرق في البحر المتوسط قبل إنقاذها، وتم تداولها في الإعلام السوري المعارض وعبر مواقع التواصل الاجتماعي بكثافة، كفاتحة للحديث عن مصاعب اللجوء السوري وأزمته الإنسانية الخانقة ضمن مجموعة صور هزت الميديا العالمية والمحلية مؤخراً.

ما يثير السخرية أن الصورة ليست جديدة، بل تعود لتاريخ 2 كانون الأول/ديسمبر 2013، وهي للاجئة سورية تم إنقاذها في البحر المتوسط بعد غرق المركب الذي كان ينقلها الى أوروبا، وفقدت خلال تلك العملية ابنها الرضيع (عامان)، وتم تشويهها في عدد من المواقع الإلكترونية حينها بإضافة خطوط سوداء فوق الشعر، وبذلك تم التعدي على صاحبة الصورة بذات الأسلوب مرتين.

لا يمكن فهم العقلية التي تقوم بهكذا تصرفات. فالمأساة الإنسانية المؤلمة للمرأة التي فقدت ابنتها وتكاد تموت بين الأمواج، لا تفرق بين امرأة مسلمة أو غير مسلمة، ولا يتغيّر نوع التعاطف بتغير دين الضحية أو مذهبها. لكن التعدّي على الصورة بهذه الطريقة، ثم انتشارها، يبرزان نوعاً مخيفاً من الداعشية المبطنة التي تنتظر فرصة للبروز والتي تفصل قواعد الإنسانية وفق مقاسات محددة سلفاً، وذلك رغم كمية الاستنكار المضادة التي انتشرت عبر السوشيال ميديا وتحديداً في "تويتر" مقارنة بـ "فايسبوك".

حجم الاستنكار أو الترويج على حد سواء، لم يبلغ حدّ إنشاء هاشتاغ خاص بالصورة، بل كانت التعليقات الخجولة أكثر فردية ويمكن تتبعها عبر خاصية البحث عن الصور في "غوغل"، وقد يعود ذلك الى حساسية الحجاب كرمزية دينية إسلامية ما زالت تشكل حاجزاً عقلياً وخوفاً مبطناً عند الناس. ويدور الحوار الافتراضي حول براءة الإسلام من تلك التصرفات بالدرجة الأولى، لتنحرف التعليقات في العموم عن مسارها نحو جدالات بيزنطية حول الحلال والحرام اللذين يحكمان العقلية المشرقية منذ الصعود الديني.

وبغرض التعبير عن الاستهجان، غرد سليمان الصقعبي بالقول: "لم أخجل من انتمائي لهذه الأمة المخذولة من أبنائها بقدر خجلي من انتمائي لأمة ينتمي لها من عدل هذه الصورة"، فيما كتب آخر دون الكثير من المشاعر والانفعال: "هذا لا يمتّ للدين بصلة ولا لأي دين من الاديان".

صفحة "النسوية" كأحد أبرز الصفحات المدافعة عن حقوق المرأة السورية والعربية، علقت على الصورة: "لا أعرف حتى الآن، ما الرابطُ الحيواني الذي يجمع بين مشهد الموت ومشهد التعري وكأن الرجل الشرقي تحول لعامل طهارة لمنع الفتن حتى في أحلك اللحظات وأسوأها، مئات اللاجئات السوريات استحلن مضغاً في أفواه من ينعقون باسم الله وباسم الدين، وكأن الله قد وكلهم لمحاسبة المرأة التي تموت قبل أن يتسنى لها أن تغطّي شعرها".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها