الإثنين 2018/04/09

آخر تحديث: 15:58 (بيروت)

أزمة "المصري اليوم": مستقبل "القمع" الجديد

الإثنين 2018/04/09
أزمة "المصري اليوم": مستقبل "القمع" الجديد
هنالك سعي من جميع الصحافيين "تقريبا" إلى احتواء الأزمة
increase حجم الخط decrease
معظم التطورات التي رافقت أزمة صحيفة "المصري اليوم"، طوال الأسبوع الماضي، لجهة الهجوم عليها واقالة رئيس تحريرها، تمهيداً لتعيين رئيس تحرير آخر، كان معلناً وواضحاً للجميع من داخل الوسط الصحافي أو خارجه. 

خرجت الجريدة بمانشيت مغامر على غير عادتها وغير عادة الصحف المصرية في السنوات الأخيرة، فقوبلت بترسانة الأسلحة التي يعرفها الجميع. قضايا قانونية وغرامة مالية وملاحقة معنوية، وتصدرت الأخبار والبرامج الحوارية في كل القنوات، وصولاً الى الهجوم على كل ما ومن يمثل "المصري اليوم".

الجديد في الأزمة، بعدما أحجمت الصحيفة عن تغيير المانشيت، لم ينحصر في البحث عن كبش فداء على قدر الأزمة، فكان رئيس تحريرها شخصياً، كما توقع المصريون واعتادوا. لكن الجديد أن يحجب موقع الجريدة دون أن يحجب، واصطلح المصريون على تسميته "صعوبات تقنية"، بحسب تعبير "مدى مصر". تلك الصعوبات أعجزت العاملين في الموقع عن تحديثه، وتعذر فتحه من مصر من غير اللجوء الى خاصية الـVPN. وبذلك، يكون الحجب مختلفاً عن طريقة الحجب المعتادة لمئات المواقع الأخرى.

هكذا، بضع كلمات مكتوبة على صفحة أولى في جريدة بدا أنها لم تلتزم الخط السياسي العام الذي تريده الدولة، قادتها لتدفع الثمن حتى الآن. عبارة: "الدولة تحشد الناخبين في آخر أيام الانتخابات" ترتب عليها تغريم الجريدة وتغيير رئيس التحرير وحجب الموقع بشكل غير رسمي، واشتعال الوسط الصحافي كله، في انتظار ما سيحدث تالياً.

بدا أن كل من حول الدولة يرى رد الفعل على المانشيت أكبر من تأثيره. نقيب الصحافيين يكاد أن يقول أن لا حاجة لذبح "المصري اليوم"، ويسعى لرفع العقوبة المالية عن الجريدة. عمرو أديب يخرج ويقول إن الكلام يواجه بالكلام لا بالغرامات. هنالك سعي من الجميع "تقريبا" إلى احتواء الأزمة. باستثناءات معدودة، كأحمد موسى الذي خرج في فقرة تحريضية كعادته ليقول إن صحيفة "المصري اليوم" مختطفة من الثوريين وغيرهم. 

أما محمد الباز رئيس تحرير ورئيس مجلس إدارة صحيفة "الدستور"، ومقدم برنامج "90 دقيقة" على قناة "المحور"، فقد كرس جهده في تحويل أزمة "المصري اليوم" هذه إلى قضية رأي عام، وتحويلها إلى ما هو أكبر منها.

ففي أربع حلقات متوالية، كتب عما يراه كارثة "المصري اليوم" التي كانت مختطفة من "الإخوان" قبل الثورة، ومتورطة في العمالة مع سفارة الولايات المتحدة، ومتروكة للعبث في يد ابن مالك الصحيفة. باختصار لم يترك محمد الباز حجراً على حجر يخص الصحيفة إلا وحركه، ولم يترك ما تعتبره الدولة جريمة إلا وألصقها بهم. لكأن حلقاته الأربع هي بلاغات متوالية في حق "المصري اليوم" وملاكها وإدراييها وصحافييها، ما يبدو للعيان ثأراً شخصياً لمحمد الباز. فها هو صحافي، من المفترض أنه يدرّس في كلية الإعلام، يفعل ما في جهده ودون أي ذرة من المهنية لتدمير الصحيفة المصرية الأكثر انتشاراً.

وبعيداً عن أجندة الباز وحساباته الخاصة، فقد كشفت الأزمة في الأيام الماضية ما سيؤول إليه الحال في فترة الرئيس عبد الفتاح السيسي الرئاسية الثانية. لا تسامح مع الزلل أياً كان مرتكبه. فقد حدث أن "أخطأت" بعض الصحف في السنوات الأربع الماضية، ونشرت ما لا توافق عليه الدولة، وكان أن صودرت هذه الصحف، باعتبار المصادرة هي سقف القمع الصحافي. لكنها هذه المرة تمعن في العقوبة إلى درجة الإضرار بمؤسسة كاملة.

كلما اعتاد الصحافيون على التضييق، نبشت في مجلد عقوباتها الضخم عن جديد تضيق به أكثر وأكثر، وما حدث يكشف عن قدرتها على الإتيان بجديد دائماً. مما انتشر في الكواليس الصحافية الأسبوع الماضي أن الأزمة لن تنتهي بتولي حمدي رزق رئاسة تحرير الصحيفة، بل إن التضحية سوف تشمل عدداً لا بأس به من الصحافيين، كما قالت مصادر مواكبة للأزمة. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها