السبت 2018/04/07

آخر تحديث: 16:51 (بيروت)

"الإشراف على الانتخابات" بدأت بشركات الاستطلاع.. تمهيداً للوزراء؟

السبت 2018/04/07
"الإشراف على الانتخابات" بدأت بشركات الاستطلاع.. تمهيداً للوزراء؟
increase حجم الخط decrease
ربما لم يعتد اللبنانيون بعد على الاصلاحات الانتخابية التي برزت للمرة الأولى في القانون الانتخابي المسمى "قانون الستين" والعائد للعام 2008. فمنذ مرحلة الانتداب (كانت المجالس منتخبة جزئياً)، مرورا بمرحلة الاستقلال ووصولا إلى العام 2008 لم تلحظ القوانين الانتخابية المختلفة مسألة تنظيم الاعلام والاعلان الانتخابيين ولا كيفية اجراء استطلاعات الرأي. بالتالي كانت شركات استطلاع الرأي والوسائل الاعلامية تنشر ما يحلو لها دون وجود قوانين ناظمة لعملها. 
في قانون العام 2008 أدخلت اصلاحات انتخابية أهمها تلك المتعلقة بكيفية اجراء استطلاعات الرأي وطرق نشرها للرأي العام. وبمعزل عن الانتقادات الكثيرة التي يمكن ان توجه للقانون في هذا الشأن، بدا واضحاً للعيان أن بعض الوسائل الاعلامية وشركات الاستطلاع لم تعتد على فكرة وجود قوانين تحدد آليات عملها في فترة الانتخابات النيابية.

فجريدة "السفير" كانت قد نشرت استطلاعا للرأي قبل يومين من موعد اجراء انتخابات النيابية في العام 2009. علماً أن القانون يمنع نشر استطلاعات الرأي قبل عشرة ايام من يوم الاقتراع العام. غرّمت "السفير" بمبلغ 50 مليون ليرة لكنها عادت وحصلت على عفو من رئيس الجمهورية حررها من دفع الغرامة. 

وحديثاً، تلقت جريدة "الأخبار" تنبيهاً من "هيئة الإشراف على الانتخابات"، مطالبة "بضرورة التقيّد الصارم بالأحكام القانونيّة"، إذ رصدت أجهزة المراقبة والرصد الإعلامية لدى "الهيئة" مخالفات قامت بها "الاخبار" لبعض بنود القانون الانتخابي. ثم ردت "الاخبار" على الهيئة بطريقة تهكمية دلّت على أن الجريدة تعتبر نفسها فوق المساءلة، مطالبة الهيئة بسحب رسالتها والاعتذار. وجاء في تهكم "الأخبار": "لدينا، في لبنان، هيئة خاصّة للإشراف على الانتخابات. هيئة لديها ما يكفي مِن "الثقة" لأن توجّه تنبيهاً إلى "الأخبار". مرحى مرحى، لبنان على سكّة الحداثة، وها هو يعيش عرساً ديمقراطيّاً". وهذا ما استدعى رداً آخر من الهيئة معلنة أنه يحق لها "في كل وقت أن تتحقّق ما إذا كان أي برنامج أو لقاء أو ظهور إعلامي يخفي تحت ستار الإعلام إعلاناً أو دعاية انتخابية مستترين". 

وبمعزل عن كون القانون يحتمل الضبابية حول مسألة التمييز بين الاعلام الانتخابي (المجاني) والاعلان الانتخابي (الذي يجب ان يكون مدفوع الاجر) ثمة خيط رفيع يجعل الوسائل الاعلامية عن قصد أو غير قصد في مجال الشك. فنشر "البورتريهات" عن المرشحين لا يمكن اعتباره غير دعاية انتخابية، وبالتالي لا يحق للوسيلة الاعلامية نشره في حال لم تكن قد تقدمت بتصريح للهيئة للمشاركة في الاعلان الانتخابي. 

كما أن شركات استطلاع الرأي التي تعمد على اجراء استطلاعات ليس عليها أن تكون مرخّصة فحسب، بل عليها الاستحصال على ترخيص من الهيئة قبل الشروع بالاستطلاعات.

فالقانون الانتخابي اعطى الهيئة هذا الحق، وبات من مهماتها بحسب المادة 19 "تحديد شروط واصول القيام بعمليات استطلاع الرأي وكذلك نشر او بث او توزيع النتائج أثناء الحملة الانتخابية ومراقبة التقيد بفترة الصمت الانتخابي".

كما حددت المادة 79 الشروط المتعلقة بعمليات استطلاع الرأي والاصول التي يخضع لها نشر او بث او توزيع نتائجه. ويجب أن يترافق نشر النتائج "باسم الجهة التي قامت بالاستطلاع واسم الجهة التي طلبت الاستطلاع ودفعت كلفته وتواريخ اجراء الاستطلاع ميدانيا وحجم العينة المستطلع رأيها وطريقة اختيارها وتوزيعها والتقنية المتبعة في الاستطلاع والنص الحرفي للأسئلة المطروحة وحدود تفسير النتائج ونسبة هامش الخطأ فيها عند الاقتضاء".

ولكون شركات الاستطلاع لم تتعتَد بعد على الالتزام بمقتضيات القانون وراحت تنشر الاستطلاعات غب الطلب، أصدرت "الهيئة" بياناً حمل الرقم 10 لوقف تلك المخالفات. إذ لاحظت الهيئة أن "بعض وسائل الإعلام والإعلان ومحطات التلفزة تعمد بصورة دورية، إلى بث أو نشر استطلاعات الرأي بصورة صريحة أو ضمنية أثناء استقبالها لضيوفها في بعض البرامج السياسية، مخالفة بذلك أحكام المواد 19 و 79 و 81 من قانون الانتخاب". 

قد يقال الكثير في حق الهيئة التي تعمد إلى ملاحقة الوسائل الاعلامية وشركات الاستطلاع لقمع المخالفات متناسية 17 وزيرا مرشحا إلى الانتخابات من أصل 30 وزيرا في الحكومة.

فهناك وزراء مرشحين معنيين بشكل أساسي في ادارة الانتخابات ولهم سلطة وصاية على "الهيئة"، مثل وزارة الداخلية. وهناك وزراء معنيون باقتراع اللبنانيين في الخارج مثل وزارة الخارجية والمغتربين. إلى غيرهم من الوزراء الذين يحملون حقائب "خدماتية"، الأمر الذي قد لا يطيح مبدأ تكافؤ الفرص فحسب، بل بنزاهة العملية الانتخابية، لكون استغلال السلطة والنفوذ في الحملات الانتخابية امر أكثر من راجح.

لكن هذا لا يعفي أحداً من المساءلة للالتزام بموجبات القانون رغم جميع العثرات فيه. بل على العكس يجب تدعيم دور الهيئة والمطالبة بأن تصبح في المستقبل "هيئة مستقلة" لإدارة كامل مجريات العملية الانتخابية لا أن يقتصر الدور على "الاشراف" كما هو حاصل حالياً.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها