الثلاثاء 2018/04/03

آخر تحديث: 19:06 (بيروت)

فوز السيسي.. ورطة إعلامية

الثلاثاء 2018/04/03
فوز السيسي.. ورطة إعلامية
increase حجم الخط decrease
انتهت الضرورة الشكلية الانتخابية بفوز ساحق للرئيس عبد الفتاح السيسي بنسبة تتجاوز 97% من أصوات الناخبين، وهو الرقم الذي لم تشهده مصر منذ الاستفتاء على خلافة مبارك للسادات، بعدها كان نظام مبارك أكثر ذكاء في ضبط الاستفتاءات دون الـ97%، بل إن أول انتخابات رئاسية مصرية، فاز فيها مبارك بنسبة 88%، وقد ترشح أمامه عددا من المرشحين أبرزهم –وصيفه- أيمن نور.
مرت الانتخابات الأخيرة بنتيجة معلومة بالطبع، والإعلام المصري كان ملزماً حتماً بأن يتحدث عن النتيجة، باعتبارها الحدث الأساس في المجال العام أمس، في ما بدا "ورطة" إعلامية، فما يمكن أن يقال غير الذي قيل طوال الأسبوع الماضي، والكل يتحدث عن الفترة الثانية للسيسي باعتبارها أمرا محسوما؟

هكذا، تصرف كل مذيع برنامج حواري كما ارتأى لكي يستطيع أن يقدم حصته الإلزامية في "تغطية" أخبار النتيجة الرسمية للانتخابات.

أماني الخياط قدمت تعليقاً مناسباً لبرنامجها النهاري "بين السطور" على قناة "أون لايف"، حيث قالت "إن كل قوى الشر ارتبكت بعد إعلان فوز الرئيس عبد الفتاح السيسي بولاية جديدة، كل المحافظات خرجت لتؤيد بلدها ممثلاً في الرئيس عبدالفتاح السيسي.. مصر تعلن اليوم للقاصي والداني احترام قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات". ورأت أن إعلان فوز الرئيس السيسي بولاية ثانية هو "إعلان بانتهاء مشروع الأهل والعشيرة". 

تستخدم الخياط المفردات التي يستخدمها السيسي مثل "قوى الشر" بإفراط في برنامجها لتقدم تحيليلاً خيالياً على برنامجها، مازال مملوءاً بهواجس إخوانية "الأهل والعشيرة" لا وجود لها على أرض الواقع. ما يناسب ساعة بثه بالضبط.

أما المذيعون أصحاب ساعات الذروة المسائية، فقد قدموا مواداً هي أبعد من شطحات أماني الخياط كثيرا، حتى أحمد موسى بكل تجاوزاته وفقراته الفانتازية قرر التعبير عن فرحته بإطلاق هاشتاغ #مصر_بتفرح، ثم توجه –عابراً- بالهجوم على أردوغان الذي خرج في مؤتمر صحافي بالزي العسكري، ما اعتبره تقليداً للسيسي من جهة، ورأى فيها أداء كوميدياً من قبل الرئيس التركي!

محمد الباز مقدم برنامج 90 دقيقة اكتفى، بالتعليق على "مظاهر الفرحة في الشوارع" باعتبارها فرحة تلقائية تعبيراً عن استمرار مسيرة الوطن على حد تعبيره. تعليق باهت مثل برنامجه ومقدمه تماما.

أما أذكى المعلقين فكانا عمرو أديب ولميس الحديدي. الأول قرر الهجوم على هؤلاء الذين يطالبون بالتحقيق وراء عدد الأصوات الباطلة المرتفع، باعتبار أن ذلك هو حقهم الانتخابي، ثم طالب السيسي بوضع خارطة طريق للسنوات الاربع القادمة في خطابه أمام مجلس الشعب، وألا يكتفي بالكلام العام. بل إنه بحماس أصحاب الخبرة في عمليات الضبط السياسي قال إنه كان سيفرح لو أن السيسي فاز بنسبة أصوات 60%! ليستمر عمرو في خطابه الأقل جنونا والأكثر تعقلا وإن بشكل مشهدي في الوجوه الإعلامية المصرية الآن.

أما لميس فقد استغلت هذه اللحظة، بمطالبة الرئيس بعفو عام عن الشباب المحبوسين في قضايا التظاهر والرأي والحريات، وليس من سلك العنف أو حمل أي سلاح أو شارك في الإرهاب أو حرض على الدولة، حيث يبدأ الرئيس مرحلة جديدة أكثر تسامحًا ومحاولة لتقريب الناس، لأنه –على حد تعبيرها- آن الوقت للنظر لهؤلاء المحبوسين حتى وإن كانوا أخطأوا.

كان يوماً عادياً إذن، ولم تتخط أخبار النتيجة أكثر من التهليل غير المتحمس، ومحاولة النبش في أبجديات الدولة عن جديد يمكن أن يُقال، فلم يوجد شيء، فما كان منهم إلا أن كرروا ما نعرفه وما يعرفونه جيدا، ويكفي أن خبر وفاة الكاتب الروائي أحمد خالد توفيق قد غطى على مواقع التواصل الاجتماعي خبر إعلان فوز السيسي، لأن ما يحدث في المشهد الانتخابي لا يعني أحداً، ولا السيسي نفسه. اللهم إلا الضرورة البصرية لا أكثر.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها