السبت 2018/04/21

آخر تحديث: 12:45 (بيروت)

السياسيون يقاطعون الاستديوهات الحوارية.. فهُم أقوى من الشاشات!

السبت 2018/04/21
السياسيون يقاطعون الاستديوهات الحوارية.. فهُم أقوى من الشاشات!
خرجت الصيغ البديلة لحوارات خارج الاستديوهات، لكن الإعلام ما زال مهزوماً
increase حجم الخط decrease
حسناً فعلت برامج التسويق الانتخابي، باللجوء الى التصوير الخارجي خلال لقاءات مع الضيوف، بدلاً من اعتماد التصوير داخل الاستديو. فذلك أنقذها حتماً من الاحراج، ومن اظهار ضعفها أمام سياسيين، ومشاريع ممثلين مرة أخرى للأمة في مجلس النواب، وهم الذين باتوا ينظرون الى الاعلام كموظف لديهم، أو كسلعة يمكن شراؤها، بشروطهم. 
فالسياسي، خلال الفترة الاخيرة، صار يعتبر نفسه فوق الاعلام، وأقوى منه، وأكبر من أن يرتاد استديوهات برامج الـ"توك شو" السياسي. انصاع معظم الاعلاميين لرغبات سياسيي الصف الاول والثاني، وباتت منازلهم ومكاتبهم، ساحة للنقاش، بدلاً من استديوهات البرامج. 

الاعلامي هنا، يلاحق السياسي، حتى لو كانت المنفعة للأخير. الاعلامي انصاع. ولم يعد هناك من تقدير للبرنامج التلفزيوني نفسه الذي لا يزال محل تقدير في البرامج التلفزيونية الغربية، حيث مساحة الحوار ستكون أوسع، وحرية الاعلامي أكبر في طرح الاسئلة التي يريد، بلا منّة استقباله، كما هو الحال هنا.

قبل سنوات، وإثر التوتر الامني الذي أحاط بالبلد، ظهرت موضة مقاطعة الاستديو من قبل سياسيي الصف الاول، لضرورات أمنية. وقضت ضرورة اجراء حوارات لهم، للوقوف على آرائهم واستنطاق مواقف جديدة، بأن يذهب الاعلامي اليه، بغرض محاورته. كان السياسي مكبلاً باحتياطاته الامنية. ولا مجال لمقابلته الا وفق شروطه. وعليه، ترك اعلاميون استديوهاتهم، استثنائياً، وتحت ضغط الحاجة، لاجراء حوارات في مقرات اقامة السياسيين. 

لكن السياسيين، باتوا ينظرون الى مقاطعة الاستديو، كفعل تكريم لهم ولمواقعهم ومواقفهم السياسية. كثير ابتزّ الاعلاميين بالحاجة لمواقفهم، وسحبوا الكاميرات وفرق النقل المباشر الى منازلهم ومكاتبهم، وانصاع الاعلاميون الذين انقسموا قسمين: قسم اعتبره "حاجة" وعليه أن ينصاع لرغبات السياسي مع رغبة في تحقيق "سبق"، والقسم الآخر اعتبره فعل تكريم له كإعلامي، كون السياسي يستضيفه في منزله. وطبعاً، القلة القليلة منهم رفضت حوارات خارج الاستديو، الا وفق الضرورات، وكان مارسيل غانم أبرز هؤلاء، وظهر نموذج آخر هو الحوار عبر الشاشة، للحفاظ على قوة البرنامج ووقعه وموقعه، بلا منة من أي سياسي. 

المعضلة الآن، أن القضية لم تعد مرتبطة بالضرورات الأمنية. وهي الضرورات التي تنفيها جولات السياسيين في المناطق لاسباب التحشيد الانتخابي. كما لم تعد تقتصر على سياسيي الصف الاول. أولئك الذين كانوا مهددين أمنياً. بات الأمر موضة، ونموذجاً إعلاميا ينفرد به لبنان. وخلافاً للعرف القائم في برامج الدول الغربية، حيث تذهب وسائل الاعلام الى القصور الرئاسية حيث يكون الحوار خاصاً واستثنائياً وغير مرتبط  ببرنامج سياسي لحوار رئيس، يقاطع رؤساء الاحزاب اللبنانيون استديوهات برامج "التوك شو"، ومثلهم يفعل الوزراء. وأخيراً، يقاطع المرشحون تلك البرامج. وبدلاً من تعزيز الشاشات لمواقعها، وتكريس مقراتها كعنوان للحوار والجدال والنقاش، اختلقت برامج تنقذها من المقاطعة، وخصوصاً في الزمن الانتخابي. 

وإذا كانت "أم تي في" وجدت "فورما" تجبر السياسي على حضور موقع التصوير المحدد في برنامج "دق الجرس"، فإن "ال بي سي" اختارت الطرق سبيلاً في برنامج "لوين واصلين"، ومثلها ذهبت "الجديد" في برنامج "سيد نفسه". وأخيراً، ظهر وزير المال علي حسن خليل في برنامج على قناة "ان بي ان" من مكتبه، كما ظهر وزير الخارجية جبران باسيل في قناة "الميادين" من منزله الجبلي. وأمس، الجمعة، ظهر المرشح الياس بوصعب من منزله في برنامج "بدبلوماسية" في شاشة "او تي في"، رغم أن بو صعب لم يكن من مقاطعي برامج "التوك شو" في الاستديوهات، كما ظهر أخيراً في برنامج "كلام الناس" مع مارسيل غانم. 

تعد هذه الموضة انتصاراً شكلياً للسياسيين على حساب وسائل الاعلام. الأخيرة تبدو ضعيفة، ومقيدة بظروف استقبالها، بالنظر الى ان آداب استقبال الضيف تقتضي عدم مواجهته، بحكم العرف الشعبي اللبناني. وعليه، ستكون اسئلة الاعلامي غارقة في الدبلوماسية، وسيسجل السياسي انتصاراً، ما يعني ان وسائل الاعلام لن تكون أداة لنقل المواقف، بقدر ما هي طرف مهزوم في المعادلة، حين تنتفي الضرورات الأمنية. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها