الثلاثاء 2018/04/10

آخر تحديث: 18:47 (بيروت)

"الدولة الواحدة" في فايسبوك.. لاستقطاب الفلسطينيين

الثلاثاء 2018/04/10
"الدولة الواحدة" في فايسبوك.. لاستقطاب الفلسطينيين
ليست جديدة تلك الأصوات التي خرجت في وقت مبكر من تاريخ قضية فلسطين
increase حجم الخط decrease
"الحركة الشعبية لدولة ديموقراطية واحدة على أرض فلسطين التاريخية".. اسم بالعربية والإنجليزية لصفحة انطلقت قبل أيام في "فايسبوك"، في مسعى من المُنظّرين للفكرة أن ينقلوا ساحة النقاش والجِدال إلى العالم الإفتراضي هذه المرة، استكمالاً لجهود بذلوها منذ سنوات؛ علّهم يحققون إجماعاً فلسطينياً على فكرة "الدولة الواحدة" بعد تلاشي "حل الدولتين"، واقعياً وجيوسياسياً، كما يرون.
والحال، ليست جديدة تلك الأصوات التي خرجت في وقت مبكر من تاريخ قضية فلسطين وتُنادي بحل دولة واحدة تجمع اليهود والفلسطينيين في آن، فاستخدموا تعبيراً آخر هو "دولة ثنائية القومية"، بحيث يتساوى الجميع في إطار هذه الدولة في الحقوق والواجبات. لكن الجديد أن حاملي الفكرة بدأوا ينشطون أكثر في السنوات الأخيرة ضمن حراك معين، فينظمون ندوات وحلقات نقاشية، مروراً بتعليق يافطات ولافتات في أماكن عامة تُنادي بحل الدولة الواحدة، وها هم ينتقلون إلى مواقع التواصل الإجتماعي للغاية ذاتها.

ويقول رئيس حركة "دولة ديموقراطية واحدة"، راضي الجراعي، الذي يقف على رأس هذا التوجه في الضفة الغربية، لـ"لمدن" إن الهدف من إطلاق الصفحة الفايسبوكية المُشار إليها هو رفع الوعي لدى الجمهور الفلسطيني بالدرجة الأولى حول فكرة أو رؤية الدولة الديموقراطية الواحدة"؛ إذ يسعى الجراعي ومَن يقف معه إلى طرح الموضوع في "فايسبوك" وسماع آراء وتعليقات حيالها سواء كانت مع أو ضد، الأمر الذي سيساهم في تطوير الفكرة واستقطاب أكبر قدر ممكن من الداعمين لها.

ويضيف المحاضر الستيني الجراعي، أن المنصة الإجتماعية الإفتراضية تُعد مُكملة للوسائل الأخرى التي تستخدمها الحركة وتوظفها لطرح الفكرة للنقاش وتجنيد الرأي العام الفلسطيني حولها، مشيراً إلى أنه منذ تأسيس حركة "الدولة الديموقراطية الواحدة" في منتصف مايو/أيار 2013، فإنها عقدت سلسلة ندوات نقاشية للفكرة المذكورة، وكان آخرها ندوة انعقدت في أحد فنادق رام الله في السابع من آذار/مارس الماضي.

ولعل القائمين على هذا التوجه يُفرقون بين تعبير "الدولة الواحدة ثُنائية القومية" وبين "الدولة الديموقراطية الواحدة"؛ فالأول يعني أن الدولة لكل مواطنيها المتساوين في كل شيء، أما المصطلح الثاني فيعيدنا إلى مربع التقسيم مجدداً، حيث ستطالب كل قومية بحق تقرير المصير في نهاية المطاف، كما هو حال الأكراد، وإقليم كاتالونيا في إسبانيا.

والحقيقة، أن عُمق المشكلة ليس في الحصول على إجماع فلسطيني حول "حل الدولة الديموقراطية الواحدة"، وإنما أن تقبل إسرائيل بها، فهي ترفض مجرد أن تسمع هذا الطرح الذي تعتبره خطراً وجودياً عليها أكبر بكثير من "حل الدولتين" الذي بات بعيد المنال هو الآخر، بحسب جهات أوروبية.

بَيدَ أن المحاججة التي تستند عليها حركة "الدولة الديموقراطية الواحدة" تكمن في أن "حل الدولة الواحدة" أكثر واقعية وعدلاً للفلسطينيين من "الدولتين" الذي اتضح بأنه غير مُجدٍ ولا يُمكن تطبيقه وفق منطق "الصهيونية". فالأخيرة لا تقبل الحل الوسط المتمثل بـ"الدولتين"؛ ما يعني ان الدولة الواحدة يحفظ بشكل أكبر حقوق الفلسطينيين في الداخل والخارج ومعهم اللاجئون.

كما وتستند الحركة في محاججتها أيضاً في مفاضلة "الدولة الواحدة" على "الدولتين"، في أن إسرائيل لن تقبل نهائياً بدولة فلسطينية، ناهيك عن أن المجتمع الدولي لن ينجح أصلا في الضغط عليها وإجبارها للعودة إلى حدود الرابع من حزيران1967. 

ولحل "الدولة الديموقراطية الواحدة" شروط، كما يُروج القائمون على فكرتها؛ وعلى رأسها تبني الاستراتيجة المُشار إليها أولاً، ثم نستخدم كفلسطينيين نقاط القوة، بالترافق مع محاولة معالجة نقاط الضعف التي عندنا.

وبالنسبة لنقطة القوة الفلسطينية، فتنطلق من أن إسرائيل هي دولة ابارتهايد وتمييز عنصري، تتجسد بكل وضوح عندما نرى قانونيين اثنين للدولة العبرية في الضفة الغربية، أحدهما مدني للمستوطنين، وآخر عسكري مفروض على الفلسطينيين، علاوة على وجود طرق وباصات للمستوطنين، فيما هي محرمة على غيرهم من سكان الضفة الأصليين.

ولذلك، تدعو حركة "الدولة الديموقراطية الواحدة" إلى طرح إسرائيل أمام الرأي العام الدولي كدولة ابارتهايد، باعتبارها ثاني اكبر جريمة بحق الإنسانية بعد التطهير العرقي. فاندفع العالم لمقاطعتها وحصارها حتى ينهار النظام العنصري، ولتقبل تل أبيب بدولة واحدة يتمتع فيها الفلسطينيون واليهود بالحقوق ذاتها.

وتستقوي الحركة سالفة الذكر في طرحها، مما خرج به استطلاع أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية، في أوساط الشباب قبل أشهر؛ إذ أظهر ان نحو 40 بالمئة من الشباب في الأراضي الفلسطينية يؤيدون خيار الدولة الديموقراطية الواحدة كحل واقعي ووحيد.

ويعتقد مهندسو هذا الرأي، أن التحدي أمامهم هو كيفية جمع هؤلاء الشباب في حركة واحدة ليصبحوا قوة سياسية قادرة على التأثير في المجتمع الفلسطيني، فيما يكمن التحدي الآخر في استخدام الجاليات الفلسطينية في الخارج ولا سيما في أوروبا؛ بغية خلق "لوبيات" ضاغطة على الحكومات هناك لتغيير سياستها الرسمية تجاه إسرائيل، وصولاً لمقاطعتها وفرض عقوبات عليها، حتى تنصاع للحل الديموقراطي للدولة الواحدة. 

 ولم يُخفِ الجراعي طموحهم في تحول حركتهم إلى حزب سياسي يضم النسبة المئوية سالفة الذكر، لمقارعة الحجة بالحجة، مروراً بتسمينه ليصبح أغلبية قادرة على حسم الإستراتيجية الفلسطينية الجديدة.

ويكشف راضي الجراعي لـ"المدن" عن وجود مجموعات عدة تُروج لفكرة الدولة الواحدة للفلسطينيين واليهود سواء في الداخل الفلسطيني أو في العالم؛ فهناك مجموعة في حيفا وأخرى في يافا داخل الخط الأخضر، بالترافق مع توجه بعض عناصر حزب "التجمع الوطني الديموقراطي" نحو حل الدولة الواحدة، بالإضافة إلى مجموعات فاعلة على هذا الصعيد في سويسرا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، علاوة على مجموعتين في الولايات المتحدة الأميركية.

وتوجد محاولة لتشكيل حركة واحدة لكل هذه المجموعات الناشطة، لكن الخلافات الفكرية، والتباين في اعتماد مصطلح "دولة ثنائية القومية" أو "ديموقراطية"، يحول دون ذلك حتى اللحظة.

وتستهدف الحركة في ندواتها ونقاشاتها، شخصيات أكاديمية وسياسية من مختلف الأطياف، بالإضافة إلى أناس عاديين، لكن هناك من يرفض هذه الدعوات، وهناك مَن يقبلها. فهناك فهم خاطئ لدى البعض لطبيعة وماهية الفكرة القائمة على التحليل العلمي والوطني والعملي، كما يقول مروّجو الفكرة. 
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها