الخميس 2018/03/08

آخر تحديث: 18:49 (بيروت)

لولا الطلاب المصوّرون.. لما عرف العالم باعتقالات بير زيت

الخميس 2018/03/08
لولا الطلاب المصوّرون.. لما عرف العالم باعتقالات بير زيت
ترتبت مخاطر كبيرة على موثقي الحادث.. فالمستعربون المسلحون داخل الجامعة!
increase حجم الخط decrease
هي ليست العملية الأولى التي تنفذها وحدة المستعربين "دوفدفان" التابعة للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، لكنها تكاد تكون الوحيدة التي تصل إلى قلب صرح أكاديمي فلسطيني كما حدث في جامعة بير زيت الواقعة قرب رام الله، الأربعاء، حينما اختطف عدد من أفراد الوحدة المذكورة رئيس مجلس طلبتها عمر الكسواني قبل أن تنضم قوة أخرى من جنود الإحتلال لإتمام العملية، الأمر الذي ضجت به مواقع التواصل الإجتماعي بالمنشورات والتغريدات الغاضبة والمُستفَزّة مما حدث في وضح النهار وبكل هذه السهولة.

علماَ أنه سبق لقوات الإحتلال أن اقتحمت بلباسها العسكري وعتادها، الجامعات الفلسطينية، لدوافع مختلفة، لكن ليس عن طريق قوات "المستعربين".
والواقع، فقد تم توثيق ما جرى بأربعة مقاطع فيديو من زوايا مختلفة، ولولا هذه المقاطع التي اندرجت في سياق "صحافة المواطن"، إذ صورها طلبة وتلقفتها وسائل اعلام محلية ودولية وطلبت إذناً من أصحابها لنشرها، لكان الحدث الذي وقع خلال أقل من ثلاث دقائق قد قُدّم بطريقة مختلفة وفي اتجاه آخر. واتسمت الفيديوهات الأربعة بجرأة شديدة من مصوريها الطلبة الذين التقطوها في وضع خطر على حياتهم، وبدا أن أحدهم قد وُجه اليه سلاح أحد المستعربين، فاضطر للاختباء خلف شجرة بساحة الجامعة.

وبالرغم من أن الفيديوهات المذكورة تساعدنا على الخروج بنتائج مهمة حول الواقعة التي أظهرت حجم الخطر الذي كان قائماً على الحراس والطلاب والموظفين، إلا أن معظم التغريدات والمنشورات سواء لعاديين أو صحافيين، لم تُركز على ذلك على مدار الأربعة والعشرين ساعة الماضية التي تلتها، بل تحدثت عما جرى من مُنطلق إدانة وجلد الذات وخاصة حراس الجامعة وإدارتها ومعهما السلطة الفلسطينية، عبر أسئلة بارزة من قبيل: كيف تنكر هؤلاء المستعربون ودخلوا حرم الجامعة ثم خطفوا رئيس مجلس طلبتها بهذه السلاسة؟.. ثم لماذا يختطفونه من قلب الجامعة، ولم يفعلوا ذلك في خارجها؟ وما هي الرسالة الموجهة إذاً؟

وتحول ما حدث إلى نقاش داخلي بين الناشطين في مواقع التواصل الإجتماعي، فرد أحدهم على الأسئلة الناقدة سالفة الذكر بالقول: "عم بقرأ تعليقات غريبة حول اختطاف رئيس مجلس طلبة جامعة بيرزيت، مثل وين الأمن ووين الطلاب؟!. يعني شو ممكن يعمل طالب مرفوع بوجهه خمس مسدسات من أكثر وحدة خطيرة بجيش الإحتلال ورغم هيك حاول أن يتصدى لهم؟ أو شو ممكن يعمل حرس مجرد من السلاح أمام قوة عسكرية توجه فوهات الرشاشات المحشوة بالرصاص الحي نحوه. المشكلة مش هون، المشكلة عند اعتقادنا بأننا بنينا (دولة)، وأن لدينا ما يحمينا في هذه الدولة، هون المشكلة بالأساس".

ويرد ناشط آخر بمنشور مضاد في صفحته الفايسبوكية بالقول: "وين المشكلة في جلد الذات؟ مش بس لازم نجلد ذاتنا، لازم كمان ندعس على أنفسنا على الحال اللي وصلنا له. وما حد يقلي وصّلونا هم إله" .

ويُجمع مراقبون على الإستنتاج بأن الاحتلال كان يمكن له اعتقال رئيس مجلس طلبة جامعة بيرزيت من بيته أو مسكنه لفعل (رغم الحديث عن محاولتين فاشلتين لإعتقاله)، لكنه أراد هذا المشهد بقصد استخدام المستعربين لزرع الخوف والشك في قلب الطلاب، وليوصل الرسالة القائلة "نحن نصل إلى أي مكان نريد".

ولا تزال كيفية دخول المستعربين إلى داخل الجامعة غير واضحة ويشوبها الغموض لأن الحرس غالباً ما يتحققون من الوجوه الغريبة وغير المألوفة ويطلبون البطاقة الجامعية منها، لكن إدارتها قالت في بيانها الرسمي انهم انتحلوا صفة "طلاب" وكان على ظهرهم حقائب تُظهرهم كذلك.

 كما وترددت أنباء من قبل بعض الطلبة الذين كانوا شهود عيان مفادها أن المستعربين انتحلوا صفة صحافيين عندما طلبوا الحديث مع الأسير عمر الكسواني. لكن "المدن" حاولت التحقق من هذه المعلومة، فقال مصدر آخر لها إنهم اعتقدوا وظنوا انهم صحافيون عندما قالوا للأسير عمر الكسواني "بدنا نحكي معك شوي".

وذهبت بعض وسائل الإعلام إسرائيلية إلى الحديث عن انتحال المستعربين صفة "صحافيين"- إن صح الأمر- على أساس أنه سابقة خطيرة.

لكن أياً كان الأمر، لاشك أنه سبق للإحتلال أن انتحل صفة صحافيين مرات عديدة لإعتقال أو اغتيال فلسطينيين. ولعل ما جرى يوم التاسع من آب/ أغسطس 2001 خير مثال على ذلك؛ إذ اتصل أحد عناصر مخابرات الإحتلال هاتفياً بمكتب القياديين البارزين في "حماس" جمال منصور وجمال سليم، بصفة مراسلاً لهيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" في الاراضي الفلسطينية، كي يتأكد من وجودهما بالمكتب، لتتم عملية الإغتيال مباشرة عبر صواريخ أطلقتها طائرة الأباتشي.

ونفت "بي بي سي" وقتها أن يكون أي من مراسليها أو الأعضاء العاملين في بعثتها في القدس قد اتصل بجمال منصور قبل عملية الاغتيال الاسرائيلية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها