الجمعة 2018/03/30

آخر تحديث: 16:15 (بيروت)

همروجة "الجديد" وفضل شاكر.. للتصويب على الحريري؟

الجمعة 2018/03/30
همروجة "الجديد" وفضل شاكر.. للتصويب على الحريري؟
increase حجم الخط decrease
في سياق حملة الانتقادات الواسعة التي طاولت قناة "الجديد" منذ بدء إعلاناتها الترويجية لوثائقي "حكاية طويلة"، الذي يروي من خلاله الفنان فضل شاكر، الصادر بحقه حكم قضائي على خلفية أحداث عبرا، ومن مخبئه في مخيم عين الحلوة، حكايته منذ العام 2011 حتى هذه اللحظة، وما تخللها من "لغط حول علاقته بالشيخ أحمد الأسير"، برزت انتقادات عديدة لمديرة قسم الأخبار والبرامج السياسية في "الجديد"، مريم البسام، تذكرها بمواقفها السابقة تجاه ملف فضل شاكر والأسير وصولاً للإعلامي حسين خريس، الذي كشف معدّ الوثائقي فراس حاطوم عن دوره البارز في تواصله مع فضل شاكر، بصفته الوسيط الذي لولاه لما استطاع إنجاز عمله هذا، الأمر الذي دفع مغردين للسؤال عن التغيّر الذي طرأ على مقاربة "الجديد" لهذا الملف، مذكّرين بهجوم البسام على خريس قبل 3 أعوام على خلفية تغطيته المباشرة لعملية تبادل الافراج عن العسكريين المخطوفين في جرود عرسال، حيث غردت قائلة: "ما كنت حسبتني أدرّب إرهابياً اعتقدته صحافياً. أعتذر وليس في فمي ماء بل حياء".

وفيما رأى كثيرون في تبنّي "الجديد" للوثائقي والترويج المكثف له سعياً من القناة لـ"تلميع صورة فضل شاكر" و"تبرئته" تزامناً مع السجال الدائر حول قضية العفو العام، إلا أن الجزء الأول من "حكاية طويلة"، الذي بثتّه القناة مساء الخميس، كشف من خلال ما تضمنّه من إشارات ورسائل متعددة، توحي بأن "الجديد" أرادت إصابة أكثر من عصفور بحجر واحد من خلال هذا الوثائقي، الذي لا بدّ وأنه يشكّل سبقاً صحافياً مهماً نسبة للشعبية الفنية الكاسحة التي كان يمتلكها شاكر، وللرغبة عند الجمهور اللبناني والعربي لمعرفة الاسباب والدوافع التي أدّت إلى التصاق اسم شاكر بأحمد الأسير، والملابسات والإشكالات التي أوصلت لإدانته في أحداث عبرا، عقب اتهامات تبعها صدور حكم غيابي قضى بسجنه 15 عاماً، اعتبر كثيرون أنه حكم قاسٍ، كونه لا يستند إلى حيثيات وأدلة واضحة تُثبت بشكل لا لبس فيه بأنه كان لشاكر دور بإطلاق النار على الجيش أو في جرح أو استشهاد أي من عناصره.

وعلى الرغم من أن ظهور فضل شاكر بدا وكأنه يتكّلم بعفوية وعلى سجيته، وبأنه يستغلّ هذا الظهور كي يكشف عن تواصله مع مخابرات الجيش وأجهزة لبنانية بهدف تسليم أسلحة المجموعة الموكلة بحمايته بعد تعرضه للتهديد بالقتل بسبب انتقاده بشار الأسد، كاشفاً عن نيته بالسفر إلى خارج لبنان قبل وقوع أحداث عبرا، وبأنه لا يجيد استعمال السلاح ولا يهتم بالسياسة ولا يلمّ بشؤونها، وبأنّ التصاقه بالاسير كان ظرفياً وآنياً كونه أتى كتقاطع في الآراء ضدّ ممارسات النظام السوري الوحشية عقب اندلاع الثورة هناك، وضدّ سطوة سلاح "حزب الله"، التي تمثلت بممارسات القتل والتشبيح التي مارسها أشخاصٌ مذهبيون تحت مسمّى "سرايا المقاومة" التابع والملحق للحزب، إلا أنّ شاكر الذي أغدق في تعابير الحب التي وصف فيها الشهيد رفيق الحريري، وكذلك النائب بهية الحريري التي أكّد على عدم علاقتها بأحداث عبرا، استثنى منها الرئيس سعد الحريري، مشيراً إليه بأنه هو من أعطى الغطاء السياسي للعملية العسكرية التي قام بها الجيش، الذي دعمته "سرايا المقاومة" بهدف القضاء على الأسير والحالة التي يمثلها في أحداث عبرا.


حاطوم الذي أخبرنا أنه قضى ساعات طويلة مع شاكر، عايش خلالها كيف يمضي الرجل أوقاته، ناقلاً إلينا بالصوت والصورة بعضاً من تفاصيل يومياته، ظهر في أكثر من مكان، كما لو أنّه يحاول اقناعنا أن اللقاء لم يتم من خلال التنسيق والاتفاق على ما يرد في المحتوى، إنّ كان في الرسالة الصوتية من على هاتف حسين خريس، التي عرضها بصوت شاكر وهو يبدي رغبته وجهوزيته بالتواصل مع حاطوم، أو من خلال الايحاء بأن الكاميرا فاجأت شاكر وهو يجلس بين يدي الحلاق الذي يقصّ شعره وكأنما هذه هي لحظة بداية الحوار بين الرجلين.

إلا أن الانطباع العام الذي يمكن استخلاصه من خلال كلام شاكر بموازاة الدفاع عن نفسه ومحاولة إثبات برائته هو التركيز على إظهار الاحباط العام المتفشي في الشارع السنّي، والتصويب على الرئيس سعد الحريري، ولو تلميحاً، بأنه المسؤول عن حالة الاحباط هذه، كونه لم يقدر على ملىء المركز الذي ورثه عن والده، إذ بدا لافتاً تركيز كلام شاكر عن أن الفترة الوحيدة التي أحسّ فيها بالسلام والطمأنينة والأمل، هي الفترة التي جاء فيها الرئيس رفيق الحريري إلى الحكم، وكان يتصدّى للمشهد السياسي فيه، الأمر الذي يمكن الاستدلال به من كل من يتفهّم ويستشعر ذهنية الشارع السني في لبنان، خصوصاً في فترة الانتخابات هذه التي يخوضها الرئيس سعد الحريري، بأنها رسائل تهدف إلى توهين صورة الحريري وإرخاء العصب الذي يحاول شدّه في مختلف المناطق التي يخوض فيها "المستقبل" معركته الانتخابية.

ما ينفي عن هذه القراءة أي مصادفة أو احتمال لسوء الظن، استكمال "الجديد" لهذا المنحى إنما بوتيرة أعلى، وذلك بعد دقائق قليلة عقب انتهاء وثائقي فراس حاطوم، من خلال استضافة الاعلامي طوني خليفة لزوجة الشيخ أحمد الأسير في أولى فقرات برنامجه "العين بالعين"، حيث أطلق لها العنان للاستفاضة في الحديث عن مظلومية أهل السنة في لبنان، وانتفاء شمول قانون العفو لغالبية المسجونين الاسلاميين، معتبرة أنّ القوى السياسية في الحكم قد تخلت عن قضيتهم ورفعت الغطاء عنهم، باستثناء النائب بهية الحريري التي أكّدت أن مجموعة الشيخ الأسير ليست هي من بدأ بإطلاق النار على الجيش، فيما تمّ التصويب مرة أخرى على الرئيس سعد الحريري، بعد سؤال خليفة لزوجة الأسير عما قام به تجاه هذا الملف، ليأتي جوابها بأنه لم تصدر عنه أي بادرة إيجابية في هذا الإطار. كما أنّ القضاء اللبناني، وفقاً لها، تجاهل التطرق إلى دور "سرايا المقاومة" في أحداث عبرا، رغم الأدلة الحاسمة والموثقة التي تثبت بالصوت والصورة، بل وباعتراف أحد الشهود في المحكمة بانتسابه إلى "سرايا المقاومة" وتلقيه أوامر من "حزب الله" بالمشاركة في المعارك، الأمر الذي تجاهله القاضي عمداً ولم يوافق على إيراده في محضر الشهادة.

الملفت أنّ فراس حاطوم تجاهل أيضاً كل ما ورد على لسان شاكر من ذكر لدور "سرايا المقاومة" و"حزب الله"، ولم يوجّه له أي استفسار أو استبيان عن هذا الدور، وهو تماماً ما فعله أيضاً طوني خليفة مع زوجة الأسير، التي ورد على لسانها اسم "سرايا المقاومة" عشرات المرات، فيما لم ينبس خليفة ببنت شفة تجاه ما قالته زوجة الأسير سواء تعليقاً أو تدقيقاً، ما بدا وكأنه استرضاء لـ"حزب الله"، وتكافل معه ومساندته بالتصويب على سعد الحريري ومحاولته للنيل من دوره وسياساته.

تصويب "الجديد" على الحريري، برز أيضاً من خلال استضافة طوني خليفة للإعلامية بولا يعقوبيان، المرشحة للانتخابات النيابية، في الفقرة التالية من حلقة أمس من "العين بالعين"، والتي لم يوفّر فيها جهداً محاولاً استفزازها أو جرّها لذكر أي سوء عن سعد الحريري، واستدراجها للتطرّق إلى خفايا وحقيقة ما جرى في مقابلتها معه في السعودية. وبدا جلياً تعامل خليفة مع يعقوبيان كما لو انها في جلسة استنطاق او اتهام، ما  دعاها إلى الانتفاض والرد عليه بقوة بالغة بعد أنّ استشفّت من أسئلته وتلميحاته، نوعية الأفخاخ التي حاول وضعها لها، لكنها تمكّنت بذكاءٍ ملفت وبقوة شخصيتها وحضورها من قلب أسئلته وأسلوبه عليه، في ظل ارتفاع نبرة الصوت والتوتر الحاد الذي ساد لبعض الوقت اثناء احتدام النقاش الذي شهد مقاطعة كل منهما للآخر.

الممثل وسام سعد "أبو طلال" كان قد سبق فراس حاطوم وطوني خلفية باستضافته الاعلامي نديم قطيش، مساء الأربعاء، مركّزاً أسئلته حول الأسباب التي دعت لتراجع علاقة قطيش بسعد الحريري، وتوقف برنامجه "دي إن ايه" وخروجه من تلفزيون "المستقبل" وتردّي علاقته بالحريري، ليجيب قطيش أنه لا يملك الإجابات عن هذه الأسئلة، لكنه يظنّ أنّ ما تعرّض له نتيجة اقتراب موسم الانتخابات، ما جعل الحريري يتخلى عنه إرضاءً لأطراف أخرى تعتبر أنه ذو سقف عالٍ، وإنّ خروجه من "المستقبل" لم يكن بتوافق وسلاسة لكنه أتى مع "سحسوح".

توالي استضافة شخصيات مرتبطة بقضايا عالقة أو إشكالية تمسّ الرئيس الحريري، ومحاولة استغلال ظهورها للتصويب عليه مباشرة أو التفافا، معطوفاً على ما يرد في نشرات الأخبار والتقارير التي يتم بثها حول الحريري، قد يملك الجواب الشافي لكلّ من تساءل ما الذي تغيّر بالنسبة لقناة "الجديد"، والهمروجة المفاجئة التي طغت عليها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها