حاطوم الذي أخبرنا أنه قضى ساعات طويلة مع شاكر، عايش خلالها كيف يمضي الرجل أوقاته، ناقلاً إلينا بالصوت والصورة بعضاً من تفاصيل يومياته، ظهر في أكثر من مكان، كما لو أنّه يحاول اقناعنا أن اللقاء لم يتم من خلال التنسيق والاتفاق على ما يرد في المحتوى، إنّ كان في الرسالة الصوتية من على هاتف حسين خريس، التي عرضها بصوت شاكر وهو يبدي رغبته وجهوزيته بالتواصل مع حاطوم، أو من خلال الايحاء بأن الكاميرا فاجأت شاكر وهو يجلس بين يدي الحلاق الذي يقصّ شعره وكأنما هذه هي لحظة بداية الحوار بين الرجلين.
إلا أن الانطباع العام الذي يمكن استخلاصه من خلال كلام شاكر بموازاة الدفاع عن نفسه ومحاولة إثبات برائته هو التركيز على إظهار الاحباط العام المتفشي في الشارع السنّي، والتصويب على الرئيس سعد الحريري، ولو تلميحاً، بأنه المسؤول عن حالة الاحباط هذه، كونه لم يقدر على ملىء المركز الذي ورثه عن والده، إذ بدا لافتاً تركيز كلام شاكر عن أن الفترة الوحيدة التي أحسّ فيها بالسلام والطمأنينة والأمل، هي الفترة التي جاء فيها الرئيس رفيق الحريري إلى الحكم، وكان يتصدّى للمشهد السياسي فيه، الأمر الذي يمكن الاستدلال به من كل من يتفهّم ويستشعر ذهنية الشارع السني في لبنان، خصوصاً في فترة الانتخابات هذه التي يخوضها الرئيس سعد الحريري، بأنها رسائل تهدف إلى توهين صورة الحريري وإرخاء العصب الذي يحاول شدّه في مختلف المناطق التي يخوض فيها "المستقبل" معركته الانتخابية.
ما ينفي عن هذه القراءة أي مصادفة أو احتمال لسوء الظن، استكمال "الجديد" لهذا المنحى إنما بوتيرة أعلى، وذلك بعد دقائق قليلة عقب انتهاء وثائقي فراس حاطوم، من خلال استضافة الاعلامي طوني خليفة لزوجة الشيخ أحمد الأسير في أولى فقرات برنامجه "العين بالعين"، حيث أطلق لها العنان للاستفاضة في الحديث عن مظلومية أهل السنة في لبنان، وانتفاء شمول قانون العفو لغالبية المسجونين الاسلاميين، معتبرة أنّ القوى السياسية في الحكم قد تخلت عن قضيتهم ورفعت الغطاء عنهم، باستثناء النائب بهية الحريري التي أكّدت أن مجموعة الشيخ الأسير ليست هي من بدأ بإطلاق النار على الجيش، فيما تمّ التصويب مرة أخرى على الرئيس سعد الحريري، بعد سؤال خليفة لزوجة الأسير عما قام به تجاه هذا الملف، ليأتي جوابها بأنه لم تصدر عنه أي بادرة إيجابية في هذا الإطار. كما أنّ القضاء اللبناني، وفقاً لها، تجاهل التطرق إلى دور "سرايا المقاومة" في أحداث عبرا، رغم الأدلة الحاسمة والموثقة التي تثبت بالصوت والصورة، بل وباعتراف أحد الشهود في المحكمة بانتسابه إلى "سرايا المقاومة" وتلقيه أوامر من "حزب الله" بالمشاركة في المعارك، الأمر الذي تجاهله القاضي عمداً ولم يوافق على إيراده في محضر الشهادة.
الملفت أنّ فراس حاطوم تجاهل أيضاً كل ما ورد على لسان شاكر من ذكر لدور "سرايا المقاومة" و"حزب الله"، ولم يوجّه له أي استفسار أو استبيان عن هذا الدور، وهو تماماً ما فعله أيضاً طوني خليفة مع زوجة الأسير، التي ورد على لسانها اسم "سرايا المقاومة" عشرات المرات، فيما لم ينبس خليفة ببنت شفة تجاه ما قالته زوجة الأسير سواء تعليقاً أو تدقيقاً، ما بدا وكأنه استرضاء لـ"حزب الله"، وتكافل معه ومساندته بالتصويب على سعد الحريري ومحاولته للنيل من دوره وسياساته.
تصويب "الجديد" على الحريري، برز أيضاً من خلال استضافة طوني خليفة للإعلامية بولا يعقوبيان، المرشحة للانتخابات النيابية، في الفقرة التالية من حلقة أمس من "العين بالعين"، والتي لم يوفّر فيها جهداً محاولاً استفزازها أو جرّها لذكر أي سوء عن سعد الحريري، واستدراجها للتطرّق إلى خفايا وحقيقة ما جرى في مقابلتها معه في السعودية. وبدا جلياً تعامل خليفة مع يعقوبيان كما لو انها في جلسة استنطاق او اتهام، ما دعاها إلى الانتفاض والرد عليه بقوة بالغة بعد أنّ استشفّت من أسئلته وتلميحاته، نوعية الأفخاخ التي حاول وضعها لها، لكنها تمكّنت بذكاءٍ ملفت وبقوة شخصيتها وحضورها من قلب أسئلته وأسلوبه عليه، في ظل ارتفاع نبرة الصوت والتوتر الحاد الذي ساد لبعض الوقت اثناء احتدام النقاش الذي شهد مقاطعة كل منهما للآخر.
الممثل وسام سعد "أبو طلال" كان قد سبق فراس حاطوم وطوني خلفية باستضافته الاعلامي نديم قطيش، مساء الأربعاء، مركّزاً أسئلته حول الأسباب التي دعت لتراجع علاقة قطيش بسعد الحريري، وتوقف برنامجه "دي إن ايه" وخروجه من تلفزيون "المستقبل" وتردّي علاقته بالحريري، ليجيب قطيش أنه لا يملك الإجابات عن هذه الأسئلة، لكنه يظنّ أنّ ما تعرّض له نتيجة اقتراب موسم الانتخابات، ما جعل الحريري يتخلى عنه إرضاءً لأطراف أخرى تعتبر أنه ذو سقف عالٍ، وإنّ خروجه من "المستقبل" لم يكن بتوافق وسلاسة لكنه أتى مع "سحسوح".
توالي استضافة شخصيات مرتبطة بقضايا عالقة أو إشكالية تمسّ الرئيس الحريري، ومحاولة استغلال ظهورها للتصويب عليه مباشرة أو التفافا، معطوفاً على ما يرد في نشرات الأخبار والتقارير التي يتم بثها حول الحريري، قد يملك الجواب الشافي لكلّ من تساءل ما الذي تغيّر بالنسبة لقناة "الجديد"، والهمروجة المفاجئة التي طغت عليها.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها