الإثنين 2018/03/19

آخر تحديث: 19:09 (بيروت)

بيار الضاهر وراء هجوم هشام حداد على مارسيل غانم؟

الإثنين 2018/03/19
بيار الضاهر وراء هجوم هشام حداد على مارسيل غانم؟
بدا جلياً لجاد غصن وديما صادق والمشاهدين أن الإعلامي المقصود والمستهدف في كلام هشام حداد هو مارسيل غانم
increase حجم الخط decrease
التغريدة التي نشرها الإعلامي، هشام حداد، عقب الإعلان عن مغادرة مارسيل غانم لقناة "إل بي سي"، أثارت الدهشة والاستغراب للمتابعين، وذلك لشراسة الأسلوب ولذاعة النقد، الذي صوّبه حداد على غانم، من دون أن يسمّيه، من خلال وصفه بـ"المتعالي على الفقراء والمتملّق لرجال السياسة"، مبرراً في تغريدة أخرى هجومه على غانم بقوله:" تعودوا علي، انا مش منافق ولا تابع، أنا ما بقبل بالتوريث لأنو الزعيم طلب مني، أنا ما بقول لزميل انو ناجح بالانتخابات مع انو ساقط، أنا ما بتضامن مع شريك السياسيين بتلميع صورتهن واسميه مناضل. عدة أحزاب طلبوا مني اترشّح معهم وعدة مرشحين دفعولي لاحكي عنهم بالمنيح، انا مش هيك".


هجوم حداد انتقل من "تويتر" إلى شاشة "إل بي سي"، حيث حلّ ضيفاً مع جاد غصن في حلقة، الأحد، من "نهاركم سعيد"، التي قدمتها ديما صادق، استتبع من خلالها انتقاده المكثّف واللاذع لمارسيل غانم، دون أن يسمّيه أيضاً، من خلال وصفه بـ"الإعلامي صديق السلطة" و"المهلل الملمّع لصورة ورثة زعماء السياسيين التقليديين، ما جعله سبباً لفقدان المواطن الثقة بالإعلاميين، من خلال جعل أنفسهم مرآة ومنبراً للسياسيين، بدلاً من أن يعكسوا صورة الشعب وصرخته، ما غرس في رأس المواطن فكرة أن الإعلامي هو صديق السياسي، الأمر الذي انعكس علينا كإعلاميين وعرّانا من أي مصداقية، خصوصاً حين ينظر المواطن إلى إعلامي يرى في ثروته ما يناهز، بل يفوق ثروة السياسي، فأين مصداقية أي إعلامي في هذه الحال، إذ ما دعا إلى تغيير الطبقة السياسية في حين أنه يشببها ويتماهى معها، خصوصاً حين يأتي من يقول إن الهمّ الوحيد للإعلامي يكمن في تلميع صورة السياسي مقابل تلقيه أموالاً وهدايا، فهل يتبقّى للإعلامي قدرة على إقناع الناس بالإقلاع عن الطائفية والتعصّب السياسي والولاء للزعيم، وهم يعلمون أن مدخوله الشهري الذي يتقضاه من عمله لا يتجاوز 10 أو 12 ألف دولار، بينما يقطن في فيلا ثمنها 3 مليون دولار؟".

وفي حين بدا جلياً لجاد غصن وديما صادق والمشاهدين، أن الإعلامي المقصود والمستهدف في كلام هشام حداد هو مارسيل غانم، الذي لم يبق إلا تسميته، اعتبرت صادق أن الأمانة تستوجب القول إن الإعلاميين المقصودين، كانوا يوجهون أسئلة نقدية لضيوفهم، فيما اعتبر حداد أن هذه الأسئلة النقدية هي من لزوم الإخراج المسرحي للمرحلة، وإن هذا الأسلوب كان موجوداً حتى أيام الاحتلال السوري، الذي كان يترك بعض الأصوات المعترضة في المجلس النيابي كي تُسمع صوتها، منتقداً جلسات الإعداد ما قبل المقابلة التي يتم التحضير لها قبل بث الحلقة على الهواء.

توقيت استضافة هشام حداد وجاد غصن في الحلقة التي خصصت للحديث عن دور الإعلام الساخر في مرحلة الانتخابات وطريقة تشكيل الرأي العام وإمكانية إيجاد مساحة مستقلة له، أوحت وكأن إدارة "إل بي سي" تورد الأسباب الموجبة التي دعتها للتخلي عن مارسيل غانم أمام الرأي العام، بشكل يبعد الشك عن أي اتهامات قد تطالها، بأنها استجابت للضغوط السياسية التي دعت لإيقاف برنامج "كلام الناس" وإبعاد مقدمه من القناة، بعدما فشل كما يبدو إيقاف برنامجه عن طريق الترهيب بالقضاء.

كما أن ما جاء على لسان حداد يمكن اعتباره ترجمة لكل ما يريد بيار الضاهر قوله عن غانم ولا يقدرعلى البوح أو المجاهرة به، خصوصاً أنّ استضافة حداد أتت مباشرة عقب هجومه التويتري على غانم، كما أن الوقت الكبير المستقطع من الحلقة والذي أتيح لحداد من خلاله انتقاد أحد أبرز وجوه "إل بي سي" دون أي محاولة لكبح جماحه، بدا وكأنه رسالة أيضاً من بيار الضاهر بأن معايير المقاربة في البرامج الحوارية السياسية لن تبقى على حالها، وذلك قبل أن يحلّ الضاهر ضيفاً على إحدى الحلقتين الأخيرتين من "كلام الناس"، والتي ستكون معدّة سلفاً لإظهار مدى الود والتقارب والتقدير الذي يكّنه كل واحد من الطرفين للآخر، في ما سيبدو أنها حفلة وداع مارسيل غانم لـ"إل بي سي"، والأخيرة له، والتي من المرجّح أن تكون مليئة بجوّ إيجابي ووجداني مؤثر.

في المسار الآخر الذي اتخذته الحلقة، كان لافتاً انعكاس القيمة الموضوعية النقدية للتجربة الإعلامية التلفزيونية عموماً والبرامج النقدية الساخرة بشكل خاص، إذ عبّر الضيفان عن معرفة وخبرة تمكّنت من توصيف الواقع وإظهار حقيقته مع كل تعقيداته وتداخله، مع القدرة على رسم خريطة المشهد العام وكيفية وشروط السير من خلاله، رغم العوائق الكبرى التي تتمثل بالتقيّد بالسقوف الطائفية والسياسية التي تسمح بها التركيبة اللبنانية، وعدم القدرة على انتقاد الرموز الدينية والزعامات السياسية، مع التطرق إلى الفروقات بين البرامج الساخرة في لبنان والعالم العربي وأميركا وأوروبا، والتي يلعب فيها الفارق بالتكوين الاجتماعي ومؤثراته دوراً كبيراً يضمن نجاح البرنامج من جهة، ويسمح بتأثيره بالرأي العام بشكل أكثر فعالية ومرونة من جهة أخرى.

الحلقة بمجملها كانت مميزة بأكثر من محور ومحطة، خصوصاً أن الضيوف ومقدمة البرنامج بدا نقاشهم قيّماً ومتناغماً، عبروا من خلاله عن تجاربهم الناتجة عن خبرة إعلامية مرفقة بثقافة واسعة وإلمام في موضوع النقاش الذي توزّع في أكثر من اتجاه. لكن اللافت كان التركيز على مسألة تراجع الرايتيغ للبرامج الحوارية السياسية، والذي لم يعد أهمها يستقطب أكثر من 3.5 % من المشاهدة، مقابل ارتفاع نسبة مشاهدة البرامج الكوميدية الساخرة، وذلك على الرغم من كل المحاذير المحيطة بها وما يواجهها من عقبات، وما يستوجب تطويرها ليكون لها دور أكبر في التغيير والتأثير العميق في الجمهور.

هذا الكلام هو بالتحديد ما يدور في خلد إدارة أي محطة أو قناة تلفزيونية، ما يجعله كلاماً ذا رسالة معبّرة تمكننا من فهم المسار الذي تمضي فيه "إل بي سي"، من خلال تخليها عن مارسيل غانم، وعن ماهية الرسائل التي أرادت إيصالها لجمهورها من خلال هذه الحلقة، التي ظهر فيها تسجيل أكثر من موقف، دعّمه نقاش ثري ومكثّف، لا يمكن تجاهله، بل يجدر القول إنه يمكن البناء عليه، إذ يحُسب لأصحابه التصويب على الكثير من الثغرات والإشكاليات من خلال نقدٍ انطلق في معظمه من حقيقة الواقع الذي نعرفه ونعايشه جميعاً.  

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها