الأحد 2018/03/18

آخر تحديث: 12:59 (بيروت)

دبلوماسي عراقي يتباهى بزيارة إسرائيل.. وينتقد الفلسطينيين!

الأحد 2018/03/18
دبلوماسي عراقي يتباهى بزيارة إسرائيل.. وينتقد الفلسطينيين!
حامد الشريفي مع الناطق بلسان الخارجية الإسرائيلية حسن كعبية في مدينة الناصرة.
increase حجم الخط decrease
بالرغم من أن الأخبار التي تتحدث عن زيارات التطبيع المتكررة لنخب سياسية وثقافية عربية إلى إسرائيل لم تعد جديدة ولا مُفاجئة، إلا أن طرح تجربة الدبلوماسي العراقي السابق حامد الشريفي الذي جاء إلى الدولة العبرية مُطبعاً على أثير إذاعة "راية" الفلسطينية على هامش حلقة اسبوعية من برنامج "حوار الخميس"، المشترك مع DW عربية، لم يكن بالأمر السهل؛ فحلقة من هذا النوع مُربكة ومُوترة للمذيع الفلسطيني وجمهوره في آن.

الخمسيني حامد الشريفي يقيم في لندن، وكان قد عمل سابقاً مستشاراً في وزارة الخارجية العراقية وقائماً بأعمال السفير العراقي في الكويت (2005-2006) ثم مستشاراً للسفارة العراقية في عمان. وزار إسرائيل علناً في نيسان/أبريل عام 2016.
ويفاخر الشريفي في حديثه لـ"حوار الخميس" بزيارته إلى إسرائيل بأي طريقة كانت "من باب ضرورة تواصل الشعوب"، بل يكشف عن نيتة إعادة الكرّة وزيارتها مرة أخرى بعد أشهر للمشاركة في مؤتمر ثقافي واكاديمي، من دون أن يوضح أكثر ماهية المؤتمر والموعد الدقيق لزيارته.

وحاول الشريفي أن يلعب بتعبيراته ومصطلحاته حينما تحدث عن هدف زيارته، ففيما قال إنه جاء قبل سنتين بناء على دعوة الخارجية الإسرائيلية للتباحث بشأن منظمة "مسلمون ليبراليون" التي يتزعمها، وليس لأمر يتعلق بالسياسة، مُدعياً أنه لا يتكلم بوجهة نظر إسرائيلية، يعود ليتبنى الرواية الإسرائيلية القائلة إن الفلسطينيين هم مَن أفشلوا الوصول إلى السلام المنشود لأن قادتهم خشوا من التوقيع على الاتفاقيات في اللحظات الأخيرة، وأن المناهج الفلسطينية والعربية فيها دعوة للعنف والكراهية وإنكار الآخر، بحسب زعمه.

وأجرت "المدن" متابعة تحليلية للمنشورات التي يكتبها حامد الشريفي على صفحته الفايسبوكية، فنجده مُتساوقاً إلى حد كبير مع الرواية الإسرائيلية بطريقة أو بأخرى؛ فهو في إحدى منشوراته غاضب من التفاعل الدولي مع قضية اعتقال الفتاة الفلسطينية عهد التميمي، فيكتب على صفحته من ينايرالماضي: "قلق أممي بشأن اعتقال عهد التميمي!. لم تبقَ اخبار تهم الأمم سوى اخبار تافهة كهذه، لعن الله تلك الأمم التي لا تعرف سوى النفاق والكيل بمكيالين".

ثم نرى منشورات أخرى للشريفي يتحدث فيها عن الأصولية والتطرف الإسلامي ويُغمض عينيه عن تطرف حكام إسرائيل ومستوطنيها وعن مجموعة "شبيبة التلال" اليهودية الإرهابية- باعتراف المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ذاتها- التي حرقت عائلة دوابشة في قرية دوما قرب نابلس ذات مرة وقتلت الطفل محمد ابو خضير، وتعتدي على الفلسطينيين وتقتل بعضهم كلما حانت الفرصة المناسبة.

وبالعودة إلى حديث الشريفي في سياق البرنامج الإذاعي، فإنه يدعو الفلسطينيين للتنصل من المبادرة العربية للسلام؛ لأنها دمرتهم، وأن الأنظمة العربية تُطبّع سراً وعلانية مع إسرائيل.
واعتبر أن نحو مليون ونصف المليون من الشعوب العربية يتواصلون بشكل دائم مع إسرائيل عبر منصات التواصل الإجتماعي، ما يعكس "حب العرب للتواصل مع إسرائيل دون أن يمنعهم أحد. وهذه نقطة يجب أن تنتبه لها السلطة الفلسطينية"، على حد قوله.

والواقع، ما يقوله الشريفي لا يُمثل حالة فردية، بل ينسجم مع فئة ثقافية وسياسية وشعبية باتت تُؤمن بالفكرة نفسها في السنوات الأخيرة. وهم أحرار أن يُطبعوا. ولكن المشكلة الكُبرى تكمن في انضمامهم إلى الماكينة الإعلامية الإسرائيلية ومشاركتهم إياها في تحريف الحقائق ونشر الأكاذيب.

وفي السياق، يبدو أن الخطاب الأوروبي أكثر تفهماً، بل ومتقدماً على بعض الخطاب العربي، لما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويقول مسؤول في مكتب الإتحاد الأوروبي في القدس لـ"المدن"، مفضلاً عدم ذكر اسمه، إن الدول الأوروبية باتت تدرك أن نخباً عربية لديها أفكار خاطئة ومُضلّلة عن القضية الفلسطينية والواقع الذي يواجهه الفلسطينيون بفعل الإحتلال، كما أن أوروبا تحاول دوماً إقناع الأطراف العربية بضرورة جعل القضية الفلسطينية في الأولوية.

وفي المقابل، رد مسؤول التعبئة الفكرية في حركة فتح بكر ابو بكر الذي شارك في الحوار الإذاعي على اتهام الشريفي للسلطة بأن خطابها قديم ولم يعد مُجدياً، بالقول "إن القيم لا تتغير ولا تتبدل، وأن ذوبان بعض العرب في الرواية الإسرائيلية الكاذبة دلالة على تراجع القيم".

ويقول أبو بكر إن موقف السلطة وفتح هو دعوة كل عربي لزيارة الأراضي الفلسطينية والأماكن المقدسة دعماً للقضية من منظور "أن زيارة السَّجين لا تعني التطبيع مع السّجان"، وليس للإرتماء في حضن الإحتلال.

ويُعرّف أبو بكر "التطبيع" بأنه قبول الآخر على ما يحمله من قيم إقصائية، والتعامل معه من باب مصلحي ومُضر للقضية.

وبعد انتهاء اللقاء الإذاعي، كتب القيادي في فتح بكر ابو بكر على صفحته الفايسبوكية: "في لقاء لي مع DW و"راية fm"، ذُهلت من حجم الاختراق الاسرائيلي للعقل العربي- كما ظهر من الطرف الآخر بالمقابلة- الى درجة تطليقه القيم وتسخيف حقوقنا العربية والفلسطينية، وانبهاره بالاسرائيلي "الديمقراطي"!". ثم يُنهي منشوره بهاشتاغ #فلسطين_لنا.

وعلق شابٌ على منشور أبو بكر بالقول: " ذلك واضح ويظهر في جرائم الانظمة العربية بحق شعوبها، فيقال إن اسرائيل لا تفعل هذا. والعرب مستعدون لاي علاقة مع الاحتلال حتى لو كان سفاحا".

بينما أظهر عدد من التعليقات، اهتماماً أكبر بمتابعة الحلقة والسؤال عن موعد بثها أو رابط لها، بغية سماع ما يقوله الدبلوماسي العراقي حامد الشريفي وما يجول في خاطر المُنظّرين للتطبيع مع إسرائيل على حساب القضية الفلسطينية، من مُنطلق الرصد والمُحاججة لا التأثر بإدعاءاته.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها