المتابع لما يُنشر في مدونة "عيني عينك" منذ إطلاقها، سيلحظ التركيز على تفاصيل الحياة اليومية بواقعية كبيرة، ما يسمح بتظهير جوانب شخصية، ومعاناة المرأة في الحرب السورية، خصوصاً النواحي المتعلقة بطغيان الذكورية، ولا سيما الفئات المهمشة من النساء الغارقات في همومهن وأحزانهن وخوفهن وعجزهن وإحباطهن، فتبرز الحاجة لتخصيص مساحة لهن على حساب تلك المتاحة لفئة "النخبة".
ووفقاً لزغراد، فإن الفضاء التعبيري المتاح في مدونة "عيني عينك"، يجمع نساء من طبقات متوسطة وشعبية ممن لا يمتلكن أي خبرة مسبقة في مجال الإعلام، وبعضهن لم تصل إلى الجامعة، وبعضهن ربات منازل وأخريات نازحات. "هؤلاء النساء أثبتن قدرتهن أكثر من غيرهن على نقل حقيقة الحياة في مناطق الحصار. فإحدى المدوِّنات، على سبيل المثال، قررت تناول مواضيع اجتماعية بطريقة الحكواتية، وهذا الأمر لا سابق له في المنطقة".
هذا الأمر يعدّ ابتكاراً يمزج بين الأدب الروائي الشعبي والنقل الإخباري التوثيقي الصحافي، وهذا شيء مميز يُحسب للشعب السوري الذي حين قمعه النظام، قيّد موهبته وسلب حقه وقدرته على التعبير. الآن، وفي المناطق التي تقع تحت سلطة مجموعات مختلفة من المعارضة، هل تولدت القدرة على النقد وتظهّرت، بحيث أضحت هوامش الحرية ذات مدى مقبول؟
تقول زغراد أن "الوضع تغيّر كثيراً منذ العام 2011، والآن حصل سكان المناطق المعارضة على الإمكانات التقنية للتعبير عن أنفسهم، وكسروا حاجز الخوف. بيد أن سياسة زرع الأفكار التي كانت تقوم بها مدارس النظام السوري وأجهزة إعلامه، وغياب حرية الصحافة منذ ما قبل الحرب، شكّلت بلا شك التحدي الأكبر في سياق تدريبنا وتأهيلنا للنساء المشاركات. لذلك كان لطبيعة التدريب المتواصل دور رئيسي في هذا المشروع، الذي يسعى إلى التمكين الذاتي على المدى المتوسط والبعيد. وفي هذا المجال أيضاً نرى تطوراً في اختيار القصص ومعالجتها".
لكن، هل إعطاء المُدوِّنات مزيداً من الحرية يضع القائمين على "عيني عينك" في موقع المراقب من بعد؟ خصوصاً أن نقل تفاصيل يوميات الحصار هو أيضاً وسيلة لكشف وإخراج معلومات قد تفيد النظام وتضرّ بالمناطق المحاصرة، من خلال السرد العفوي للناس ولتفاصيل قد لا ينتبهون إلى أنها قد تشكّل استفادة للنظام وتؤدي إلى الإضرار بهم...
تجيب زغراد: "نحن منتبهون جيداً لهذا الأمر"، موضحة أن "ASML/Syria خبرت وسائل النظام كوننا نعمل في الداخل السوري منذ العام 2011، ولدينا إجراءات أمنية صارمة نطبقها في كل مشاريعنا، بما فيها هذا المشروع، ومن هذه الإجراءات التدقيق في المحتوى وإخفاء هوية المدونات أو بعض الأشخاص الذين تتم مقابلتهم، ما يؤدي إلى استخدام الصيغة الصوتية بدلاً من الفيديو في بعض القصص".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها