الإثنين 2018/02/19

آخر تحديث: 13:25 (بيروت)

"كوكب اليابان".. أسطورة عززها الإحباط العربي وهدمها "تويتر"

الإثنين 2018/02/19
"كوكب اليابان".. أسطورة عززها الإحباط العربي وهدمها "تويتر"
increase حجم الخط decrease
ربما يكون الإحباط الداخلي واليأس من إمكانية التغيير في دول الشرق الأوسط، حتى بعد الربيع العربي ومآلاته، أحد الأسباب البعيدة وراء انتشار عبارات مثل كوكب اليابان أو الجنة في السويد، عبر مواقع التواصل الاجتماعي في المنطقة، ففيما يعمد المستخدمون إلى نشر مقارنات فانتازية عن البلاد الأجنبية البعيدة، لا يكون التركيز على حضارة تلك البلاد، بقدر ما أن الانبهار بتفاصيل يومية فيها يشكل مساحة للتذمر من الحالة اليومية، ولو بشكل "إيموجي" ضاحك، علماً أن تلك المقارنات قد تتضمن الكثير من المبالغات أو التفاصيل الخاطئة.


ويعمل هاشتاغ #خرافات_عن_اليابان على هدم صورة "كوكب اليابان" الخيالية و"تنقية مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الأخبار التي تتناول اليابان وتنسب لها عن عدم معرفة أحياناً أو عن عمد أحياناً أخرى معلومات غير حقيقية وغير موجودة في الواقع الحقيقي" حسب رئيس تحرير النسخة العربية من موقع "Nippon.com" المشرف على الهاشتاغ، حسن، الذي يفضل عدم الافصاح عن اسمه الكامل.


ويضيف حسن في حديث مع "المدن" أن القصة "بدأت منذ ما يقرب من العام بعد ملاحظتنا لوجود كمٍّ مهول من الأساطير التي تم نسجها بعناية عن اليابان ويصدقها الملايين حول العالم العربي وهنا لا نتحدث فقط عن عامة الناس بل بمتابعة الهاشتاغ يمكن ملاحظة أن العديد من الشخصيات العامة والمرموقة قد وقعت في نفس الخطأ للأسف الشديد"، مقللاً من أهمية الواقع المحلي في نشر الصور النمطية الخاطئة عن اليابان، أو دول أخرى، مقارنة بعوامل إضافية مثل عدم الثقة بالنفس وقلة الاطلاع والمعرفة.

وهنا، "ربما يكون نقص المعلومات هو السبب الأول والأساسي لانتشار الظاهرة مع عدم وجود مصادر موثقة يمكن للقارئ العربي التأكد من صحة المعلومة من عدمها"، ويرتبط السبب الثاني بالصورة النمطية عن اليابان التي رسخت في العقلية العربية بسبب الانبهار والإعجاب بتجربة اليابان التنموية ونهوضها من بين ركام الحرب العالمية الثانية لتصبح من صفوة الدول العلمية والمتقدمة، فضلاً عن أن "تعطش العالم العربي للتعرف على التجربة اليابانية الفريدة تركه فريسة لتلك الخرافات التي تبني الحواجز بين اليابان وشعوب العالم العربي وتزرع خوفاً ورهبة من هذا الكوكب المجهول الذي يختلف عن عالمهم تماماً.

ولا يمكن إهمال أسباب مثل "ضعف الاحتكاك بين اليابان والعالم العربي والذي يقتصر في غالبية الأحوال على العلاقات الاقتصادية وخاصة مع الدول الغنية بالنفط والغاز" إضافة إلى بعد المسافة الذي جعل من انتشار الخرافات وصعوبة التأكد منها أمر سهلاً، خصوصاً "إذا كان من كتب التغريدة أو شارك الصورة شخصية عامة مرموقة وعلى درجة علمية عالية ما يعطيه مصداقية معينة، ويجعل الناس تتكاسل في البحث عن مصدر ما يكتبه وما ينقله".


كمية المعلومات الخاطئة المنتشرة عن اليابان تحديداً، في "فايسبوك" و"تويتر" جعلت من السهل على فريق الموقع تفنيد المعلومات بآلية بحث بسيطة، ففي البداية "كنا نبحث عبر العديد من الكلمات المحفوظة عن اليابان في الوطن العربي مثل كوكب اليابان أو "فقط في اليابان" وغيرها من الشعارات الرنانة والأسماء التي تم إطلاقها على اليابان"، من أجل تفنيدها، علماً أن تلك المهمة "ليست سهلة بطبيعة الحال، لكون تلك الخرافات ترسخت في العقول وصدقها الناس منذ نعومة أظافرهم". كما يقوم العديد من المستخدمين بإرسال استفساراتهم عبر الهاشتاغ للتأكد من معلومات "غريبة".

اللافت أن الهاشتاغ نفسه تحول إلى منصة لصراع الحضارات، ليس من منطلق سياسي أو فلسفي عميق بل بنفس شعبوي يميني أقرب لخطابات القوميين في الولايات المتحدة وأوروبا، كالرئيس الأميركي دونالد ترامب، ويمكن بسهولة رصد مئات التعليقات من القوميين "العرب" الذين حولوا الهاشتاغ من مهمته الأصلية إلى منصة لشتم "المعجبين بالغرب والأجانب" والرافضين لـ "حضارتهم العربية/الإسلامية".

والحال أن هذا الميل لتصحيح المعلومات الزائفة والأخبار الكاذبة بات شديد الرواج في كافة أنحاء العالم، وخصوصاً مع الصعود المتنامي لليمين المتطرف في الغرب والنشاط المتزايد للدعاية الروسية وبروباغندا الحركات المناهضة للديموقراطية، ورغم أن الحديث عن الخرافات في اليابان لا يرتقي إلى ذلك المستوى إلا أنه يتضمن عاملاً مشتركاً معه بتمحور الجدل أخيراً حول مفاهيم الانتماء والمواطنة في حقبة ما بعد القوميات، التي قد تكون محدد الصراع الدائر في العالم اليوم. ويمكن تلمس النموذج الياباني في حسابات مثل "السويد بالعربية" و"النرويج بالعربية" في "تويتر"، وغيرها من الحسابات التي تعمل على نشر المعلومات الدقيقة وتصحيح تغريدات المستخدمين ووسائل الإعلام أيضاً.

وإذا كانت حسابات مثل "السويد بالعربية" رسمية وموثقة، تأتي مصداقية "اليابان بالعربي" وهو الحساب الرسمي لموقع "Nippon.com" في "تويتر"، من الأدلة ومصادر المعلومات الدقيقة، كتفنيد مواعيد التأخير في القطارات اليابانية، التي تقول الشائعة أنها لا تتجاوز 7 ثوان لكل قطارات البلاد سنوياً. ويقول حسن هنا: "نحن لا نكتفي بالنفي أبداً بل نقدم كافة الدلائل المقنعة للقارئ حتى يتأكد بنفسه من صدق ما ننقله له. كما أن هناك العديد من الخرافات التي لا تتوافق مع العقل والمنطق مثل "المبنى المائل" الذي تم تعديله بالـ "فوتوشوب".


يذكر أن موقع "Nippon.com" هو بوابة متعددة اللغات تهدف إلى تعزيز التفهم الدولي لليابان. وتقوم مؤسسة "Nippon للاتصالات" بإنتاج الموقع بتمويل من مؤسسة "Nippon"، التي تعمل على التعريف العالم الخارجي باليابان عبر الإنترنت وأنشطة أخرى، وهو مشروع مستوحى من مجلة "صدى اليابان" التي تنشط منذ نحو ٣٦ سنة لتعرض الرأي العام الياباني للعالم. علماً أن هدف الموقع الإلكتروني هو "استعراض القضايا السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، التكنولوجية وغيرها من القضايا الأخرى"، ويتم تقديم مواده باللغة اليابانية إلى جانب ترجمات لعدد من اللغات بينها العربية، وتشرف عليه مجموعة من الخبراء اليابانيين بينهم أساتذة جامعيون.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها