الخميس 2018/02/15

آخر تحديث: 18:41 (بيروت)

"داعش" يستلهم دعايته من.. باسم يوسف؟!

الخميس 2018/02/15
"داعش" يستلهم دعايته من.. باسم يوسف؟!
increase حجم الخط decrease
الحقيقة تقول إن تنظيم "داعش" هُزم على الأرض شر هزيمة، وانحسرت قوته إلى الحد الذي لم يعد له ذلك الحضور المرعب، سواء في المنطقة العربية أو على مستوى العالم.
غير أنه ومنذ إعلان "الدولة الإسلامية" المزعومة، بدا أن لها حضورين، أولهما واقعي على الأرض شهده احتلال التنظيم الارهابي لعدد من المدن السورية والعراقية، ووجود خلوي عصابي في سيناء عبر "ولاية سيناء"، وثانيهما حضور مشهدي بصري في إصدارت التنظيم الصحافية والمتلفزة، عبر الفيديوهات التي يطلقها من وقت إلى آخر، كان آخرها الفيديو الذي حمل عنوان "حماة الشريعة"

والفيديو الأخير، يحمل الكثير من ملامح التنظيم الافتراضي، القادر على إقرار عدد من المعطيات التي يتعاطى معها الجميع باعتبارها "حقائق" على الأرض. فتقلص انتشار العناصر، تقابله قدرة الاتساع في شبكة الإنترنت، خصوصاً مع اهتمام العالم كله بما ينتجه. 

بحسب جان بودريار، تعمل الصورة بمبدأ "الخروج من هويتها"، لتبدو في حالتها الأولى كدالٍّ داخليٍّ على وجود واقعي مغاير، لكنه غير منفصل عنه انفصالاً زائفًا. تضيف الصورة إلى الواقع باعتبارها حقيقة جديدة. هكذا يتحول كل ما لا أصل له باعتباره الأصل، من دون الرجوع إلى ماهيته الواقعية. وهكذا تعمل الفيديوهات الداعشية. 

في فيديو "حماة الشريعة"، ثم إصرار التنظيم على "التوثيق"، هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها داعشيو سيناء هذه الثيمة. عادة ما كانت فيديوهاتهم تحمل نمطاً ما من إقرار "بداهات دينية". لكنهم هذه المرة، استخدموا لعبة عرفها متابعو باسم يوسف وأمثاله، من تناقضات التوثيق في كلام الشخصيات العامة، ليبدأ الفيديو بتصريحات متناقضة لرموز الجماعة السلفية المصرية، وجماعة الإخوان المسلمين، ممن يكفرون الانتخابات والمتورطين فيها، ثم تورطهم هم أنفسهم في خوض الانتخابات، بل وإصدار الفتاوى في ضرورة المشاركة في الانتخابات. 

هذا البناء جديد تماماً على الجماعة الداعشية، وفيه الكثير من تطوير أدواتها الإعلامية، بغرض "عقلنة" خطابها، وكشف عوار الجماعات المنتسبة للإسلام السياسي. 

هذه المرة بالتحديد، يبدو أنهم لا يتحدثون عن "آخر" يعتبرونه كافراً وممثلاً في الدولة المصرية، لكنهم يوجهون خطابهم إلى من ينتمون "نظرياً" إلى معسكرهم الإسلامي نفسه، قبل أن يفجروا مفاجأتهم في ظهور "عمر إبراهيم الديب" ابن القيادي الإخواني الذي استقر في وعي الجميع أنه "اختفى قسرياً" وهو ما يعني تورط الدولة بشكل ما في القبض عليه وإخفائه، وهو ما اكتشفنا جميعا أنه غير صحيح وأنه انضم إلى تنظيم "داعش". 

وبعيداً من أثر الفيديو في قضية الاختفاء القسري، وضياع جهد جماعات خاضت الصعاب لأعوام لجعلها قضية ذات حيثية وتأثير في الشارع مع آلاف المختفين قسرياً، يكمن الموضوع هنا في الفيديو، وذلك "البناء الدرامي" الذي حرص تنظيم "داعش" على إبرازه، وكأن الفيديو لم يعتمد فقط على جودة الصورة وقدرتها في التأثير، لكن على الحرص على مسار درامي متكامل، من نقد الجماعات الإسلامية "المتورطة" في ما يرونه مخالفة شرعية، إلى ظهور واحد منهم وقد عاد إلى ما يعتبرونه "الحق".

والحال ان ذلك التغيير في الخطاب البصري الداعشي، جدير بالتأمّل، خصوصاً أن فتاوى الداعشيين الرسمية تفتي قطعاً بحرمانية الصورة -أي صورة- لكن الضرورات تبيح المحظورات بالطبع. وهذه المرة، أخذوا "المحظور الشرعي" إلى مستوى درامي جديد، ما يشير إلى إنهم أصبحوا أكثر دراية بطبيعة الأدوات التي يملكونها وحجم تأثيرها. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها