الثلاثاء 2017/09/26

آخر تحديث: 19:18 (بيروت)

"مقص الرقابة" اللبنانيّ.. متحف جوال

الثلاثاء 2017/09/26
"مقص الرقابة" اللبنانيّ.. متحف جوال
فيلم "مولانا" من عشرات الأفلام التي منعت أو طاولها مقص الرقابة اللبنانية
increase حجم الخط decrease
يأخذ إطلاق متحف "مقصّ الرقابة" من "بيت الفن" في طرابلس أبعاداً جديدة ورمزية كبيرة. ففي الفترة الأخيرة شهدت المدينة اللبنانية الشمالية محاولات تضييق بحق الصحافيين والمؤسسات الإعلامية، وبات لمقص الرقابة متحفٌ جوّال، حيث أطلقت جمعية "مارش" معرضاً يوثق الأعمال الفنية والمنتجات الفكرية التي تعرضت للحظر والمنع من الظهور في لبنان.
ويضع المسؤول في "مارش"، جينو رعيدي، هذا المعرض، في إطار تحقيق أهداف الجمعية التي تأسست من أجل محاربة الرقابة وحماية حرية التعبير. 

ويتميّز معرض "مارش" في طرابلس هذا العام بأنه "معرض حقيقي وليس إفتراضياً"، حيث تم إنتقاء مجموعة كبيرة من الأفلام والكتب والمقالات، تبدأ مع فرانك سيناترا ولا تتوقف عند فيلم wonder woman أو فيليب عرقتنجي وزياد دويري ورين متري. حيث يتنقل الزائر على مسار أسود عُلقت عليه "بوسترات" الأفلام التي تم إرفاقها بمعلومات حول الفيلم وتبريرات حظره، بالإضافة إلى صفحات الجرائد البيضاء التي كانت تشير إلى منع نشر مضمون المقالة. وهذا المعرض سيتيح للزائر أن يكون على تماس مع بعض الكتب المحظورة، وكذلك عُلب DVD  التي إستبعد منها أحد الأقراص ليستبدل بورقة لاصقة تُفيد بفقدان بعض المضامين بسبب "المساس بالأمن الداخلي". 

ويلعب هذا المعرض دوراً تثقيفياً، فهو يلفت نظر عامة الناس إلى وجود رقابة تحول دون تمكنه من الإطلاع على آخر الأعمال الفنية والانتاجات الفكرية المختلفة. ولا يقتصر الجهد الحالي على الإبلاغ عن الأعمال التي تعرّضت للمنع أو الإقتطاع، وإنما تتخلل المعرض جلسات حوارية، يشارك فيها القيمون على الأعمال التي عانت من الرقابة وجهاً لوجه مع ممثلي مؤسسات داعمة للعمل الرقابي. وتنطلق أهمية هذا المتحف، كما يقول جينو رعيدي، بكونه يلفت نظر الجمهور إلى نتاج الرقابة ورفضه. 

ويؤكد رعيدي في حديثه لـ"المدن" أن كل شخص يمكنه تقديم تقرير والإفادة عن تعرضه للمنع عن التعبير، سواء أكان كتاباً أو مقالة أو عملاً مسرحياً أو سينمائياً، وبالتالي يعلن إنضمامه إلى المتحف الإفتراضي للرقابة في لبنان الذي لا يقتصر على الأفلام السينمائية وإنما يتسع نطاقه لأفلام تخرُّج طلاب الجامعات. ولا يتم ضم العمل المحظور مباشرة إلى المتحف إلا بعد التأكد من صحة الإدعاءات. ويتحدث رعيدي عن "قانون مطّاط" للمنع، مشيراً إلى أن الجمعية تقوم بتدقيق دوري في إستمرار المنع البعض الأعمال أو رفعه.

ويرفض ممثل "مارش" الخوض في الأرقام لناحية عدد الأعمال الممنوعة، ففي لبنان، "يتسم عمل  الرقابة بالغموض، ولا يتم الإعلان عنه رسمياً"، لافتاً إلى أن المنع يتم في كثير من الأحيان في اللحظة الأخيرة. ويتحدث رعيدي عن شيء من التناقض، "ففي حالات كثيرة منعت الجهات المختصة عرض أعمال فنية معينة، لكنها سمحت لاحقاً بدخولها كأقراص DVD، وفي حالات أخرى كان المنع مؤقتاً قبل السماح بتمريرها لاحقاً".

وتتنوّع الجهات التي تمارس سلطة الرقابة والمنع في لبنان، فمنها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي. ويشير رعيدي جينو أن المنع "قد يتم بسبب مكتب الرقابة في الأمن العام، كما يمكن أن يتولى الصلاحية مجلس الوزراء أو حتى بناءاً لطلب سفارات أجنبية حيث يتم التحرّك لمنع الإنتاج الفني والأدبي الذي يمس بما يسمى دولة شقيقة". 

ويتسم المعرض ببعدٍ توثيقي، فهو يقدّم "شهادة حيّة" على النشاط الفعّال للمقص الرقابي منذ مرحلة الإستقلال إلى الآن. فعلى مرّ العصور بقي "المحظور" و"الممنوع" حاضراً وقاسماً مشتركاً بين العهود على إختلافها. كما تنطلق أهمية هذه الفكرة حالياً من محاولات التضييق وتوسيع نطاق "حقل ألغام التابو" في بلد تعددي عُرِف بأنه رئة الحرية في الشرق العربي، وفي ظل الإختلافات الكبيرة في الرؤى بين أبنائه سيجد الكثير من المنتجين أنفسهم عُرضة للحظر بسبب المساس بهذه الفئة أو تلك. 

وسيتمكن المواطنون اللبنانيون من كافة المناطق الإطلاع على الأعمال التي تمّ حظرها.
وكانت الإنطلاقة من جامعة "فينيسيا" في الجنوب، ومن ثم كانت محطة طرابلس، ولاحقاً سينتقل المعرض إلى البقاع زحلة ومن ثم بيروت في أكتوبر/تشرين الأول المقبل. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها