الأحد 2017/09/24

آخر تحديث: 15:16 (بيروت)

سامي الجميل.. صورة معارض يساريّ معرّضة للتهشيم

الأحد 2017/09/24
سامي الجميل.. صورة معارض يساريّ معرّضة للتهشيم
يخط سامي الجميل مسيرة جديدة في رحلة الحزب الذي يعتبر من مؤسسي "الكيان" (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
"الانتصار" الذي حققه النائب سامي الجميّل أخيراً، بعد ردّ قانون الضرائب الى مجلس النواب، يبني عليه صورة اعلامية جديدة، ليس بوصفه خاتمة لحقبة "نضالية" جديدة ضد السلطة قاربت العامين، بل كونه خطوة اولى تؤسس لـ"انجازات" في موقع المعارضة، يتخطى مردودها بأضعاف ما يمكن تحقيقه لو كان جزءاً من السلطة. 


المؤشرات التي دفعت الى هذا الاعتقاد، تكشفها المداولات الالكترونية خلال اليومين الماضيين، في ضوء رد المجلس الدستوري قانون الضرائب المطعون به الى مجلس النواب، وهو ما اعتبره الجميل "انتصاراً" محذراً من التلاعب بالسلسلة. وكانت كلماته بمثابة مفتاح تشغيل حملة الكترونية كتائبية تحت عنوان "فجر الدستور"، رفعت شعار "استردينا الامل بلبنان". 

الواقع أن الجميل، في "انجازه"، خرج من صورة "المعارض لأجل المعارضة فقط"، كما ظهر في جلسات برلمانية سابقة، لم تُأخذ فيها ملاحظاته على محمل الجد، وابرزها في جلسة انتخاب الرئيس عون في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي، وهو ما وضعه بمواجهة رأي عام مُحبَط، عبّر عن احباطه بسخرية من الجميل. 

فصورته، على مدى أكثر من عامين، منذ سحب وزرائه من حكومة الرئيس تمام سلام، ورفضه المشاركة في حكومة الرئيس سعد الحريري في ضوء اعتراضه على حصته الوزارية، لم تكن تتخطى اطار "الاستعراض" بحسب خصومه، ورأوا فيها إمتداداً لمنحى "التجريب" في صفوف المعارضة، بدءاً من عناوين رفض السلاح، مروراً برفع الصوت ضد "توطين النازحين"، وظهوره الاول كحامٍ للأعراف الديموقرطية وتطبيق الدستور، وصولاً الى الاعتراض على المداولات حول مراسيم النفط، والاعتراض على الضرائب.

لعل تجربة الاعتراض الاخير، هي الاكثر شعبوية، كونها تلامس شريحة كبيرة من المواطنين، متضررة من الضرائب التي لم تقتصر على موظفي القطاع العام، الذين ستطالهم سلسلة الرتب والرواتب، بل ستطال البسطاء وموظفي القطاع الخاص وأرباب العمل، وهي فئات تناهز الثلثين من طبقة العمال في لبنان. ظهر مدافعاً عن حقوق هذه الفئة، في مقابل توافق معظم القوى السياسية على اقرار القانون، ما وجد فيه موقعاً متمايزاً، وخطاً معارضاً بعناوين يتقاسمها مع اليسار، لأول مرة في تجربة "الكتائب". 
بذلك، يخط سامي الجميل مسيرة جديدة في رحلة حزب يعتبر من مؤسسي "الكيان"، وأحد أركانه وحُماته، معارضاً لتجربة اليسار على مدى 30 عاماً، وتمثل في حكومات السلطة منذ وصول الرئيس فؤاد شهاب اليها، حتى وصول سليمان فرنجية الجد. ولم يكن معارضاً للسلطة الا في حقبتين رئاسيتين (سليمان فرنجية والياس سركيس) بعناوين سياسية، وليس بعناوين عمالية. ومع تلاشي قدرة الحشد الكتائبي الآن بالتوجهات السياسية التي ينافسه عليها "التيار الوطني الحر" وحزب "القوات اللبنانية"، حفظ سامي لنفسه دوراً في سياق مطلبي، صنع صورته الحالية كنائب معارض، ملتصق بالفقراء، ومعاد للسلطة "النهمة". 

لكن هذا "الانجاز"، وضعه بمواجهة سلطة، تستدرجه الى مقتل انتخابي، بتصويره مسؤولاً عن احباط سلسلة الرتب والرواتب، كون الطعن الذي تقدم به يعيد النظر بالضرائب التي ستمول السلسلة. 

وفي مقابل اصراره على الفصل بين السلسلة والضرائب، فإن السلطة توحي بأنه مسؤول عن حرمان البسطاء من حق مالي، ومدافع عن المصارف وحيتان المال. في ذلك، محاولة لتهشيم صورته الجديدة التي بنى عليها نشاطه الجديد وخطه السياسي على اعتاب انتخابات نيابية، قد لا يحتفظ فيها بحصته الحالية إذا انسحب تحالف الثنائي "الوطني الحر" و"القوات" على كافة الدوائر الانتخابية. 

سامي الجميل، صورة لزعيم شاب ملتصق بالفقراء، ومدافع عن حقوقهم، لكنها قد لا تبقى كذلك في ظل الاصطفاف على عناوين "سيادية" و"كيانية"، وتحالف رجال الاعمال، إذا ما اسقطت السلسلة بحجة عدم القدرة على تمويلها بعد الطعن بالضرائب. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها