الجمعة 2017/09/01

آخر تحديث: 01:14 (بيروت)

إمام الجامع الأموي.. نازيّ

الجمعة 2017/09/01
إمام الجامع الأموي.. نازيّ
increase حجم الخط decrease
مع أولى أيام عيد الأضحى لن يتساءل السوريون على الأغلب أين سيصلي رئيس النظام السوري بشار الأسد هذه المرة صلاة العيد، وكيف سيوجه ظهوره الرمزي المرتقب في أي مكان من سوريا، حلب أو حمص أو الساحل السوري، رسائل سياسية للنصر الذي يروج له النظام بشدة مؤخراً، لأن اهتمامهم سيتركز على ما سيقوله إمام الجامع الأموي مأمون رحمة من عجائب مضحكة، قد تصل إلى حد تشويه الدين الإسلامي نفسه، بعد تصريحاته العجيبة في خطبة يوم الجمعة الماضي، عندما دعا السوريين إلى الحج في جبل قاسيون بدلاً من جبل عرفات في السعودية، مستشهداً بأقوال للزعيم النازي أدولف هتلر "عليه السلام" بدلاً من الاستشهادات التقليدية من القرآن أو الأحاديث النبوية.


ومنذ العام 2013، عندما تولى رحمة منصبه كإمام للجامع الأموي صاحب الرمزية الكبيرة لدى السوريين والمسلمين عموماً لارتباطه بعدة نبوءات دينية مقدسة، تحولت خطب "الأموي" يوم الجمعة والمناسبات الدينية المختلفة التي تبث مباشرة عبر الشاشات الرسمية، إلى مزيج غريب من الدعاية السياسية المباشرة، في وقت ينبغي أن تركز تلك الخطب عموماً على النواحي الدينية للمصلين، مع توجيهات عامة من وزارة الأوقاف في حكومة النظام لإقصاء السياسة عن الخطب الدينية، وهي دعوات يشارك فيها رحمة نفسه الذي يستنكر في كثير من لقاءاته وتصريحاته استغلال المساجد لأغراض سياسية "معارضة".



والحال أنّ من يستمع لخطب إمام الجامع الأموي الكبير في دمشق، مأمون رحمة، المنتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يعتقد لوهلة أنه يتابع مجموعة مذهلة من مقاطع الفيديو الساخرة الساعية إلى إحداث هزة "نبيلة" في جذور الدين الإسلامي، التي لا يجرؤ أحد على المساس بها، عبر الكوميديا لانتقاد دور رجال الدين عموماً في خدمة السلطات عموماً وفي الدول الاستبدادية بشكل خاص، كسوريا التي طالما ادعى نظامها السياسي علمانية زائفة.


وتتعدد المواقف الكوميدية لرحمة، من الاستشهاد بأقوال لهتلر إلى الإشادة بالزعيم الروسي فلاديمير بوتين إلى الدعوة لتقبيل أرجل مقاتلي حزب الله إلى توجيه الشتائم للمعارضين، رغم أن الكلمات البذيئة والسخرية أمر لا يجوز برجال الدين وتحديداً في "بيوت الله"، علماً أن الأمر برحمة إلى تشبيه عضو الائتلاف السوري المعارض رياض حجاب بالفقمة وتشبيه المعارضين بـ "الثيران"، فضلاً عن الاستهزاء بمطالب المواطنين في الحق على الحصول على الكهرباء مثلاً لأنه يجب دفع الثمن أولاً بإرسال المقاتلين للالتحاق بجيش النظام، وصولاً لإطلاق فتوى بأن زيارة معرض دمشق الدولي هي فرض عين على كل سوري مسلم!


ولا يعتبر رحمة، مجرد أداة لبث بروباغندا النظام السوري والترويج لها بين حشود المؤمنين، السنة تحديداً في العاصمة وبقية أنحاء سوريا، بل هو أسطورة حية بناها النظام بإتقان لا يخلو من هزلية كوميدية، ليلعب ذلك الدور التشبيحي من منبره "المقدس"، فقبل توليه منصبه الحالي كان رحمة مجرد خطيب في أحد مساجد بلدة كفر بطنا في الغوطة الشرقية، وربما لم يكن أحد يسمع باسمه أصلاً، رغم دوره منذ العام 2011 في انتقاد الثورة السورية، لكن اسمه لمع فجأة عند رفضه الامتثال لتعميم من وزارة أوقاف النظام طلبت فيها من أئمة المساجد التوقف عن الدعاء للرئيس بشار الأسد في خطب الجمعة، كما كان عليه الحال، في محاولة لامتصاص شيء من الغضب الشعبي حينها.


بعدها بدأ النظام يرسم أسطورة لا تصدق حول رحمة، لإعطائه مصداقية وهالة من القدسية أمام السوريين المؤمنين الذين يعطون كثيراً من الأهمية لما يقوله رجال الدين كقادة رأي في المجتمع، وهكذا يقول النظام أن المعارضة المسلحة اختطفت رحمة وعذبته ثم حاولت قتله العام 2012، وقطعت أذنه وأجبرته على أكلها قبل أن تطلق عليه حكماً بالإعدام الميداني الذي نفذ بإطلاق رصاصة داخل فمه، لكن "الدولة السورية" قامت بعلاجه وشفته وأعادته من الموت، وأعادت له قدرته على النطق والسمع، وكافأته على ولائه بإعطائه منصب إمام الجامع الأموي الكبير.


ورغم هزلية القصة وسطحيتها إلا أن النظام راهن على أن كثيراً من الناس سوف يصدقونها بالكامل أو يصدقون الجزء المتعلق بالاختطاف والتعذيب مع عدم وجود سردية أخرى، خصوصاً أن النظام يميل لتكذيب خطاب المعارضة الذي لا يتوفر إلا عبر منصات المعارضة نفسها، وفيه أن أذن رحمة قطعت بعدما تلقى ضربة من أحد المصلين بعدما أصر رحمة على الدعاء للأسد في إحدة خطب الجمعة ما أدى لغضب كبير بين الناس حينها، في وقت لم تكن فيه الثورة قد تحولت إلى العسكرة على نطاق واسع وتحديداً في كفر بطنا.


إلى ذلك، لا تتوفر الكثير من المعلومات المتوفرة حول رحمة، لكن المواقع السورية المعارضة تشير إلى ارتباطه بأجهزة الاستخبارات السورية، وهو أمر مألوف في كافة أنحاء البلاد، مع التداخل الكبير بين السلطتين الدينية والسياسية، حيث تعتبر البروباغندا الدينية وسيلة سهلة ورخيصة للتأثير على المواطنين عموماً، ويبرز الكثير من الأمثلة لاستغلال النظام السوري للدين في تمرير رسائله، مثل الشيخ ياسر الخطيب، إمام جامع الرازي سابقاً، الذي أصبح نجماً عبر السوشيال ميديا مؤخراً بسبب مقاطعه التي يهاجم فيها اللاجئين السوريين في أوروبا ويدعو السوريين "للعودة إلى حضن الوطن"، من دون الحديث عن مفتي النظام بدر الدين حسون، صاحب المواقف المعروفة في صياغة الخطاب الديني للنظام.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها