الأربعاء 2017/08/09

آخر تحديث: 17:42 (بيروت)

إليسا و"الإنجاز الوطني"

الأربعاء 2017/08/09
إليسا و"الإنجاز الوطني"
increase حجم الخط decrease
الاحتفال بتصدر صورة المغنية اللبنانية إليسا غلاف مجلة "فوربس" في الشرق الأوسط، بوصفه "إنجازاً وطنياً"، يماثل الى حدّ كبير الانجازات الوطنية الاخرى التي حققها لبنان في قائمة "غينيس"، والتي أثارت انتقادات واسعة، كونها لا ترقى الى مستوى الانجازات العالمية.
في حالة "غينيس"، "الانجاز" صحيح، لكن مضمون التصنيف لا يرقى الى مستوى اعتباره حدثاً وطنياً وإنجازاً قومياً.. وفي حالة مجلة "فوربس"، فإنه أيضاً لا يستدعي أن يحمله اللبنانيون على محمل الانجاز الوطني، ذلك ان المجلة خصّصت عددها للائحة من 100 نجم في الشرق الاوسط، واحتلت إليسا النسخة الانكليزية، بينما احتل الموسيقي المصري حسن الشافعي غلاف النسخة العربية.
 
إذن، مناسبة الغلاف تسحب منها التصورات السابقة، رغم الاعتراف بموهبة إليسا، وشعبيتها. أما الاحتفاء بقدرة إليسا على التأثير، بالنظر الى أن لوائح "فوربس" تراعي تلك المقاربة، فهو كلام يحتاج الى اعادة نظر، رغم أن إليسا من أبرز المغنين الذين يجاهرون بمواقف سياسية، ومن الأوائل في صف المغنين اللبنانيين الذين يتسمون بالجرأة في الافصاح عن موقف سياسي، قد يكون اشكالياً بالنسبة لبعض اللبنانيين.

وإذا ما استعرضت تجربة إليسا "التأثيرية" من الناحية السياسية، فإنها لا تقارب بأي شكل من الأشكال الجدل الذي كان يحدثه أي تصريح أو فعل سياسي للمغني الراحل ملحم بركات، أو الموسيقي زياد الرحباني أو فيروز.. وبالتالي، فإن التأثير من هذه الزاوية يكاد يكون معدوماً، باستثناء بعض المؤيدين أو المعارضين للموقف الذين يعبرون عنه رداً على تغريداتها. 

أما التأثير في القضايا الانسانية، فإنه يكاد يكون معدوماً، تماماً كما هي الحال مع العشرات من المغنين العرب، وبينهم حاملو ألقاب "سفراء النوايا الحسنة". أما في الموسيقى، فإن إليسا تماثل تأثير آخرين في الساحة اللبنانية، أو تأتي في مرتبة أدنى منهم، حين تجري المقارنة مع نانسي عجرم ووائل كفوري.. وإذا ما قيس الموضوع بالشهرة عربياً، فإن إليسا لا يمكن أن تتعدى موقعها المتواضع مقارنة بتأثير سميرة سعيد أو كاظم الساهر، أو عدد كبير من الفنانين المصريين (ليس حسن الشافعي من ضمنهم) الذين تصدروا غلاف "فوربس" الأخير بالنسخة العربية. 

من هنا، يصبح التأويل بأن إليسا ارتقت بلبنان الى مصاف العالمية، جزءاً من دعاية عقيمة، تماثل ما تمت مقاربته في السابق بوصف هيفاء وهبي عالمية، وذلك بعد تصنيفها من قبل موقع ELLE الأميركي ضمن سبع نجمات غير أميركيات بلغن العالمية. 

المفارقة أن هؤلاء الذين يقدمون إليسا (أو سواها) على أنها "قوة مؤثرة" في العالم، يذهبون في المقاربة الى المبالغة في التقديرات، وتجاهل مقاربة أهمّ مرتبطة بإيجابية تصدُّر إليسا، أو سواها، وسائل إعلام عالمية، بوصفها إنقاذاً من صورة لبنان في الإعلام العالمي والتي تكاد تحصر البلد في أزماته. 

ذلك ان الايجابي في الاختيار، أن لبنان ما زال يحتل حيزاً من الاهتمام العالمي. قد يكون اختيار إليسا نقطة ضوء في عتمة التغطية الاعلامية العالمية التي شابت لبنان خلال الفترة السابقة، من الفضائح البيئية الى الفساد، وصولاً الى الفراغ الرئاسي والترهل في المؤسسات الحكومية. لكن ذلك لا يعني أن صورة إليسا على غلاف مجلة "فوربس" هي إنجاز وطني. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها