الثلاثاء 2017/08/08

آخر تحديث: 18:20 (بيروت)

ترامب يقدم "الأخبار الحقيقية": سوفياتي في البيت الأبيض!

الثلاثاء 2017/08/08
ترامب يقدم "الأخبار الحقيقية": سوفياتي في البيت الأبيض!
لارا ترامب: "أراهن بأنكم لم تسمعوا بكل إنجازات الرئيس هذا الأسبوع بسبب الأخبار الكاذبة، وهنا لمحة"
increase حجم الخط decrease
بعد ثمانية أشهر على وجوده في البيت الأبيض، لا يعتاد متابع السياسة الأميركية على وجود دونالد ترامب الخاطئ على رأس السلطة في واشنطن، ليس بسبب سياساته المتناقضة والعشوائية وخلافاته الداخلية التي لا تنتهي مع أعضاء إدارته مثل وزير الخارجية ريكس تيليرسون ووزير العدل جيف سيشنز وآخرين، بل بسبب تصرفاته كديكتاتور لا ينتمي للديموقراطية الغربية، أو كسياسي فوضوي خارج عن النظام "Anti-establishment" في أفضل تقدير.


ويأتي المشروع الجديد الذي أطلقه ترامب، عبر صفحته الشخصية في "فايسبوك" ضمن هذا السياق المظلم، وفيه يقدم الرئيس بصورة "رسمية" فيديوهات أسبوعية يقول أنها تمثل "الأخبار الحقيقية" في وجه "الأخبار الكاذبة" التي تحيط به من طرف وسائل الإعلام الرئيسية في البلاد، في آخر فصول المواجهة الحامية بين الطرفين.

ما يجعل المشروع يميل نحو الديكتاتورية، هو اعتماد ترامب على عائلته لتقديم البروباغندا اليائسة التي تلمع صورته، وكأنه يتعامل مع الرئاسة كإرث عائلي مثلاً على غرار العائلات الديكتاتورية في الشرق الأوسط. حيث قدمت النشرة الأولى من المشروع، لارا ترامب، زوجة ابنه إيريك: "مرحباً جميعاً، معكم لارا ترامب، أراهن بأنكم لم تسمعوا بكل إنجازات الرئيس هذا الأسبوع لأن هناك الكثير من الأخبار الكاذبة عنه، نريد أن نعطيكم لمحة عن أسبوعه".



وأوضح ترامب عبر حسابه الشخصي في "تويتر" أن وسائل الإعلام تتجاهل التحدث عن "إنجازاته" وأن الهدف من خطوته فقط هو ملء ذلك الفراغ وأخذ تلك المهمة على عاتقه، لكن السلسلة قد تكون تمهيداً لمشروع أكبر على ما يبدو يحمل تسمية "تلفزيون ترامب" حسبما تخوفت صحف أميركية كبرى، وقد يكون ذلك بداية لعهد من الظلام والرقابة والتحكم بالإعلام في دولة لا إعلام رسمياً فيها على الإطلاق.


وفي مقطع الفيديو الثاني الذي بثه ترامب يوم الأحد الماضي، ظهرت المذيعة السابقة في شبكة "سي إن إن"، كايلي مكناني، قبل ساعات من تسلمها منصب المتحدث الرسمي باسم الحزب الجمهوري، وقدمت نشرة بروباغندا صرفة تم تصويرها في "ترامب تاور" في مدينة نيويورك.



في ضوء ذلك، تهكم الأميركيون بقسوة على مكناني، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بالقول أنها تشابه المذيعات في تلفزيون كوريا الشمالية واللواتي يمجدن الديكتاتور كيم جونغ أون، أو كأنها تقدم "الحقيقة" بعد تهديدها بقوة السلاح مثلاً. فيما علّق المدون المحافظ والمقدم الإذاعي المعروف إيرك إيركسون بالقول "هذا مشهد سوفياتي جداً"، بينما قال المعلق الليبرالي كيث أولبرمان أن الهدف الحقيقي من "تلفزيون ترامب" هو "استبدال الأخبار".


اللافت هنا أن هذه الخطوة تأتي بعد أقل من شهر على تقارير إعلامية أميركية، أشارت إلى أن صهر ترامب، والمستشار البارز في البيت الأبيض، جاريد كوشنر، بحث إمكانية إنشاء شبكة تلفزيونية كبرى تحمل علامة ترامب واسمه، مع "صديق" لم تعرف هويته بعد. ورغم نفي تلك الأنباء إلا أن ظهور "تلفزيون ترامب" يبدو مقلقاً للغاية، وخطوة في طريق تخلي ترامب عن قيمة الإعلام الحر، لصالح إنشاء وسائل إعلام خاصة به. ويصبح ذلك مشكلة وجودية بالنسبة للولايات المتحدة، بالنظر إلى أن الإعلام الحر، الذي لا يعتبر فقط أحد أركان الديموقراطية الأميركية، بل أحد أركان الولايات المتحدة كدولة وحضارة.

في السياق، قالت نيكول والاس، مديرة الاتصالات في البيت الأبيض خلال فترة الرئيس السابق جورج دبليو بوش، في تصريحات نقلتها "سي إن إن"، أن ترامب تخلى عن وسائل الإعلام الرئيسية نهائياً، ويبدو أنه استسلم. لكن ذلك قد لا يكون دقيقاً تماماً، لأن الحملة قد تكون موجهة بالتحديد لأنصار ترامب وداعميه، من أجل توفير تغطية إيجابية على الرئيس في ظل استطلاعات للرأي تشير إلى أن قاعدة ترامب الشعبية تتقلص بشكل متسارع، علماً أن خيار "عداء الإعلام" الذي ينتهجه ترامب في استراتيجيته هذه لن يجلب له رضى الناخبين الذين يعادونه أصلاً، وبالتالي لن يسهم في توسيع قاعدته الشعبية.

ويعاني ترامب، انهياراً في شعبتيه في أربع ولايات رئيسية صوتت له، هي فلوريدا وأوهايو وويسكنسون وبنسلفانيا، بحسب استطلاع للرأي أجرته شركة "فيرهوس ستراتيجيز للشؤون العامة"، وقد يكون ذلك متعلقاً بشهور من الحرب الإعلامية ضد الرئيس من طرف وسائل الإعلام الكبرى، في ما يخص علاقته المشبوهة مع روسيا، وفشله الذريع في إقرار قانون الرعاية الصحية الجديد بدلاً من قانون "أوباما كير"، ما خلق شرخاً داخل الحزب الجمهوري المتمتع بغالبية ساحقة في مجلسي الشيوخ والنواب.

وبحسب الاستطلاع ذاته، تقلصت القاعدة الداعمة لترامب من 35.3% من الناخبين الذين أبدوا وجهة نظر "مواتية" له في شهر نيسان/أبريل، وهو الشهر الذي شهد الكمّ الأكبر من التعاطف الإعلامي مع ترامب بعد ضربته العسكرية ضد النظام السوري وتصرفاته حينها كمجرد رئيس جمهوري طبيعي، الى 28.6% فى الاسبوع الماضي. علماً أن غالبية الانحسار كانت في صفوف الجمهوريين أنفسهم، حيث تراجعت وجهات النظر الإيجابية تجاهه بين الناخبين الجمهوريين من 54.1% إلى 44.9%، في حين ارتفعت وجهات النظر السلبية تجاهه من 20.5% إلى 27.9%.


من جهتها، علقت رئيسة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، رونا رومني ماكدانيل، بأن مكناني ستكون جزءاً محورياً من التزام الحزب بنشر الأفكار الجمهورية في أميركا، مضيفة أن "خبرتها ستكون قيمة للغاية بينما ندعم الرئيس ترامب ونعزز غالبيتنا في الكونغرس في انتخابات 2018". فيما قالت مكناني أنها "حريصة على الحديث عن أفكار وقيم الحزب الجمهوري وإجراء مناقشات مهمة حول القضايا التي تؤثر في الأميركيين في أنحاء البلاد" من دون أن تعلق على مشروع "الأخبار الحقيقية".

وأفادت حملة ترامب لانتخابات العام 2020، أنها ستستخدم الخدمة الجديدة "للاستمرار في تعزيز الأخبار الحقيقية" حول قيادة ترامب للبلاد "كي يجعل أميركا عظيمة مجدداً"، مضيفة أنها ستستخدم "أخبار الأسبوع" عبر وسائل التواصل الاجتماعي "لإجراء محادثات مباشرة مع الأميركيين".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها